أشهر 5 قطع أثرية مصرية منهوبة في متاحف العالم

في أروقة المتاحف الكبرى حول العالم، من لندن وباريس إلى برلين وبوسطن، لا تزال كنوز مصر المسروقة بعيدة عن موطنها الأصلي. تقف هذه التحف الفريدة – مثل حجر رشيد، وبروج دندرة، وتمثال نفرتيتي – شاهدةً صامتة على قرون من الاستحواذ الاستعماري، ومقاومة مستمرة من أجل العدالة الثقافية.

حجر رشيد: رمز الهوية المصرية
يُعدّ حجر رشيد، وهو لوح من الجرانوديوريت منقوش بثلاث لغات، المفتاح لفك رموز الحضارة المصرية القديمة، وأشهر قطعة أثرية في المتحف البريطاني. اكتشفته قوات نابليون عام 1799، واستولى عليه البريطانيون عام 1801. ومنذ ذلك الحين، ظل وجوده في لندن محل نزاع دائم.

وصفه كبار علماء الآثار المصريين، وعلى رأسهم الدكتور زاهي حواس، بأنه “رمز للهوية المصرية”، وطالبوا مرارًا بإعادته، لا سيما مع حلول الذكرى المئوية لفك رموز الهيروغليفية. ورغم الالتماسات والضغوط المتكررة، يصرّ المتحف البريطاني على أنه لم يتلقّ طلبًا رسميًا، ويواصل تجاهل المطالب المصرية.

تمثال نفرتيتي النصفي: فن وجدل في برلين
يمثل تمثال نفرتيتي النصفي أحد أبرز رموز الجدل الثقافي العالمي. نحته الفنان المصري تحتمس نحو عام 1345 قبل الميلاد، واكتشفه عالم الآثار الألماني لودفيغ بورشارت عام 1912، في ظروف لا تزال محل تشكيك، ثم نُقل إلى ألمانيا بطريقة مثيرة للجدل.
أصرّ أدولف ه.تلر على الاحتفاظ بالتمثال في برلين، رافضًا أي مطالب مصرية بإعادته. واليوم، يُعدّ التمثال نموذجًا حيًا لممارسات “الاستحواذ الثقافي الاستعماري”.

زودياك دندرة: خريطة سماوية نُهبت من معبد حتحور
يُعرض زودياك دندرة اليوم في متحف اللوفر بباريس، بعدما انتزعه الفرنسيون عام 1821 من سقف معبد حتحور في مدينة دندرة بصعيد مصر. ويُعد الزودياك إحدى أهم القطع الفلكية في العالم القديم، إذ يُظهر تصور المصريين لحركة الأجرام السماوية والأبراج بطريقة نادرة وفريدة من نوعها.
تمثل هذه اللوحة الفلكية حالة نهب واضحة تعود للعهد الاستعماري، وقد طالبت مصر رسميًا باستعادتها. وتُجسد قصة زودياك دندرة الجدل الأوسع حول مشروعية حيازة المتاحف الغربية للكنوز الثقافية التي أُخذت خلال فترات الاحتلال والاستعمار.

تماثيل مسروقة من رموز الحضارة
من بين القطع الأخرى البارزة، تمثال “حميونو” مهندس الهرم الأكبر المعروض في ألمانيا، وتمثال “رمسيس الثاني” في إيطاليا. وكلاهما خرج من مصر في ظروف يشوبها الغموض، بين الاتجار غير المشروع، وغياب الأطر القانونية الصارمة في فترات الاحتلال.
كل قطعة من هذه الكنوز تمثل فصلًا من تاريخ تُركت فيه آثار مصر نهبًا في سوق الفن العالمي، بينما كانت القوى الاستعمارية تعتبرها غنائم حضارية.

سرقة المقابر.. جريمة قديمة بأقنعة معاصرة
لا تقتصر قصة نهب الآثار على المتاحف وحدها، بل تضرب بجذورها في تاريخ طويل من سرقات المقابر. منذ العصور الفرعونية، اجتذبت الكنوز الملكية اللصوص، الذين كانوا في أحيان كثيرة من داخل المجتمع نفسه، كالحرفيين والحراس المطلعين على أسرار المدافن.

تُوثّق برديات الأسرة العشرين محاكمات سارقي القبور وعقوباتهم، والتي كانت شديدة القسوة. ومع دخول الحقبة الاستعمارية، تطورت هذه السرقات إلى عمليات “تنقيب ممنهج”، قادها علماء آثار أوروبيون تحت مظلة امتيازات سياسية.

أقرا أيضا.. كيف أصبحت المعادن النادرة السلاح التجاري الأبرز للصين ونقطة الضعف الأمريكية؟
موجة عالمية جديدة لاسترداد الآثار
في السنوات الأخيرة، اكتسبت جهود مصر لاستعادة آثارها زخمًا متزايدًا. فقد قاد الدكتور زاهي حواس حملات دبلوماسية وشعبية للمطالبة بحجر رشيد، وتمثال نفرتيتي، وبروج دندرة، باعتبارها رموزًا لهوية مصر الثقافية والوطنية.

لكن مصر ليست وحدها. هناك موجة عالمية تتسع، تقودها دول من إفريقيا وآسيا، لتنظيم المؤتمرات، وإنشاء قواعد بيانات رقمية، وتوثيق الممتلكات الثقافية المنهوبة. وتشمل النجاحات: استعادة نيجيريا لبرونزيات بنين، وتركيا لآلاف القطع، وجهود الصين المستمرة لاسترجاع تراثها.

تُظهر هذه التحركات تحولًا تدريجيًا في الوعي العالمي، حيث يتنامى الضغط الشعبي والمجتمعي من أجل تصحيح المظالم التاريخية، وعودة الكنوز الثقافية إلى أوطانها الأصلية.