الأطباء وصلوا لمستويات حرجة من الجوع والإرهاق.. ماذا يحدث في غزة؟

يُدقّ الأطباء والعاملون الصحيون في جميع أنحاء غزة ناقوس الخطر مع وصول الجوع والإرهاق بين الكوادر الطبية إلى مستويات حرجة.
وصف ما يقرب من اثني عشر متخصصًا في الرعاية الصحية، في تصريحات لصحيفة الجارديان وشبكة أريج للصحافة الاستقصائية العربية، حالتهم بالضعف الشديد بسبب نقص الغذاء، لدرجة أنهم يُكافحون لعلاج تدفق المدنيين الذين يعانون من سوء التغذية والجرحى الذين يصلون إلى المستشفيات التي تجاوزت طاقتها الاستيعابية.
قال الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء في مدينة غزة، إن الكوادر تعمل في حالة “إرهاق شديد”، مع إغماء البعض أثناء العمليات الجراحية بعد يومين من انقطاع الطعام أو المساعدات. وحذر قائلاً: “ستتأثر الخدمات الطبية لأن كوادرنا لن تتمكن من الصمود لفترة أطول في مواجهة هذه المجاعة”.
الأطباء ممزقون بين الواجب واليأس
وصف العديد من الأطباء، الذين تحدثوا دون الكشف عن هويتهم خوفًا من استهداف القوات الإسرائيلية، خياراتٍ مُرهقة – إما البقاء في العمل أو المغادرة بحثًا عن الطعام لعائلاتهم.
قال أحد الأطباء المتطوعين في مستشفى الشفاء: “لم آكل شيئًا منذ الأمس، وعائلتي ليس لديها ما تأكله. لم نعد قادرين على المشي. لا نعرف ماذا نفعل”.
نفدت حصص المستشفى، التي غالبًا ما تكون عبارة عن حصة ضئيلة من الأرز، تمامًا، وأفاد طبيب عام بأنه عالج 60 مريضًا في جراحة الأعصاب خلال نوبة عمل استمرت 24 ساعة، وبالكاد يستطيعون الوقوف بسبب الجوع.
سوء التغذية ينتشر، مما يُعقّد الرعاية الطبية
قال جراح في مجمع ناصر الطبي إن المزيد من المرضى يُدخلون إلى المستشفى بأعراض مرتبطة بسوء التغذية الحاد، مثل التهاب المعدة والأمعاء، والإغماء، وانخفاض سكر الدم.
وأضاف، وهو يروي كيف اضطر للتوقف أثناء إجراء عملية جراحية بسبب حالته الصحية: “هناك أيضًا زيادة ملحوظة في مضاعفات ما بعد الجراحة بسبب سوء التغذية”.
أفاد الدكتور أبو سلمية أن 21 طفلاً لقوا حتفهم في أنحاء غزة خلال الأيام الثلاثة الماضية وحدها بسبب سوء التغذية والجوع.
وأوضح: “يحتاج هؤلاء المرضى إلى تغذية خاصة، ولكن لا تتوفر أي تغذية، لذا فهم يواجهون مخاطر”. “يموت بعضهم في خيامهم ومنازلهم دون أن يعلم أحد بذلك”.
أقرا أيضا.. هل تستطيع أوروبا التحرر من الهيمنة التكنولوجية الأمريكية؟
انهيار منهجي وخيارات صعبة
مع تعرض نظام الرعاية الصحية في غزة لضربة قاسية جراء ما يقرب من عامين من الحرب، لم يتبقَّ سوى 19 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى عاملًا، وتضررت 94% من المرافق أو دُمِّرت، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
أفاد فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أن العاملين في مجال الإغاثة والرعاية الصحية يُغمى عليهم بسبب الجوع والإرهاق، ويضطرون للاختيار بين العمل والبحث اليائس عن الطعام.
لا تزال عمليات إيصال المساعدات مقيدة بشدة، وغالبًا ما تكون مواقع توزيع الغذاء التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية وتحرسها القوات الإسرائيلية المصدر الوحيد للإمدادات.
ولكن منذ مايو، قُتل أكثر من 1000 شخص وهم يسعون للحصول على الغذاء من هذه المراكز وغيرها من قوافل المساعدات الإنسانية، وفقًا للأمم المتحدة.
دعوة للتحرك في خضم الكارثة
وصف معاذ السر، مدير منظمة “مراقبة عمال الرعاية الصحية”، “مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي، وانخفاض المناعة، وتكرار العدوى، والإرهاق الشديد، وحالات الإغماء المتكررة أثناء العمليات الجراحية ومهام الإنقاذ”. وحثّ قائلاً: “لا يمكننا تحمل مجرد الإدانة. نحن بحاجة إلى تحرك عاجل”.
ردًا على ذلك، قال جيش الدفاع الإسرائيلي إنه يعمل على تسهيل توزيع المساعدات الإنسانية على المستشفيات، وقد راجع الحوادث التي تعرض فيها المدنيون للأذى في مواقع التوزيع، وأصدر تعليمات جديدة للقوات الميدانية.