أزمة هوية أو حملة شيطنة.. هل خسر المهاجرون المسلمون معركة الاندماج في بريطانيا؟

بينما تواصل بريطانيا تأكيدها على قيم التعددية والاندماج، تكشف الأرقام أن الواقع الشعبي بات يحمل قلقًا متزايدًا من الإسلام والمسلمين.

وأظهر استطلاع جديد للرأي أن 4 من كل 10 بريطانيين يرون أن المهاجرين المسلمين يؤثرون سلبًا على المملكة المتحدة، بينما يؤمن أكثر من نصفهم بأن الإسلام ذاته لا يتماشى مع القيم البريطانية.

نتائج استطلاع تثير الجدل

الاستطلاع الذي أجراه معهد “يوغوف” لصالح جماعة إسلامية بريطانية، جاء قبيل انعقاد “الجلسة السنوية” — وهو أكبر مؤتمر إسلامي في البلاد — الذي يُتوقع أن يحضره أكثر من 40 ألف شخص في هامبشاير هذا الأسبوع.

ورغم شمول الاستطلاع لمهاجرين من ديانات متعددة، فإن المسلمين سجلوا النسبة الأعلى من النظرة السلبية، مقارنة بـ:

15% للمهاجرين الهندوس ، 14% للسيخ ،  13% لليهود ، 7% فقط للمسيحيين

أما في الجهة المقابلة، فلم يرَ سوى 24% من المشاركين أن للمهاجرين المسلمين تأثيرًا إيجابيًا على المجتمع، وهي النسبة الأدنى بين كل الفئات الدينية.

الإسلام وبريطانيا

بحسب تقارير فعندما سُئل المشاركون عن مدى توافق الإسلام مع القيم البريطانية، قال 53% إن الإسلام لا يتماشى معها، بينما رأى 25% عكس ذلك، و22% لم يحددوا موقفهم.

هذه الأرقام وصفها أحد الأئمة البارزين في بريطانيا بأنها “تثير القلق بشكل عميق وتعكس تنامي مشاعر العداء تجاه المسلمين”، محذرًا من أن هذا الاتجاه قد يُقوض أسس التعايش، ويغذي خطابات الرفض والشيطنة.

مؤتمر مفتوح أمام المتشككين

ردًا على هذه الموجة المتصاعدة من التشكيك، أعلن منظمو المؤتمر الإسلامي السنوي عن فتح أبوابه للمترددين والمتشككين في الإسلام.

مؤكدين أن المؤتمر يسعى إلى الإجابة على الأسئلة وتبديد المخاوف، وأنه سيشهد مشاركة اثنين من الناخبين الإصلاحيين الذين يسعون لفهم أعمق للدين الإسلامي من داخل مجتمعاته.

هل تواجه بريطانيا أزمة هوية؟

هذه النتائج تفتح الباب أمام تساؤلات صادمة هل تعكس هذه المواقف أزمة هوية في المجتمع البريطاني إزاء تزايد التنوع الديني والثقافي؟ أم أننا نشهد حملة شيطنة ممنهجة للإسلام تُغذيها رواسب إعلامية وخطابات سياسية؟

في ظل تصاعد جرائم الكراهية ضد المسلمين، وارتفاع حدة الخطابات اليمينية المتطرفة، يجد المسلمون في بريطانيا أنفسهم أمام تحدٍ متجدد في إثبات انتمائهم الوطني دون التنازل عن هويتهم الدينية.

المسلمون في بريطانيا

بحسب أحدث بيانات تعداد المملكة المتحدة لعام 2021، بلغ عدد المسلمين في إنجلترا وويلز أكثر من 3.9 ملايين مسلم، أي ما يعادل نحو 6.5% من إجمالي السكان، وهي أعلى نسبة منذ بدء تسجيل بيانات الانتماء الديني في البلاد.

وتتركز الكثافة السكانية للمسلمين في المدن الكبرى مثل لندن ومانشستر وبرمنغهام، حيث تلعب الجالية المسلمة دورًا مهمًا في قطاعات متعددة تشمل الاقتصاد والتعليم والرعاية الصحية.

ورغم هذه المشاركة الفاعلة، فإن الجالية لا تزال تواجه صعوبات في الاندماج الكامل، نتيجة التوترات السياسية، وتنامي التصورات السلبية التي تعكسها استطلاعات الرأي ووسائل الإعلام.

هذه الفجوة بين الواقع الإحصائي والموقف الشعبي تثير تساؤلات جدية حول ما إذا كانت بريطانيا تسير بالفعل نحو مجتمع متعدد الهوية، أم أنها تخوض صراعًا مكتومًا مع مفهوم “الآخر” الديني.

من الاندماج إلى الدفاع عن الوجود

يشير محللون إلى أن المسلمين في بريطانيا لم يعودوا يسعون فقط للاندماج، بل أصبحوا في موقع الدفاع عن وجودهم وحقهم في التمثيل والمشاركة، وسط بيئة اجتماعية لا تخلو من التوجس.

وتتزايد الحاجة إلى حوار مفتوح وغير منحاز يعالج هذه التصورات المشوّهة ويعيد التوازن إلى النقاش العام حول الإسلام في الغرب.

اقرأ أيضًا: انسحاب أمريكي يطيح بآمال الهدنة.. إلى أين تتجه غزة؟

زر الذهاب إلى الأعلى