اقتصاد دبي يترنح تحت وقع الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. مؤشرات تنذر بالخطر لأول مرة منذ 4 سنوات

شهدت الإمارات العربية المتحدة، المعروفة بنموذجها الاقتصادي المنفتح واستقرارها المالي، تباطؤاً في نشاط القطاع الخاص خلال شهر يونيو، نتيجة تداعيات الحرب المستمرة بين إسرائيل وإيران.
ووفقا لتقرير حديث صادر عن ستاندرد آند بورز جلوبال (S&P Global)، فقد سجل مؤشر مديري المشتريات (PMI) – المؤشر الرئيسي لقياس صحة الاقتصاد غير النفطي – ارتفاعا طفيفا إلى 53.5 نقطة، مقابل 53.3 في مايو، ما يشير إلى تباطؤ في وتيرة النمو الاقتصادي.
لكن التأثير كان أكثر وضوحاً في إمارة دبي، حيث هبط مؤشر مديري المشتريات إلى 51.8 نقطة، منخفضاً من 52.9، وهو أدنى مستوى منذ نحو أربع سنوات، مما يُظهر هشاشة نسبيّة أمام الأحداث الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، بحسب وكالة “بلومبرج”.
اقتصاد دبي يعاني من الضغط
وأوضح ديفيد أوين، كبير الاقتصاديين في “S&P Global Market Intelligence”، أن التراجع في الأداء الاقتصادي خلال يونيو يُعزى بشكل رئيسي إلى تراجع في الطلب الاستهلاكي بسبب تصاعد التوترات الإقليمية.
وصرح أوين قائلا: “أظهر القطاع غير النفطي في الإمارات العربية المتحدة علامات تراجع طفيف في يونيو بسبب الصراع بين إسرائيل وإيران”.
وأضاف: “كان التأثير محسوسا بشكل أساسي على جانب الطلب، حيث أفادت بعض الشركات بتباطؤ في الطلبات مدفوعا بتصاعد التوترات”.
ولا يعكس انخفاض مؤشر مديري المشتريات الحذر العام بين المستهلكين فحسب، بل يعكس أيضا ضغوطا خارجية محددة؛ منها: زيادة المنافسة، وتراجع السياحة، وعدم اليقين العام في الأوضاع الجيوسياسية الإقليمية.
وقد ساهمت هذه العوامل مجتمعة فيما وصفه أوين بـ”تباطؤ ملحوظ في نمو المبيعات”.
دبي تواجه اختباراً لسمعتها كمركز آمن للأعمال
لطالما اكتسبت الإمارات العربية المتحدة، وخاصة دبي وأبوظبي، سمعة طيبة كملاذ آمن للأعمال في منطقة الشرق الأوسط المتقلبة. لكن موجة الصراعات الأخيرة اختبرت هذا التوجه، حيث واجهت السياحة والاستثمار رياحا معاكسة جديدة.
وأشارت ستاندرد آند بورز جلوبال إلى أن تردد إنفاق المستهلكين وعدم الاستقرار الإقليمي دفعا العديد من الشركات إلى الإبلاغ عن انخفاض في الطلبات الجديدة.
ومع ذلك، يُسلط التقرير الضوء أيضا على جانب إيجابي مهم وهو أنه: لا تزال الضغوط التضخمية محدودة، مما قد يسمح بتعافي الطلب إذا هدأت التوترات في المنطقة.
مؤشرات إيجابية.. والرهان على التهدئة
في حين أن أرقام يونيو تعكس انتكاسة طفيفة وليست أزمة شاملة، فإن مستقبل دبي واقتصاد الإمارات العربية المتحدة عموما يعتمد إلى حد كبير على الاستقرار الجيوسياسي.
ووفقا لأوين، في حال تراجع حدة الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران، فإن انتعاش نمو المبيعات يظل سيناريو واقعيا.
وقال: “مع محدودية ضغوط أسعار المستهلك، تشير أحدث البيانات إلى أن انتعاش نمو المبيعات ممكن تماما في الأشهر المقبلة في حال تراجع التوترات الإقليمية”.
ورغم استمرار الضغوط، تبقى آفاق التحسّن مرهونة بتهدئة التصعيد الإقليمي، إذ أن استمرار الحرب قد يُطيل أمد التباطؤ ويزيد من تقلبات السوق.
القطاع غير النفطي في قلب التحديات
ويُعد القطاع غير النفطي حجر الزاوية في خطط تنويع الاقتصاد الإماراتي، وركيزة أساسية لرؤية “الإمارات 2031”. ولذلك، فإن تعرضه للتأثيرات السلبية من الصراعات الخارجية يُشكل تحديا استراتيجيا لصناع القرار الاقتصادي في البلاد.
اقرأ أيضا.. هبوط أسعار النفط يوقف صفقات بـ60 مليار دولار.. ماذا يعني ذلك لعمالقة الخليج؟
ومع استمرار عدم اليقين السياسي، سيتعين على الإمارات الموازنة بين التزاماتها كوجهة أعمال عالمية، وبين الحاجة لحماية اقتصادها من تقلبات لا تسيطر عليها.
وفي ظل هذه التحديات، يتضح أن الطريق إلى تعافٍ اقتصادي مستدام في الإمارات يمر عبر بوابة الاستقرار الإقليمي. وحتى تتضح ملامح التسويات السياسية في الشرق الأوسط، سيبقى قطاع الأعمال في دبي تحت ضغط التوترات الإقليمية، ينتظر بصيص أمل من الدبلوماسية الدولية.