أسعار الأسماك ترفض التراجع.. التجار: “مش بإيدينا”.. وخبراء: الحل في القطاع الخاص
القاهرة (خاص عن مصر) ظلّت الأسماك بأنواعها المختلفة الملجأ الأساسي لكل المواطنين وقت ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، باعتبارها من البروتينات ذات السعر المعقول، وفي الوقت نفسه تتوافر بصورة دائمة دون أزمات وبأنواع عديدة.
ولكن كحال غيرها من السلع، شهدت الفترات الماضية موجة ارتفاعات متتالية في أسعار الأسماك، وباتت من الأطعمة المكلفة أيضًا وذلك على الرغم من ارتفاع الإنتاج المحلي والعالمي بفضل مشروعات الاستزراع السمكي التي تم التوسع فيها خلال السنوات الماضية.
الاكتفاء الذاتي من الأسماك في مصر
خلال السنوات الماضية نفذت مصر العديد من المشروعات القومية بهدف زيادة الإنتاج السمكي، وبالفعل تسببت تلك المشروعات في زيادة معدلات الإنتاج، حيث يبلغ إجمالي الإنتاج السنوي في مصر من الأسماك ما يقرب من 2 مليون طن بنسبة اكتفاء ذاتى تصل إلى حوالى 85 %.
اقرأ أيضًا: مصر تصنع أحدث أساطيل صيد الأسماك في الشرق الأوسط
الأمر لم يتوقف على ذلك فحسب، بل إن مصر تحتل في الوقت الحالي المركز الأول إفريقياً والسادس عالمياً فى الاستزراع السمكي، كما أنها تحتل أيضاً المركز الثالث فى إنتاج أسماك البلطي وسوف تزيد نسبة الاكتفاء الذاتي وفوائض للتصدير مع دخول كل المشروعات القومية الإنتاج بكامل طاقتها.
ومن بين المشروعات العملاقة التي تنفذها مصر في الثروة السمكية بركة غليون، الفيروز، وقناة السويس، بالإضافة إلى إطلاق مبادرة “بر أمان” لدعم الصيادين ومساعدتهم على العمل بصورة منتظمة، كما تم أيضًا إصدار قانون تطوير وتنمية البحيرات والذي يستهدف منع التعديات عليها، وتحقيق أكبر استفادة ممكن من إنتاجها.
حملات مقاطعة الأسماك
وقبل فترة وبسبب ذلك الارتفاع غير المبرر في كثير من الأحيان، دشن كثير من المواطنين حملات لمقاطعة شراء الأسماك تحت اسم “خليه يعفن”، ودعوا فيه إلى ضرورة التوقف عن شراء الأسماك لفترة قصيرة حتى تعود الأسعار إلى طبيعتها مرة أخرى.
وبالفعل لاقت تلك الحملات ردود أفعال كثيرة في مختلف المحافظات، إذ تجاوب معها المواطنون، إلى أن نجحت في تخفيض الأسعار بصورة ملحوظة، وكانت محافظات الإسكندرية وبورسعيد ودمياط والإسماعيلية والشرقية وبني سويف والسويس والغربية هي صاحبة النصيب الأكبر من حملات المقاطعة.
قلة المعروض من الأسماك في الأسواق
وأكد عدد من تجار الأسماك أن ارتفاع الأسعار أمر خارج عن إرادتهم، إذ إنه خلال الفترة الماضية ومع ارتفاع درجات الحرارة خلال شهور الصيف يتراجع الإنتاج بشكل ملحوظ ما يؤدي إلى قلة المعروض، حيث أكد محمود نعيم – بائع أسماك – أن الإقبال على شراء الأسماك تراجع بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية بسبب ارتفاع الأسعار، وقال إن البطلي بعد أن كان “ملجأ الغلابة” أصبحت أسعاره في ارتفاع أيضًا.
اقرأ أيضًا: تحسين حياة 260 مليون سمكة.. طفرة في رعاية أسماك البلطي في مصر
وأضاف أن الكيلو يترواح بين 75 و95 جنيهًا حسب المنطقة وحجم السمك نفسه، أما المكرونة تتراوح بين 80 و100 جنيهًا، فيما تبدأ أسعار الجمبري من 350 إلى 600 جنيهًا، وسعر البياض بين 120 و 140 جنيهًا.
واتفق معه في الرأي السيد سعيد بائع أسماك، حيث يرى أن ارتفاع أسعار الأسماك تسبب في تراجع في حركة البيع والشراء، حيث أصبحت أسعار الأسماك مثلها مثل الدواجن، وبالتالي يفضل البعض شراء الدواجن، وأشار إلى أنه يتوقع أن تتراجع الأسعار خلال الفترة المقبلة مع دخول فصل الشتاء والذي يزداد فيه الإنتاج ما يسمح بزيادة المعروض وبالتالي تراجع الأسعار.
إشراك القطاع الخاص في الإدارة والتشغيل
من جانبه أكد د. جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، أن بعض المشروعات القومية ما زالت لم تصل إلى الإنتاجية الكاملة، وبالتالي تحتاج إلى عدد من الحلول للوصول إلى أهدافها المنشودة، ودعا إلى إشراك القطاع الخاص في إدارة وتشغيل تلك المشروعات وفقط اشتراطات تحددها الدولة وذلك في إطار خطط التخارج التي يتم تنفيذها في الوقت الحالي.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ”خاص عن مصر” أن مصر تتمتع بمزايا نسبية في ملف الأسماك، إذ يقع على حدودها 3 آلاف كيلو بحار، ونهر النيل والبحيرات العديدة، ورغم ذلك فإن معدلات الصيد البحري تحديدًا في تراجع مستمر، وبالتالي يجب التوسع في منح المزايا والحوافز للصيادين، مع إمدادهم بأحدث المعدات ضمن مبادرة “بر أمان”.
وقال إنه يجب العمل أيضًا على تحديد أسباب تراجع إنتاج بعض البحيرات مثل بحيرة ناصر، حيث يصل إنتاجها حاليًا إلى 20 ألف طن فقط، في الوقت الذي كانت تنتج فيه في السابق حوالي 80 ألف طن، كما أن بعض البحيرات يصل إنتاج الفدان فيها إلى 6 أطنان ومع بعض التحديثات والتطوير يمكن أن تصل إنتاجية الفدان إلى 10 أطنان.
استيراد الأعلاف أهم أسباب الأزمة
بينما أشار هاني المنشاوي، رئيس شعبة الأسماك بغرفة الصناعات الغذائية، إلى أن أسعار الأسماك الحالية قد تكون “مبالغ فيها” بالفعل، وهو الأمر الذي تسبب في هدوء حركة البيع والشراء، وأضاف أن أهم الأسباب في ذلك الارتفاع هو زيادة أسعار الأعلاف عالميًا ما أثر بشكل كبير في الأسعار في الداخل.
وأضاف المنشاوي في تصريحات خاصة لـ”خاص عن مصر” أن من بين الأسباب أيضًا ارتفاع أسعار المحروقات خلال العام الحالي وبالتالي زيادة تكلفة خروج المراكب للصيد، وكذلك ارتفاع أسعار الكهرباء وأجور العمالة، وكلها عوامل توضع في الحسبان عند تحديد السعر النهائي للمنتج.
ارتفاع الطلب على الأسماك
بينما أوضح المهندس محمدي البدري الخبير الزراعي، أن نسبة الاكتفاء الذاتي لمصر من الأسماك تصل إلى 85 %، ولكن ارتفع الطلب على الأسماك بشكل كبير بعد الارتفاع في أسعار اللحوم الحمراء والدواجن، ما تسبب في ارتفاع أسعار الأسماك أيضًا.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ”خاص عن مصر” أن من بين أسباب زيادة الأسعار أيضًا ارتفاع أسعار العلف وكذلك ارتفاع أجور العمالة وارتفاع أسعار الطاقة، فكل هذه الأسباب وغيرها أدت إلى ارتفاع سعر الأسماك، بالإضافة إلى سلسلة الوسطاء بين المنتج والمستهلك.
وقال: لكن يجب الأخذ في الاعتبار أنه يجب الحد من سلسلة الوسطاء وإنتاج سلالات جديدة من أسماك البلطى وهو السمك الشعبى الذى يتناوله عليها أغلب المصريين على أن تكون سلالات مقاومة الأمراض وذات معدل نفوق منخفض، مع العمل علي تشجيع نظام الاستزراع التكاملى بين النبات والأسماك.