إيران ما زالت قادرة على التخصيب.. هل فضح غروسي أكاذيب ترامب حول البرنامج النووي؟

في ضربة غير مباشرة للمزاعم الغربية بشأن “شلّ القدرات النووية لـ إيران”، فجّر رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مفاجأة مدوية حين أكد أن طهران ما زالت تمتلك القدرة على تخصيب اليورانيوم، وأن الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل لم تقضِ على البرنامج النووي الإيراني كما أُعلن رسميًا.
تصريحات غروسي التي بثتها شبكة “سي.بي.إس نيوز” الأمريكية تضع الرواية الأمريكية في مأزق حقيقي، وتثير التساؤلات حول فاعلية الخيار العسكري في مواجهة طموحات إيران النووية، بل وتعيد النقاش حول ضرورة العودة إلى المسار الدبلوماسي.
غروسي يحذر: إيران قادرة على التخصيب خلال أشهر
قال غروسي في مقابلته إن “القدرات التي يمتلكها الإيرانيون لا تزال قائمة”، مضيفًا: “يمكنهم في غضون أشهر قليلة، أو أقل، أن يعيدوا تشغيل أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب”. وأردف: “بصراحة، لا يمكن القول إن كل شيء قد اختفى… ما زالت هناك بنية قائمة”.
هذا التصريح يتناقض مباشرة مع ما أعلنه البيت الأبيض عقب الضربات، إذ أكد مسؤولون أمريكيون أن الهجمات قضت على منشآت أساسية و”أعادت برنامج إيران النووي سنوات إلى الوراء”.
ضربات مكثفة ولكن
وفق تقارير فإن الضربات الأمريكية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية في فوردو ونطنز وأصفهان، استمرت 12 يومًا ووصفت بأنها الأقوى منذ بدء التوتر النووي مع طهران. إلا أن تقييمات فنية متطابقة من الوكالة الدولية وخبراء نوويين غربيين كشفت أن الضرر كان “كبيرًا لكنه غير شامل”، ما يعني أن جوهر القدرات الإيرانية ما زال سليمًا.
وقال غروسي: “إيران دولة متقدمة نوويًا… لا يمكنك قصف المعرفة، ولا محو ما تعلموه طوال سنوات”.
أين اختفى اليورانيوم المخصب؟
من النقاط المثيرة للقلق التي أشار إليها غروسي، أنه “ليس من الواضح حتى الآن” أين يوجد مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب.
وقد رجّح أن بعضه “ربما نُقل قبل الضربات”، ما يعني أن هناك مواد نووية حساسة قد تكون خارج نطاق الرقابة الدولية.
هذا التصريح يضيف بعدًا جديدًا للمخاطر، ويطرح احتمال أن تكون إيران قد خزّنت كميات من المواد في مواقع غير معلنة، محصنة ضد القصف أو الرقابة.
المعرفة أخطر من المنشآت
وفق تقارير ففي نظر العديد من الخبراء، فإن الضربات ربما أبطأت العمل الإيراني، لكنها لم تمنع القدرة التقنية الكامنة لدى العلماء والمهندسين الإيرانيين. المعرفة، ببساطة، لا يمكن تدميرها.
ويحذر دبلوماسيون غربيون من أن ما يُعرف بـ”فترة الاختراق النووي” (Breakout Time)، أي الوقت اللازم لإنتاج مواد كافية لصنع سلاح نووي، قد تقلصت إلى أسابيع، نظرًا لأن إيران تمتلك بالفعل يورانيوم مخصب بنسبة 60%.
هل انتهى رهان القصف؟
تصريحات غروسي تمثل نفيًا ضمنيًا لنجاح الضربات العسكرية كخيار استراتيجي. فبعد سنوات من الحديث عن “الضربة الوقائية” لمنع إيران من الوصول إلى القنبلة، يتضح اليوم أن هذا الخيار، رغم تنفيذه، لم يحقق الهدف النهائي.
بل إن بعض التقديرات ترى أن البرنامج دخل الآن في مرحلة أكثر سرية ومرونة، وهو ما يجعل رصده أصعب، ومواجهته أكثر تكلفة وخطورة.
غروسي يُحرج البيت الأبيض حول إيران
بحسب تقارير فإن ما قاله مدير الوكالة الذرية لا يُعد تصريحًا عابرًا، بل يمثل تقييمًا مهنيًا يصعب تجاهله. وهو تقييم يحرج صناع القرار في واشنطن وتل أبيب، الذين سوّقوا العملية العسكرية على أنها “نهاية البرنامج النووي الإيراني”.
لكن الواقع – كما يظهر اليوم – مختلف تمامًا: إيران لم تُهزم نوويًا، والقدرة على التخصيب ما زالت قائمة، والمخزون قد يكون مخفيًا، والخطر لا يزال ماثلًا.
اقرا أيضا: إيران تتوقع خرق إسرائيل للهدنة.. هل تشتعل الحرب من جديد؟