البترودولار.. ماذا بعد عدم تجديد الاتفاقية التي كانت سببا في هيمنة الدولار على العالم

البترودولار .. في خطوة مهمة، قررت المملكة العربية السعودية عدم تجديد اتفاقية “البترودولار” التي مضى عليها 50 عامًا مع الولايات المتحدة وهذا يعني أن المملكة العربية السعودية ستبيع الآن النفط بعملات متعددة، بما في ذلك الرنمينبي الصيني، واليورو، والين، والروبية الهندية، واليوان، بدلاً من الدولار الأمريكي حصرياً.

جولدمان ساكس: الجنيه المصري لم يعد بحاجة للدعم بسبب التدفقات الدولارية الأخيرة

ما هو البترودولار؟

ظهرت البترودولارات، وهي ليست عملة بل هي دولارات أمريكية يتم الحصول عليها مقابل صادرات النفط الخام، بعد أن تخلت الولايات المتحدة عن معيار الذهب.

وجاء نظام البترودولار في أعقاب خروج الولايات المتحدة عن معيار الذهب وفي السابق، وبموجب اتفاقية بريتون وودز، ربطت الولايات المتحدة عملتها بالذهب بمعدل 35 دولارًا للأونصة.

السبب وراء الصفقة

ضمنت هذه الاتفاقية، التي توسط فيها هنري كيسنجر عام 1974، أن يهيمن الدولار الأمريكي على تجارة النفط وتم إقناع المملكة العربية السعودية بالتوقيع على هذه الصفقة بوعود بدعم الولايات المتحدة ضد إيران والتهديدات الإقليمية الأخرى.

وفي ذلك الوقت، فقد الدولار الأمريكي قدراً كبيراً من مصداقيته بعد أن علق الرئيس ريتشارد نيكسون معيار الذهب في عام 1971 ومن خلال إنشاء نظام البترودولار، تمكنت الولايات المتحدة من الحفاظ على الدولار باعتباره العملة الاحتياطية العالمية، وتسهيل النمو الاقتصادي من خلال دعم كبير. تراكم الديون.

الولايات المتحدة تفقد هيمنتها

والآن، وفي غياب معيار الذهب أو نظام البترودولار، تواجه الولايات المتحدة قدراً متزايداً من الضعف وتصبح الديون أكثر تكلفة، ولم تعد الولايات المتحدة قادرة على طباعة الدولارات بحرية كما كانت من قبل، مما يضع الاقتصاد في موقف محفوف بالمخاطر.

وإن أهمية عدم تجديد المملكة العربية السعودية لاتفاقية البترودولار لها آثار متعددة الأوجه على الديناميكيات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.

1- التأثير على الدولار الأمريكي

كان لنظام البترودولار دورًا حاسمًا في الحفاظ على الدولار الأمريكي كعملة احتياطية في العالم ومع انتهاء هذه الاتفاقية، يمكن أن ينخفض الطلب العالمي على الدولار الأمريكي، مما قد يؤدي إلى إضعاف قيمته.

2- إعادة التنظيم الجيوسياسي

لم تكن اتفاقية البترودولار مجرد ترتيب اقتصادي، بل كانت أيضًا ترتيبًا جيوسياسيًا، يمثل تحالفًا أوسع بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، والذي تضمن الدعم العسكري والسياسي من الولايات المتحدة.

وقد يشير قرار إنهاء الاتفاقية إلى تحول في التحالفات الجيوسياسية للمملكة العربية السعودية، ومن المحتمل أن تقترب من القوى العالمية مثل الصين والهند وروسيا، التي تدعو إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في التجارة الدولية.

3- الأثر الاقتصادي

بالنسبة للولايات المتحدة، قد يؤدي انتهاء اتفاقية البترودولار إلى ارتفاع أسعار النفط والتضخم وبما أن النفط يتم تسعيره بالدولار، فإن ضعف الدولار من شأنه أن يجعل النفط أكثر تكلفة، مما يزيد التكاليف على الشركات والمستهلكين وربما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.

4- تأثير الأسواق المالية

يمكن أن تتأثر الأسواق المالية الأمريكية، التي استفادت من الطلب العالمي على الدولار الأمريكي والديون الأمريكية، سلباً وقد يؤدي انخفاض الطلب على الدولار الأمريكي أيضًا إلى انخفاض الطلب على سندات الحكومة الأمريكية، وهي حجر الزاوية في النظام المالي العالمي.

5- التحول في ديناميكيات القوة العالمية:

كان اتفاق البترودولار عنصراً أساسياً في القوة الاقتصادية والجيوسياسية للولايات المتحدة وقد تشير نهايتها إلى تحول في ديناميكيات القوة العالمية، مما يسمح للبلدان والعملات الأخرى باكتساب المزيد من النفوذ.

6- فرصة للعملات الأخرى

يمثل إبرام اتفاقية البترودولار فرصة للعملات الأخرى، مثل اليوان الصيني أو الروبية الهندية أو الروبل الروسي، لكسب المزيد من الأهمية في تجارة النفط العالمية وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تسريع الاتجاه المستمر نحو التراجع عن الدولرة في التجارة العالمية.

الآثار والفوائد على شركات النفط والغاز

مخاطر أسعار الصرف: قد تواجه الشركات مخاطر جديدة مرتبطة بتقلبات العملة مع ابتعاد معاملات النفط عن الدولار الأمريكي.

تقلب أسعار النفط: قد يؤدي نهاية البترودولار إلى تقلبات جديدة في أسعار النفط، مما يؤثر على مدخلات التكلفة وهوامش الربح.

إعادة التنظيم الاستراتيجي: قد تحتاج الشركات إلى إعادة تقييم شراكاتها وتحالفاتها الاستراتيجية استجابة لتغير التحالفات الجيوسياسية.

تحديات التمويل: يمكن أن يتأثر الوصول إلى رأس المال والاستثمار مع تكيف الأنظمة المالية العالمية مع الدور المحدود للدولار الأمريكي.

التعديلات التنظيمية: قد تنشأ تحديات أو فرص تنظيمية جديدة مع استجابة الحكومات للتغيرات في ممارسات تجارة النفط العالمية.

الفوائد

تحسين الميزان التجاري: يمكن أن يؤدي التداول بالعملات الأخرى إلى تحسين الميزان التجاري مع الدول المنتجة للنفط.

الاستقلال الاستراتيجي: إن تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي يمكن أن يمنح الشركات المزيد من الاستقلال الاستراتيجي في تعاملاتها الدولية.

لا توجد تكلفة تحويل: لن تحتاج الشركات بعد الآن إلى تحويل عملة بلدها إلى الدولار الأمريكي في معاملات النفط، مما قد يقلل من تكاليف التحويل.

ويعد انتهاء اتفاقية البترودولار حدثًا مهمًا له آثار اقتصادية وجيوسياسية ومالية محتملة وقد يؤدي ذلك إلى إضعاف الدولار الأمريكي، وارتفاع أسعار النفط، وتحول في ديناميكيات القوة العالمية ويمثل هذا التغيير أيضاً فرصة للقوى الناشئة، مما يشير إلى أن تأثير الإيديولوجيات المتطرفة الممولة بدولارات النفط قد يتضاءل على مدى الأعوام العشرة إلى الخمس والعشرين المقبلة.