اكتشاف ممارسة مصرية قديمة لتعديل قرون الأغنام عمدًا.. شعائر دينية أو احتفالية

في اكتشاف رائد، اكتشف علماءُ الآثار أقدم حالة معروفة لقرون الأغنام المعدلة عمدًا في هيراكونبوليس بمصر، والتي يعود تاريخها إلى نحو 3700 قبل الميلاد، وفقا لما نشره موقع أركيولوجي مجازين.

يوفر الاكتشاف، الذي تم إجراؤه في مجمع المشرحة القديم في صعيد مصر، رؤى رائعة حول ممارسات المجتمعات الزراعية المصرية المبكرة. يتحدى الاكتشاف الافتراضات السابقة حول إدارة الماشية في مصر القديمة ويقدم فهمًا جديدًا للأدوار الاجتماعية والاحتفالية للحيوانات المستأنسة.

الاكتشاف: قرون الأغنام المعدلة والممارسات المتعمدة

اكتشف الفريق الأثري، بقيادة خبراء من مؤسسات مختلفة، جماجم ستة ذكور من الأغنام المخصية التي أظهرت قرونها تشوهات غير عادية، بحسب تقرير أندبندنت البريطانية. على عكس القرون الجانبية الطبيعية التي تُرى عادةً في الأغنام، كانت هذه القرون موجهة لأعلى أو تمت إزالتها بالكامل.

كان يُعتقد أن هياكل القرون، التي أظهرت علامات واضحة على التعديل المتعمد، قد تم تغييرها من خلال كسر وربط قواعد القرون، وهي ممارسة شجعت على نمو قرون متوازية ومنتصبة.

اكتشاف ممارسة مصرية قديمة لتعديل قرون الأغنام في هيراكونبوليس
اكتشاف ممارسة مصرية قديمة لتعديل قرون الأغنام – أندبندنت

شرح البروفيسور ويم فان نير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية، الطبيعة المتعمدة للتعديلات. وأشار إلى أن الأغنام لم يتم إخصائها فحسب، بل تم تربيتها خصيصًا لهذه التغييرات الجسدية، مما يشير إلى قرار واعٍ لجعل الحيوانات “خاصة” من خلال التلاعب. وفقًا لفان نير، “تم جعل الأغنام “خاصة” عن عمد من خلال الإخصاء.

بالإضافة إلى ذلك، تم توجيه قرونها إلى الأعلى، وفي إحدى الحالات، تمت إزالة القرون”. يمثل هذا الاكتشاف في هيراكونبوليس أقدم دليل معروف على مثل هذه الممارسة، والتي أصبحت فيما بعد أكثر انتشارًا، وخاصة في الثقافات الأفريقية، حيث تم أيضًا ممارسة تعديل قرون الماشية.

اقرأ أيضا.. الفن المعاصر يلتقي بالتاريخ القديم في معرض “الأبد هو الآن” بالجيزة

الأهمية الطقسية والاحتفالية

دفعت النتائج الباحثين إلى اقتراح أن هذه الأغنام المعدلة ربما تم تربيتها لأغراض احتفالية أو طقسية. عُثر على جماجم الأغنام في المقبرة النخبوية لمجمع هيراكونبوليس الجنائزي، مما يشير إلى أن هذه الحيوانات لم تكن وظيفية فحسب، بل كانت لها أهمية رمزية.

لاحظ علماء الآثار تغيرات مرضية في نوى القرون، مما يشير إلى تقنية منظمة تهدف إلى تغيير أنماط النمو الطبيعية للقرون. من المحتمل أن يكون هذا النوع من تعديل الماشية مرتبطًا بممارسات دينية أو طقسية، حيث ربما كانت الأغنام تمثل دورًا مقدسًا أو موقرًا في المجتمع المصري المبكر.

اكتشاف ممارسة مصرية قديمة لتعديل قرون الأغنام في هيراكونبوليس
اكتشاف ممارسة مصرية قديمة – أندبندنت

السياق الأوسع لإدارة الثروة الحيوانية في مصر القديمة

اعتمد المجتمع الزراعي في مصر القديمة بشكل كبير على الحيوانات المستأنسة، وخاصة الأغنام والماشية، للحصول على الغذاء. وفرت هذه الحيوانات موارد أساسية مثل اللحوم والحليب والدهون، مما جعلها جزءًا مهمًا من الحياة اليومية.

في حين أن تعديلات قرون الماشية شائعة في فن المقابر المصرية التي يرجع تاريخها إلى فترة المملكة القديمة (حوالي 2686-2160 قبل الميلاد)، فإن اكتشاف قرون الأغنام المعدلة في هيراكونبوليس يسبق هذه التصويرات بحوالي ألف عام.

تشير هذه الأدلة المبكرة إلى أن المصريين كانوا قد طوروا بالفعل أساليب متطورة لإدارة الماشية قبل فترة طويلة من تمثيل مثل هذه الممارسات بشكل شائع في الفن والأيقونات.

يسلط الاكتشاف في هيراكونبوليس الضوء أيضًا على دور الماشية في المجتمع المصري بما يتجاوز استخداماتها العملية. لعبت الماشية، وخاصة الأغنام، دورًا مهمًا في النسيج الرمزي والديني للمجتمع.

بمرور الوقت، أصبحت الأغنام ذات أهمية متزايدة في الفن والأيقونات المصرية، وخاصة في تمثيل الآلهة. في الفترات اللاحقة، ولا سيما خلال الأسرة الأولى (حوالي 3500 قبل الميلاد)، غالبًا ما ارتبطت الأغنام بآلهة الكبش، رمز الخصوبة والقوة والقوة الإلهية.

اكتشاف ممارسة مصرية قديمة لتعديل قرون الأغنام في هيراكونبوليس
اكتشاف ممارسة مصرية قديمة – أندبندنت

توسيع فهم تربية الحيوانات المصرية

يوسع هذا الاكتشاف بشكل كبير فهمنا لتربية الحيوانات المصرية المبكرة. يوفر تعديل قرون الأغنام دليلاً واضحًا على المحاولات المبكرة للسيطرة على الخصائص الجسدية للحيوانات المستأنسة وتشكيلها. هذه الممارسة، التي أصبحت شائعة في نهاية المطاف مع الماشية، تشير إلى فهم متقدم لتربية الحيوانات ودور الماشية في المجتمع.

بالإضافة إلى ذلك، ربما كان لتعديل قرون الماشية أغراض عملية تتجاوز الرمزية. في العديد من الثقافات القديمة، ساعد تغيير قرون الماشية في تقليل خطر الإصابة، سواء للحيوانات أو لمربيها. وفي حين تظل الأغراض الوظيفية لتعديل قرون الأغنام في هيراكونبوليس غير مؤكدة، فإن الأدلة تشير إلى وجود علاقة معقدة بين المصريين وحيواناتهم المستأنسة.

إرث تعديل الثروة الحيوانية في وادي النيل بمصر

تساهم دراسة هيراكونبوليس أيضًا في السرد الأوسع لتعديل الثروة الحيوانية في وادي النيل. على مر القرون، طور المصريون تقليدًا لإدارة الثروة الحيوانية لم يتضمن فقط تربية الصفات المرغوبة ولكن أيضًا تعديل الخصائص الفيزيائية مثل القرون. يمكن تتبع هذه الممارسة عبر فترات مختلفة، مع ظهور تصوير الأغنام ذات القرون المنحنية للخلف، مثل نوع الأمون، في الفن المصري منذ وقت مبكر من المملكة الوسطى (حوالي عام 1991 قبل الميلاد).

سيظل تعديل الثروة الحيوانية، وخاصة الأغنام والماشية، جانبًا مهمًا من الثقافة المصرية طوال تاريخها، مما يعكس المخاوف العملية والأدوار الرمزية التي لعبتها هذه الحيوانات في الأنظمة الدينية والاقتصادية للمجتمع.

رؤى حول الثقافة المصرية المبكرة

يوفر اكتشاف قرون الأغنام المعدلة عمدًا في هيراكونبوليس لمحة عن الممارسات المبكرة لتربية الحيوانات في مصر القديمة. لا يعمل هذا على إعادة تشكيل فهمنا للتقنيات الزراعية المصرية المبكرة فحسب، بل يؤكد أيضًا على أهمية الثروة الحيوانية في الجوانب الرمزية والطقوسية للمجتمع المصري. ومع استمرار علم الآثار في الكشف عن أدلة جديدة، تساهم هذه النتائج في فهم أعمق لكيفية تفاعل المصريين الأوائل مع بيئتهم والحيوانات التي كانت محورية في أسلوب حياتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى