البرد يضرب المناطق الشمالية بالسعودية.. كيف تحمي نفسك من الأجواء القارسة؟

مع دخول فصل الشتاء، تتفاوت درجات الحرارة بين مناطق المملكة العربية السعودية بشكل ملحوظ؛ حيث يضرب البرد المناطق الشمالية بالسعودية، وتشهد انخفاضًا حادًا في درجات الحرارة، بينما تبقى مناطق أخرى مثل الربع الخالي أكثر دفئًا.
ويعود هذا التباين إلى مجموعة من العوامل الجغرافية والمناخية، وفقًا لمختصين في الأرصاد الجوية.
أشعة الشمس وعلاقتها ببرد المناطق الشمالية بالسعودية
وأوضح أستاذ المناخ بجامعة القصيم، الدكتور عبد الله المسند، أن أحد العوامل الرئيسية التي تتحكم في درجات الحرارة هو زاوية سقوط أشعة الشمس.
وأضاف “المناطق الشمالية بالسعودية تقع على خطوط عرض أعلى مقارنة بالمناطق الجنوبية، ما يعني أنها تتلقى كمية أقل من الإشعاع الشمسي المباشر، خاصة خلال فصل الشتاء عندما يميل محور الأرض بعيدًا عن الشمس”.
على الجانب الآخر، يقع الربع الخالي ضمن نطاق مدار السرطان، وهو خط العرض الذي تمر فوقه أشعة الشمس بشكل عمودي خلال الصيف، وتكون فيه شبه عمودية حتى خلال الشتاء، ما يجعل هذه المنطقة أكثر دفئًا خلال النهار مقارنة بالمناطق الشمالية التي تتلقى إشعاعًا أقل بكثير.
اقرأ أيضًا: شروط استحقاق دعم نظام ساند من التأمينات السعودية 2025
الكتل الهوائية الباردة العامل الأبرز في موجات الصقيع
وإلى جانب تأثير الإشعاع الشمسي، تلعب الكتل الهوائية دورًا محوريًا في تحديد درجات الحرارة خلال فصل الشتاء، خصوصًا في المناطق الشمالية من السعودية.
وبحسب ما أشار إليه الدكتور المسند، تتعرض هذه المناطق بشكل مباشر للكتل الهوائية الباردة القادمة من سيبيريا وأوروبا، والتي تتسبب في انخفاض درجات الحرارة بشكل ملحوظ، وأحيانًا تصل إلى ما دون الصفر المئوي.
وتتشكل هذه الكتل الهوائية فوق المناطق القطبية وشمال آسيا، حيث تفقد الحرارة بسرعة نتيجة التبريد الإشعاعي، ثم تتحرك جنوبًا نحو الجزيرة العربية بفعل أنظمة الضغط الجوي، وتؤدي إلى انخفاضات حادة في درجات الحرارة، خاصة في مناطق مثل الجوف، الحدود الشمالية، وتبوك.
وفي المقابل، تبقى المناطق الجنوبية والصحراوية، مثل الربع الخالي، محمية نسبيًا من هذه التأثيرات بسبب بعدها عن مسار هذه الكتل الباردة، إضافة إلى الطبيعة الجغرافية الصحراوية التي تحتفظ بالحرارة لفترة أطول خلال النهار.
مستوى سطح البحر يزيد برودة المناطق الشمالية بالسعودية
وإلى جانب العوامل المناخية، تؤثر الجغرافيا أيضًا في تفاوت درجات الحرارة بين المناطق، فالمناطق الشمالية تحتوي على العديد من المرتفعات والهضاب التي يزيد ارتفاعها عن سطح البحر، ما يؤدي إلى زيادة تأثير البرودة.
وتنخفض درجات الحرارة في المناطق الشمالية بالسعودية بمعدل درجة مئوية واحدة لكل 150 مترًا من الارتفاع.
وعلى سبيل المثال، مناطق مثل تبوك والجوف تحتوي على تضاريس مرتفعة نسبيًا، مما يجعلها أكثر عرضة للبرودة مقارنة بالمناطق المنخفضة، بينما تبقى المناطق الصحراوية مثل الربع الخالي في مستوى منخفض، ما يساعد على احتفاظها بالدفء، خاصة خلال النهار.
- طقس السعودية
توقعات الطقس وتحذيرات الأرصاد
ووفقًا للمركز الوطني للأرصاد، فإن موجات البرد مستمرة في التأثير على مناطق عدة في السعودية، حيث لا تزال الفرصة مهيأة لهطول أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة تؤدي إلى جريان السيول، ومصحوبة بزخات من البرد ورياح نشطة مُثيرة للأتربة والغبار.
وتشمل هذه الحالة الجوية مناطق مكة المكرمة، المدينة المنورة، حائل، القصيم، الرياض، الشرقية، الحدود الشمالية، والجوف.
كما أشار تقرير الأرصاد إلى احتمالية تساقط الأمطار بشكل خفيف إلى متوسط على مناطق جازان، عسير، والباحة، مع توقعات بتكوّن الضباب في بعض المناطق، مما قد يؤثر على مدى الرؤية الأفقية، خاصة خلال ساعات الليل والصباح الباكر.
اقرأ أيضًا: أسعار الذهب اليوم في السعودية السبت 15 فبراير 2025
كيف يمكن للسكان التعامل مع هذه الأجواء الباردة؟
ومع انخفاض درجات الحرارة إلى مستويات متدنية، من الضروري اتخاذ إجراءات احترازية لحماية الصحة وتفادي الأمراض المرتبطة بالبرد القارس، وينصح خبراء الصحة بضرورة:
- ارتداء ملابس شتوية ثقيلة مع التركيز على الطبقات المتعددة لعزل الحرارة.
- تجنب الخروج في أوقات الليل المتأخرة أو الصباح الباكر دون تدابير وقائية مناسبة.
- استخدام وسائل التدفئة بحذر مع التأكد من تهوية المنازل لتجنب مخاطر التسمم بغاز أول أكسيد الكربون.
- متابعة تحديثات الأرصاد الجوية لمعرفة التغيرات المناخية المحتملة وأخذ الحيطة والحذر.
الآثار البيئية لموجات البرد على المناطق الشمالية بالسعودية
وإلى جانب تأثيرها المباشر على السكان، تؤثر موجات البرد أيضًا على البيئة والنظام البيئي في المملكة. فقد تتسبب الانخفاضات الحادة في درجات الحرارة في تجمد بعض المحاصيل الزراعية في المناطق الشمالية، مما قد يؤثر على الإنتاج الزراعي المحلي.
كما أن تساقط الثلوج أحيانًا في مناطق مثل تبوك والجوف يضيف بعدًا جديدًا لهذه الظاهرة، حيث تتغير أنماط الحياة مؤقتًا، ويستغل السكان هذه الظواهر النادرة للاستمتاع بمشاهد الثلوج، لكن مع ضرورة توخي الحذر على الطرقات التي قد تصبح زلقة وخطرة.