أصابع طهران تعبث في تل أبيب.. هل بدأت إيران حرب الجواسيس ضد إسرائيل؟

أعلن جهاز الأمن العام في إسرائيل “الشاباك” عن إحباط مخطط تجسسي واسع النطاق مرتبط بإيران، في واحدة من القضايا الأمنية الأكثر خطورة في عام 2025 كُشف تنفيذه من داخل الأراضي الإسرائيلية.
التحقيقات الرسمية أكَّدت تورُّط مواطنين إسرائيليين في التعاون مع أجهزة استخبارات إيرانية لتنفيذ مهام حساسة تمسّ الأمن القومي، من بينها التصوير الميداني لمواقع مدنية، ونقل عبوة ناسفة، والتخطيط لعملية اغتيال غير مسبوقة.
اعتقالات جواسيس إيران في إسرائيل
العملية الأمنية التي نُفذت منتصف يونيو بالتنسيق بين الشاباك ووحدة لاهف 433 أسفرت عن اعتقال 3 مواطنين إسرائيليين في قضيتين منفصلتين.
بحسب وسائل إعلام عبرية فإن أول المتهمين هو مارك مورغان، البالغ من العمر 33 عامًا والمقيم في منطقة الأغوار، والذي وُجهت إليه تهمة التواصل المباشر مع جهات استخباراتية معادية، ونقل قنبلة مدفونة إلى جهة محددة داخل إسرائيل مع إدراكه أن الهدف هو استهداف المدنيين.
وقد ثبت أيضًا قيامه بتصوير لحظة تفعيل الدفاعات الجوية الإسرائيلية خلال اعتراضها لصواريخ أُطلقت من إيران بتاريخ 13 يونيو، ثم إرسال المقطع مباشرة إلى الطرف الإيراني.
تصوير منشآت حساسة في إسرائيل لصالح إيران
في مسار موازٍ، ألقت قوات الأمن القبض على شابين من مدينة طبريا هما يوني سيغال (18 عامًا) وناهوراي عمري مزراحي (20 عامًا).
التحقيقات أظهرت أنهما تواصلا مع عناصر استخباراتية من دولة معادية خلال الشهرين السابقين، وعملا على تنفيذ مهام ميدانية شملت تصوير مواقع مدنية حساسة. من بين هذه المواقع مركز ديزنغوف التجاري، وجراند مول حيفا، وبيغ فاشن طبريا، ومستشفى إيخيلوف في تل أبيب.
وتضمنت المعلومات التي أرسلوها عدد الحراس، هيكل المباني، وعدد المتاجر، مع إرسال مواقعهم الجغرافية أثناء تنفيذ المهام، في مؤشرات واضحة على تلقيهم توجيهات مباشرة خلال العملية.
عملية اغتيال في الداخل الإسرائيلي
التطور الأخطر في القضية تمثل في تلقي الشابين عرضًا مباشرًا من مشغليهم الإيرانيين لتنفيذ عملية اغتيال داخل إسرائيل، مقابل مئات آلاف الشواكل. وقد تم إبلاغهما بضرورة السفر إلى دولة أجنبية لتلقي تدريب متخصص على تنفيذ عملية الاغتيال، ثم العودة لتحديد هوية الهدف وتنفيذ المخطط.
الشاباك وصف هذا التطور بأنه يمثل تغييرًا جذريًا في أدوات الحرب التي تستخدمها إيران ضد إسرائيل، وانتقالًا من جمع المعلومات إلى التخطيط لعمليات ميدانية عنيفة داخل العمق الإسرائيلي.
إسرائيل تتحرك ضد جواسيس إيران
في أعقاب كشف هذه الشبكات، قدمت النيابة العامة الإسرائيلية بيان ادعاء رسمي أكدت فيه نيتها تقديم لوائح اتهام خطيرة بحق المتهمين الثلاثة.
وتشمل التهم التخابر مع دولة معادية، تقديم معلومات أمنية لجهات أجنبية، والتخطيط لتنفيذ عمليات تفجير واغتيال داخل إسرائيل.
وقد قررت محكمة الصلح في بتاح تكفا تمديد توقيف المشتبه بهم لأربعة أيام إضافية على ذمة التحقيق، وسط مؤشرات على توسيع دائرة الاعتقالات للكشف عن خيوط إضافية محتملة.
إيران تنقل معركتها إلى داخل إسرائيل
يرى مراقبون أن هذه القضايا تمثل تحوّلًا استراتيجيًا في طبيعة المواجهة بين إسرائيل وإيران. فبعد سنوات من إدارة طهران لحربها عبر وكلاء إقليميين في لبنان وسوريا، يبدو أن المعركة انتقلت الآن إلى داخل المدن الإسرائيلية.
ونجاح إيران – ولو جزئيًا – في تجنيد مواطنين إسرائيليين لتنفيذ مهام استخباراتية يشير إلى خلل في الجدار الأمني، ويفرض على تل أبيب مراجعة استراتيجياتها الوقائية.
تجنيد محلي أم اختراق استخباري؟
أسئلة عديدة تطرحها هذه القضية أمام الرأي العام الإسرائيلي. هل استطاعت إيران اختراق البنية المجتمعية واستغلال ثغرات داخلية؟ وهل كان الشبان الثلاثة مجرد أدوات لمخطط أكبر لا يزال قيد التنفيذ؟
وفي ظل استمرار التصعيد الإقليمي، يبدو أن الحرب بين إيران وإسرائيل خرجت من مرحلة الضربات الجوية والمواجهات السيبرانية، لتدخل عمق المدن والعقول، حيث لا يُستخدم السلاح، بل تُستخدم الكاميرا والهاتف والموقع الجغرافي، في معركة يُراد لها أن تُدار من الداخل بصمت وفعالية.
اقرأ أيضًا: اغتيال الحاج يونس “ظل سليماني”.. هل بدأت إسرائيل حربًا سرية على نخبة فيلق القدس؟