اتفاقية طويلة الأجل.. كيف تخطط قطر للهيمنة على سوق الغاز اليابانية؟

تجري شركة “قطر للطاقة”، إحدى أبرز الشركات العالمية المصدّرة للغاز الطبيعي المسال، مفاوضات متقدمة مع عدد من الشركات اليابانية الكبرى لإبرام اتفاقية طويلة الأجل لتوريد الغاز، وذلك في إطار استراتيجية تهدف إلى تعزيز حضور الدوحة في السوق اليابانية، أحد أكثر أسواق الغاز استهلاكًا على مستوى العالم.
وأفادت خمسة مصادر صناعية وتجارية لوكالة “رويترز”، اليوم الخميس، أن المحادثات تدور حول مشروع توريد الغاز من توسعة حقل الشمال القطري، أكبر مشروع لتطوير الغاز الطبيعي في العالم.
وأوضحت أربعة من هذه المصادر أن الصفقة المحتملة تشمل تزويد تحالف ياباني بما لا يقل عن 3 ملايين طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال، يتم توزيعها بين الشركات المستوردة.
قطر للطاقة تواجه منافسة حادة في آسيا
تأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه سوق الغاز في شرق آسيا تنافساً محتدماً، خاصة من جانب الولايات المتحدة والإمارات وسلطنة عُمان، التي تقدم بدورها شروط تعاقد أكثر مرونة للمستوردين.
وانعكست هذه المنافسة على قدرة قطر في الشهور الماضية على إبرام عقود طويلة الأجل، خصوصًا مع مشترين كبار في اليابان وكوريا الجنوبية.
وتُعد الصفقة المرتقبة، في حال إتمامها، أول اختراق حقيقي لقطر في السوق اليابانية منذ أكتوبر الماضي، حين أشارت تقارير إعلامية إلى تعثر محاولاتها في التوصل إلى اتفاقات جديدة ضمن هذا النطاق الجغرافي الحيوي.
شركات يابانية رائدة في قلب المحادثات
وذكرت المصادر المطلعة أن من بين الشركات اليابانية المشاركة في المفاوضات الحالية شركة “جيرا”، وهي أكبر منتج للطاقة في اليابان، وشركة التجارة العملاقة “ميتسوي آند كو”.
وتُعد هاتان الشركتان من كبار المستوردين للطاقة في اليابان، وسبق أن أبرمتا عقودًا استراتيجية مع موردين عالميين لضمان استقرار الإمدادات.
وفي حين رفضت شركة قطر للطاقة التعليق على فحوى المفاوضات، أكدت شركة “جيرا” من جانبها أنها تجري محادثات مع عدد من الموردين العالميين للغاز المسال، دون أن تفصح عن تفاصيل محددة.
لكنها شددت في تصريحات رسمية على أهمية قطر كمورد رئيسي، وأكدت أن تنويع مصادر الإمداد بات أولوية استراتيجية لها.
تنويع الإمدادات: ضرورة استراتيجية لليابان
خلال مؤتمر صحفي حول نتائج الأعمال، صرح ناوهيرو مايكاوا، رئيس قطاع الاستراتيجية والتخطيط المالي في “جيرا”، بأن الشركة تسعى لتنويع مصادر استيرادها للغاز، مشيرًا إلى أن منطقة آسيا وأوقيانوسيا تمثل حاليًا أكثر من نصف مصادر الإمدادات.
وأضاف: “من أجل ضمان استقرار الإمدادات، فإن توسيع الخيارات لتشمل مناطق مثل أمريكا الشمالية والشرق الأوسط سيكون خطوة مفيدة للغاية”.
أما شركة “ميتسوي آند كو”، فقد أوضحت في بيان مقتضب أنها منخرطة في مناقشات مع عدد من الموردين لضمان الاستقرار في التوريد، دون أن تقدم تفاصيل بشأن المفاوضات مع قطر للطاقة.
حقل الشمال: ركيزة استراتيجية للغاز القطري
تشكل توسعة “حقل الشمال” القطري، الذي يعد أحد أكبر حقول الغاز في العالم، حجر الزاوية في خطة الدوحة لتعزيز صادراتها من الغاز الطبيعي المسال.
ويُتوقع أن تضيف هذه التوسعة كميات كبيرة إلى طاقة التصدير القطرية، ما يعزز قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، وخاصة في آسيا، التي تُعد الأكثر استهلاكاً لهذا المصدر من الطاقة.
اقرأ أيضًا.. لمدة 20 عامًا.. قطر للطاقة تزود جي غاز الصينية بغاز الهيليوم
عودة قطر للطاقة إلى الواجهة الآسيوية
في حال تم إبرام الاتفاق بين قطر وتحالف الشركات اليابانية، ستكون هذه الخطوة بمثابة تأكيد على قدرة قطر على استعادة ريادتها في السوق الآسيوية، رغم التحديات التعاقدية التي فرضتها المنافسة خلال السنوات الأخيرة.
كما ستدعم هذه الصفقة موقع الدوحة كلاعب محوري في تأمين أمن الطاقة لليابان، في وقت تتجه فيه الأخيرة نحو تنويع خياراتها بعيدًا عن الاعتماد المفرط على مورد واحد.