اختاره بابا الفاتيكان الجديد لقبًا.. من هو ليو الرابع عشر؟

في مشهد رمزي أمام آلاف المحتشدين في ساحة القديس بطرس، أطلَّ الكاردينال روبرت بريفوست بابا الفاتيكان الجديد على الشرفة البابوية مُعلنًا عن اسمه الجديد بعد انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية ليو الرابع عشر.
بهذا الإعلان، يُصبح البابا رقم 267 في تاريخ الفاتيكان، وينضم إلى سلسلة طويلة من الباباوات الذين تركوا بصمات تاريخية حملت هذا الاسم اللافت.
لماذا اختار بابا الفاتيكان لقب “ليو”؟
حسب تقارير يحمل اسم “ليو” دلالات عميقة في التراث الكاثوليكي، حيث استخدمه 13 بابا سابقًا، كان أغلبهم من الإصلاحيين الذين واجهوا تحديات عصرهم.
ويُعد البابا ليو الثالث عشر من أبرز مَن حملوا هذا الاسم، إذ أطلق في عام 1878 رسالته العامة الشهيرة Rerum Novarum التي تناولت كرامة الإنسان وقضايا العدالة الاجتماعية والعمل.
اختيار بريفوست لهذا الاسم لم يكن صدفة، بل إشارة إلى انحيازه إلى خط الإصلاح والانخراط في الملفات الاجتماعية والاقتصادية التي تمس حياة الملايين من المؤمنين حول العالم.
دلالة رمزية في إسم بابا الفاتيكان الجديد
بحسب وسائل إعلام، علق القس الأمريكي وخبير شؤون الفاتيكان توماس ريس على الاختيار بقوله إن “اختيار لقب ليو الرابع عشر يُعبّر عن التزام البابا الجديد بمواصلة إرث التعليم الاجتماعي للكنيسة الذي وضع لَبِناته البابا ليو الثالث عشر”.
من جهته، يرى القس كريستوفر روبنسون، أستاذ الدراسات الدينية بجامعة ديبول، أن الاسم يشير إلى الرغبة في تعزيز العدالة والكرامة الإنسانية في مواجهة التحولات العالمية المتسارعة.
الأسماء البابوية.. تقليد له جذور تاريخية
منذ قرون، اعتاد الباباوات على تغيير أسمائهم بعد انتخابهم، تعبيراً عن رؤية جديدة ودلالة رمزية. وتستند هذه العادة إلى رغبتهم في الاقتداء بباباوات سابقين أو قديسين يمثلون القيم التي يتطلعون إلى تجسيدها خلال فترة خدمتهم.
كان البابا يوحنا الثاني هو أول من غيّر اسمه المعموداني “ميركوريوس” إلى “يوحنا”، لتجنّب الربط مع اسم إله روماني وثني. ومنذ ذلك الحين، أصبح تغيير الاسم قاعدة ثابتة، باستثناء حالات نادرة مثل أدريان السادس ومارسيلوس الثاني.
أبرز الأسماء المستخدمة تاريخياً في الفاتيكان
على مدار التاريخ، حظيت بعض الأسماء بشعبية خاصة، مثل:
يوحنا: استخدمه 21 بابا (و23 إذا أُضيف يوحنا بولس الأول والثاني).
غريغوريوس: 16 مرة.
بنديكت: 15 مرة.
كليمنت: 14 مرة.
إينوسنت، أوربان، وبيوس كذلك تكرروا بكثرة في القرون السابقة.
وفي العصر الحديث، برزت اختيارات غير تقليدية، مثل فرنسيس الذي اتخذه الكاردينال الأرجنتيني خورخي ماريو برغوليو عام 2013، تيمناً بالقديس فرنسيس الأسيزي. وكان ذلك أول اسم بابوي جديد يُستخدم منذ عام 913.
باباوات العصر الحديث بين التقاليد والتجديد
شهد القرن العشرون صعود أسماء مزدوجة مثل “يوحنا بولس”، والذي اختاره كارول فويتيلا عام 1978 تكريماً لسلفه الراحل يوحنا بولس الأول. كما أن البابا بنديكت السادس عشر استوحى اسمه من البابا بنديكت الخامس عشر، الذي قاد الكنيسة خلال الحرب العالمية الأولى.
بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر
يعكس اختيار اسم ليو الرابع عشر مزيجاً بين التمسك بجذور الكنيسة التاريخية، والانفتاح على قضايا العصر الراهنة، مثل العدالة الاجتماعية، وحماية حقوق الإنسان، والتوازن بين الروحانية والمسؤولية الاجتماعية.
وبينما يتهيأ الفاتيكان لعهد جديد تحت قيادة بريفوست، يبقى الاسم الذي اختاره أكثر من مجرد لقب؛ إنه إعلان نوايا ورسالة رمزية للكنيسة والعالم.
اقرأ أيضًا: روبرت بريفوست..حكاية أول بابا أمريكي للفاتيكان في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية