أوقفوه لأنه أتقن اللغة.. إعلامي سعودي يكشف كواليس أغرب عقوبة إعلامية
في واقعة مثيرة لا تزال تروى في كواليس الإعلام السعودي، كشف المذيع المعروف سليمان العيدي عن تفاصيل قرار صدر بحقه قبل عقود، قضى بإيقافه عن العمل لمدة شهرين، بسبب استخدامه كلمة “قاضٍ” بدلًا من “قاضي”، رغم صحة الكلمة نحويًا.
العيدي وصف الواقعة بأنها من أصعب اللحظات في حياته المهنية، مشيرًا إلى أن الخلاف لم يكن مهنيًا بقدر ما كان لغويًا بحتًا.
وتحدث سليمان العيدي، خلال ظهوره في بودكاست “مسيان”، عن تفاصيل الحادثة التي تعود إلى عام 1403 هـ، عندما كان يعمل مذيع ربط في التلفزيون السعودي.
وقال العيدي: “في أحد الإعلانات الرسمية، قرأت عبارة تقول: أعلنت المحكمة العليا اليوم عن تحري رؤية هلال شهر رمضان بعد غدٍ الإثنين، والتوجه لأقرب محكمة فيها قاضٍ لإثبات شهادته”.
واعتبر العيدي أن استخدامه لكلمة “قاضٍ” كان سليمًا تمامًا من الناحية اللغوية، وفق قواعد النحو العربي، حيث تُحذف الياء من الاسم المنقوص في حالة التنكير ويُعوّض عنها بالتنوين.
اعتراض مفاجئ من وكيل الوزارة
وأضاف سليمان العيدي أن وكيل وزارة الإعلام آنذاك، محمد حيدر مشيخ، اتصل به مباشرة بعد بث النشرة، معترضًا على استخدام كلمة “قاضٍ”، ومعتبرًا إياها “خطأ لغويًا”، رغم أن العيدي شرح له القاعدة النحوية التي استند إليها.
وقال العيدي: “أوضحت له أن الكلمة صحيحة، وأن حذف الياء قاعدة لغوية معروفة، لكنه ردّ عليّ قائلًا: لا تتفلسف في اللغة”.
ورغم محاولته إقناع المسؤول بصحة استخدام الكلمة، لم يُجدِ ذلك نفعًا، حيث صدر قرار فوري بإيقافه عن العمل لمدة شهرين، دون أي تحقيق أو مراجعة لغوية مستقلة.
وساطة لم تُغيّر القرار
وأشار العيدي إلى أن أحد الزملاء الإعلاميين سعى للوساطة بينه وبين وكيل الوزارة، في محاولة لاحتواء الموقف، إلا أن القرار استمر دون تغيير.
وأضاف: “كان قرارًا مزعجًا ومجحفًا، خاصة أنني لم أرتكب أي خطأ مهني، وكل ما في الأمر أنني استخدمت كلمة صحيحة لم تُعجب المسؤول”.
واقعة سليمان العيدي تكشف تعقيدات العمل الإعلامي
قصة سليمان العيدي تفتح الباب للنقاش حول ضغوط العمل الإعلامي الرسمي، وما قد يتعرض له المذيعون من قرارات إدارية قاسية لأسباب شكلية.
وتُظهر كيف يمكن لخلاف لغوي بسيط أن يتحول إلى عقوبة مهنية طويلة، رغم سلامة المضمون.
كما تعكس القصة التداخل الكبير بين السلطة الإدارية والخطاب الإعلامي، حيث قد تطغى الأحكام الشخصية على الحقائق اللغوية والقواعد المهنية، وهو ما لا يزال حاضرًا في مؤسسات إعلامية كثيرة حتى اليوم.
اقرأ أيضا.. جثـ.ـث تعود للحياة في شوارع الخرطوم.. ماذا يحدث في عاصمة السودان؟