الأمم المتحدة تحذر من مجاعة في غزة خلال أيام وتطالب بسرعة التحرك

القاهرة (خاص عن مصر)- أصدرت لجنة مدعومة من الأمم المتحدة تحذيرًا عاجلاً من مجاعة وشيكة في غزة، مع تصاعد الحرب، مما يؤكد الحاجة الماسة إلى اتخاذ إجراءات فورية لتخفيف الظروف الإنسانية المتدهورة بسرعة، وفقا لتقرير نيويورك تايمز.

مع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته إدارة بايدن لإسرائيل لزيادة المساعدات الإنسانية أو مواجهة العواقب، يتصارع المجتمع الدولي مع كيفية معالجة الأزمة المتصاعدة التي تهدد بقاء 2.2 مليون من سكان غزة.

أفاد التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، وهي مبادرة عالمية تضم وكالات الإغاثة الرئيسية، صدر أمس الجمعة الموافق 8 نوفمبر أن غزة على وشك أزمة غذائية كارثية. ويذكر تقييم اللجنة أنه بعد أكثر من عام من الصراع المكثف، تدهور الوضع في غزة إلى الحد الذي أصبحت فيه المجاعة الآن “وشيكة”.

شددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة “في غضون أيام، وليس أسابيع”، لتجنب انتشار المجاعة والمعاناة.

اقرأ أيضًا.. الفن المعاصر يلتقي بالتاريخ القديم في معرض “الأبد هو الآن” بالجيزة

شدة الأزمة: مشهد إنساني متدهور

في تقريرها الصادر يوم الجمعة، رسمت اللجنة المدعومة من الأمم المتحدة صورة قاتمة للظروف المتدهورة في غزة. وذكرت اللجنة أنه في حين قدمت المساعدات الإنسانية بعض الإغاثة بين مايو وأغسطس، فإن الوضع ساء بسرعة بعد أكتوبر، مما عكس المكاسب السابقة. ووفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن “الظروف ساءت إلى الحد الذي لم يعد فيه المجاعة مجرد احتمال، بل أصبح احتمالاً وشيكاً وكبيراً”، وخاصة في شمال غزة.

يعيش سكان غزة في ظروف مزرية على نحو متزايد بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، التي عطلت بشدة تدفق الغذاء والمساعدات. كما أدى القصف الإسرائيلي المستمر والحصار والقتال البري إلى تدمير البنية الأساسية الزراعية، وتدمير صناعة صيد الأسماك، وتعطيل تسليم الإمدادات الغذائية الأساسية. ونتيجة لهذا، أصبح سكان غزة بالكامل يعتمدون الآن بشكل كبير على المساعدات، التي كانت في نقص حاد.

في أوائل أكتوبر، فرضت إسرائيل قيودًا إضافية على تدفق البضائع إلى غزة، مما أدى إلى وقف الشحنات التجارية وخفض كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل المنطقة بشكل كبير. وقد أدى هذا القرار، إلى جانب الصراع المستمر، إلى جعل العديد من سكان غزة يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة مع محدودية الوصول إلى الغذاء والمياه والإمدادات الطبية. وأوضح العميد إيلاد جورين من الجيش الإسرائيلي أن الإغلاق المؤقت لنقاط العبور كان بسبب التحديات اللوجستية التي تفرضها العمليات العسكرية في شمال غزة، لكن الجماعات الإنسانية انتقدت هذه الإجراءات باعتبارها تؤدي إلى تفاقم الأزمة.

ضغوط إدارة بايدن على إسرائيل: اقتراب الموعد النهائي

حددت إدارة بايدن، التي أعربت عن قلقها إزاء تدهور الظروف الإنسانية في غزة، موعدًا نهائيًا في منتصف نوفمبر لإسرائيل لتحسين تدفق المساعدات إلى الجيب. وفي رسالة أُرسلت الشهر الماضي، حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ووزير الدفاع لويد أوستن من أن الفشل في زيادة عمليات التسليم الإنسانية قد يكون له عواقب وخيمة على العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وخاصة فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية.

لقد طالبت الحكومة الأميركية إسرائيل بزيادة عدد شاحنات المساعدات المسموح لها بالدخول إلى غزة كل يوم إلى 350 شاحنة على الأقل، وهو هدف أعلى كثيراً من المستويات الحالية للمساعدات التي تدخل القطاع. وأكدت الإدارة الأميركية أن القيود الإسرائيلية المستمرة على السلع الإنسانية غير مقبولة، وخاصة مع تفاقم الأزمة.

وبينما اتخذت إسرائيل بعض الخطوات استجابة لهذه المطالب ــ مثل الإعلان عن الاستعدادات لفتح معبر كيسوفيم إلى وسط غزة ــ فقد أعربت وكالات الإغاثة عن إحباطها إزاء الافتقار إلى التقدم الملموس. وأشار الجيش الإسرائيلي إلى استعداده لتسهيل دخول المزيد من المساعدات، ولكنه لم يقدم جدولاً زمنياً واضحاً لموعد تنفيذ هذه التدابير.

الخسائر الإنسانية: المجاعة والأمراض في الأفق

مع استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية، أصبح الوضع الإنساني في غزة يائساً على نحو متزايد. وحذرت الأمم المتحدة من أن ما يصل إلى 400 ألف شخص محاصرون في شمال غزة، وغير قادرين على الفرار بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية الجارية. وقد ذكرت اللجنة التي تدعمها الأمم المتحدة أن حدود المجاعة ربما تكون قد تم تجاوزها بالفعل في أجزاء معينة من غزة، وخاصة في الشمال، حيث تم منع تسليم المساعدات لأسابيع.

صرحت لويز ووتريدج، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تقدم المساعدة للاجئين الفلسطينيين، أن المنظمات الإنسانية لم تتمكن من توصيل الغذاء إلى المناطق الشمالية المحاصرة في غزة منذ أوائل أكتوبر. ووفقًا لووتريدج، لم يتلق ما يقرب من 1.7 مليون شخص في جميع أنحاء غزة – حوالي 80٪ من السكان – حصصهم الغذائية الشهرية من الأمم المتحدة في أكتوبر، مما أدى إلى تفاقم الوضع المتدهور بالفعل.

إن الخسائر الإنسانية الناجمة عن الحرب شديدة بشكل خاص في المناطق التي تعاني من ندرة الغذاء، مما يؤدي إلى انتشار سوء التغذية وارتفاع معدلات المرض. وأكد تقرير التصنيف المرحلي المتكامل أن “المجاعة وسوء التغذية والوفيات الزائدة بسبب سوء التغذية والمرض تتزايد بسرعة”، وأنه من المتوقع أن يتفاقم الوضع بشكل كبير في الأيام المقبلة في غياب التدخل الفوري.

تحديات توصيل المساعدات: القيود المفروضة على المواد ذات الاستخدام المزدوج والعقبات اللوجستية

لقد أعاقت إسرائيل توصيل المساعدات الإنسانية ليس فقط بسبب الصراع العسكري المستمر ولكن أيضًا بسبب فرض إسرائيل لقيود “الاستخدام المزدوج”. تم تصميم هذه القيود لمنع دخول المواد التي يمكن أن تستخدمها حماس لأغراض عسكرية، مثل الخرسانة والمعادن ومواد البناء الأخرى. ومع ذلك، انتقدت المنظمات الإنسانية هذه القيود، بحجة أنها تؤثر بشكل غير متناسب على توصيل الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء ومواد المأوى.

ودعت إدارة بايدن إلى خفض هذه القيود المفروضة على المواد ذات الاستخدام المزدوج، وحثت إسرائيل على السماح بدخول المزيد من المواد الأساسية إلى غزة. ولكن المسؤولين الإسرائيليين دافعوا عن هذه التدابير، بحجة أنها ضرورية لمنع حماس من استغلال المساعدات لأغراض عسكرية. وفي بيان صدر الشهر الماضي، أوضح الجيش الإسرائيلي أنه لا “يقيد دخول الإمدادات المدنية إلى غزة” ولكنه يتطلب تصاريح لبعض المواد لمنع تحويلها إلى حماس.

وعلى الرغم من هذه القيود المستمرة، أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة أنه يستعد لفتح معبر كيسوفيم، وهو طريق حدودي رئيسي إلى وسط غزة. وأشار الجيش إلى أن تحسينات البنية التحتية، بما في ذلك بناء مرافق التفتيش، من شأنها أن تسمح بزيادة عمليات تسليم المساعدات. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح متى سيعمل هذا المعبر بكامل طاقته وما إذا كان سيخفف الأزمة بشكل كبير.

التحرك العاجل مطلوب لمنع المجاعة

مع تفاقم الوضع في غزة، يواجه المجتمع الدولي قرارًا حاسمًا. وتدعو المنظمات الإنسانية إلى اتخاذ إجراءات فورية لمنع المجاعة وتجنب المزيد من المعاناة في غزة. إن الموعد النهائي الذي حددته إدارة بايدن لإسرائيل لتحسين وصول المساعدات يقترب بسرعة، ويتزايد الضغط على كل من إسرائيل والمجتمع الدولي لإيجاد حل.

يتفق الخبراء على أن نافذة العمل تغلق بسرعة، وأن الفشل في التحرك بسرعة قد يؤدي إلى كارثة إنسانية كارثية. ويسلط تحذير لجنة الأمم المتحدة من أن المجاعة وشيكة في غزة الضوء على الحاجة الملحة لزيادة المساعدات والوصول والاستجابة الدولية المنسقة.

في الوقت الحالي، لا يزال الوضع محفوفًا بالمخاطر. وفي حين اتخذت إسرائيل بعض الخطوات لزيادة عمليات تسليم المساعدات، فإن النطاق الكامل للكارثة الإنسانية في غزة لا يزال يتعين رؤيته. ومع اقتراب الموعد النهائي، يراقب العالم عن كثب، على أمل اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

Back to top button