التصعيد مستمر.. الصين توقف واردات الغاز المسال الأمريكية وواشنطن تفرض رسومًا جديدة

في تصعيد جديد للأزمة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أوقفت شركات الطاقة الصينية استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة الأمريكية.

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان واشنطن عن فرض رسوم جديدة على السفن الصينية، في خطوة قد تؤثر سلباً على سلاسل التوريد العالمية وأسواق الطاقة.

إعلان

الصين توقف استيراد الغاز المسال الأمريكي منذ أكثر من 10 أسابيع

وبحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فإن الصين أوقفت استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة لأكثر من عشرة أسابيع، في أطول فترة توقف منذ يونيو 2023، ما يُعد مؤشراً قوياً على تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الطرفين.

ووفقًا لمصادر مطلعة للصحيفة، فقد شملت الشركات الصينية التي أوقفت وارداتها من الغاز الأمريكي كلًا من سينوبك وبتروتشاينا، وهما من أكبر شركات الطاقة في الصين، دون صدور بيانات رسمية توضح الأسباب.

لكن محللين أشاروا للصحيفة إلى أن القرار ناتج عن مزيج من العوامل التجارية، والسياسية، وتقلبات الأسعار العالمية.

رسوم جمركية متبادلة تشعل حرب الغاز

وكانت بكين قد فرضت رسوماً جمركية بنسبة 15% على واردات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، في رد فعل على رسوم فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على الصادرات الصينية.

وتُظهر بيانات الشحن العالمية أن الصين، ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، لم تتلقَّ أي شحنات من الغاز الأمريكي في الفترة الأخيرة، مما يعكس حالة من الجمود التجاري في قطاع حيوي للطرفين.

الطلب الصيني على الغاز الأمريكي ينهار في 2025

بلغت حصة الولايات المتحدة من واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال في عام 2023 نحو 11%.

إلا أن هذه النسبة تراجعت بشكل حاد خلال الربع الأول من عام 2025، لتقترب من الصفر، وفقًا لبيانات تتبع الشحنات.

ويُعد ذلك تحولاً استراتيجياً في السياسة الطاقية الصينية، التي تسعى إلى تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، وتوسيع شراكاتها مع دول مثل روسيا، قطر، الإمارات، ودول آسيا الوسطى.

واشنطن ترد على الصين بفرض رسوم جديدة على السفن الصينية

في خطوة مقابلة، أعلن مكتب الممثل التجاري الأمريكي فرض رسوم جديدة على السفن المصنوعة في الصين، وكذلك على السفن الصينية غير المصنعة محلياً، والتي ترسو في الموانئ الأمريكية.

وستُطبق هذه الرسوم في غضون 180 يوماً، وتشمل فرض رسوم عن كل زيارة إلى الولايات المتحدة، بحد أقصى خمس زيارات سنويًا لكل سفينة.

كما تشمل الإجراءات فرض رسوم على السفن الأجنبية الصنع التي تنقل مركبات، إضافة إلى رسوم خاصة بالسفن التي تنقل الغاز الطبيعي المسال.

الصين: الإجراءات الأمريكية تضر بالتجارة العالمية

وعلّقت وزارة الخارجية الصينية على الخطوة الأمريكية، ووصفتها بأنها “إجراءات ضارة تمسّ باستقرار الإنتاج العالمي وسلاسل التوريد”.

وقال لين جيان، المتحدث باسم الخارجية: “هذه الرسوم سترفع تكاليف الشحن العالمية، ولن تنجح في إنعاش صناعة بناء السفن الأمريكية كما تزعم واشنطن”.

انعكاسات متوقعة على أسواق الطاقة العالمية

يُتوقع أن يؤدي توقف الصين عن استيراد الغاز الأمريكي إلى إعادة توجيه شحنات الغاز نحو أسواق أخرى، مع احتمال حدوث تقلبات في الأسعار العالمية، خاصة مع ارتفاع الطلب في آسيا استعداداً لموسم الصيف.

كما أن المنتجين الأمريكيين الذين كانوا يعتمدون على السوق الآسيوية لتعويض تباطؤ الطلب الأوروبي عقب الحرب في أوكرانيا، قد يواجهون تحديات كبيرة في إيجاد أسواق بديلة.

اقرأ أيضًا .. الصين ترسل مفرزة جوية إلى مصر.. ما معنى هذا التحرك العسكري غير التقليدي؟

تحولات استراتيجية في سوق الطاقة العالمي

يرى محللون في تصريحات لوكالات الأنباء العالمية، أن هذا التصعيد يعكس تغيرًا جوهريًا في الاستراتيجية الصينية لتأمين مصادر الطاقة، عبر تنويع الموردين والتقليل من المخاطر السياسية.

ومن المتوقع أن تسعى الصين لتوقيع اتفاقات طويلة الأجل مع دول تعتبرها أكثر استقراراً من حيث العلاقات السياسية.

ويبدو أن التطورات الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة تؤكد أن الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم لم تنتهِ، بل انتقلت إلى قطاعات أكثر حساسية مثل الطاقة والنقل البحري.

وقد تُلقي هذه المواجهة بظلالها على الاقتصاد العالمي، في وقت يسعى فيه العالم إلى تعزيز أمن الطاقة واستقرار سلاسل التوريد.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى