الجوع ينافس صواريخ إسرائيل على قتل الفلسطينيين- ماذا يحدث في غزة؟

بين نيران القصف الإسرائيلي المتصاعد وصرخات الجوع الصامتة، يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة مأساة مركبة تُهدد حياتهم من كل اتجاه.

ففي الوقت الذي تواصل فيه طائرات الاحتلال قصفها لمخيمات النزوح والمدارس والمنازل، تتفاقم الكارثة الإنسانية بوتيرة متسارعة، لتُسجل المجاعة أرقاماً صادمة في أعداد الضحايا، لا سيما من كبار السن والأطفال.

إعلان

مجزرة جديدة في خيام النازحين والمدارس

في تطور دموي جديد، استشهد 10 فلسطينيين على الأقل، بينهم أطفال ونساء، وأصيب العشرات، إثر قصف إسرائيلي مباشر استهدف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، ومدرسة “غزة الجديدة” التابعة لوكالة “أونروا” غربي مدينة غزة، والتي كانت تؤوي مئات المدنيين الفارين من جحيم الحرب.

وأفادت تقارير صحفية أن طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت خيام النازحين في المواصي، ما أدى إلى استشهاد ثمانية فلسطينيين، بينهم ثلاث أطفال وامرأتان، إضافة إلى عدد من الجرحى، في مشهد يعكس التوسع المتواصل في استهداف المناطق التي يُفترض أنها “آمنة”.

وفي مدينة غزة، تسبب قصف مدفعي على المدرسة التابعة لـ”أونروا” باستشهاد مدنييْن وإصابة آخرين، بينهم أطفال ونساء، فيما تعرضت المدرسة نفسها لأكثر من هجوم مماثل منذ اندلاع الحرب الحالية في أكتوبر الماضي.

كما أسفر قصف مماثل على منزل في حي الشيخ رضوان شمال المدينة عن استشهاد مدني وإصابة آخرين، بعضهم بحالة متوسطة، نُقلوا إلى مجمع الشفاء الطبي.

القصف يتوسع جنوباً وشرقاً

وفق التقارير فإن الغارات الإسرائيلية لم تتوقف عند حدود مدينة غزة، بل امتدت جنوبًا إلى رفح وخان يونس، حيث شهدت أحياء متفرقة قصفاً عنيفاً بالطائرات الحربية والمدفعية، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى وتدمير واسع للمنازل والبنية التحتية.

كما طالت الهجمات أحياء التفاح والشجاعية شرقي غزة، في تصعيد يعكس نية الاحتلال فرض مزيد من التهجير القسري، وسط استمرار العمليات العسكرية دون توقف.

 الجوع يقتل 14 مسنًا في غزة

في ظل الحصار المشدد ومنع إدخال المساعدات، سجل قطاع غزة خلال الأسبوع الأخير وفاة 14 مسنًا بسبب الجوع وسوء التغذية، في مؤشر خطير على تفشي المجاعة في أوساط المدنيين.

وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن “الموت الصامت” بات يحصد أرواح كبار السن والأطفال بفعل نقص الغذاء وانعدام الرعاية الصحية، مشيرًا إلى أن هذه الوفيات هي نتيجة مباشرة للظروف المعيشية القاتلة التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع المحاصر.

المرصد حذّر من أن الكارثة الإنسانية بلغت مستويات كارثية، لم تعد تقتصر على فئات محددة، بل تشمل جميع الشرائح المجتمعية.

 غزة تحت الحصار والموت جوعا يلاحق السكان

من جهته، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن قطاع غزة يخضع لحصار تام للشهر الثالث على التوالي، مشيرًا إلى أن 70% من السكان يعيشون في مناطق مصنفة “عسكرية” من قبل الاحتلال، أو مناطق أُجبروا على النزوح منها.

وأكد المكتب الأممي أن الأوضاع في غزة تنذر بانهيار شامل، مشددًا على أن السكان يموتون في صمت، بينما تستعد الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون لتكثيف جهود الإغاثة فور فتح المعابر.

دعوات دولية لفتح المعابر

المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أولغا تشيريفكو، جددت مطالبة الأمم المتحدة بفتح المعابر فورًا ورفع الحصار عن غزة، مؤكدة أن المعاناة “تفوق الوصف” وأن الوضع لم يعد يُحتمل.

وفي السياق ذاته، أطلقت بلدية غزة نداء استغاثة عاجل مساء السبت، دعت فيه المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى التدخل الفوري لوقف الكارثة، وطالبت بتوفير المعدات الأساسية والخدمات اللازمة لتحسين حياة السكان في ظل الانهيار الكامل لكافة مقومات الحياة.

منع شامل للمساعدات

ومنذ الثاني من مارس الماضي، منعت إسرائيل دخول أي مساعدات إنسانية أو غذائية أو طبية إلى القطاع، ما أدى إلى تفشي الجوع والفقر بشكل غير مسبوق. وبحسب البنك الدولي، فإن غالبية سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة أصبحوا يعتمدون بالكامل على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، بعد أن دمرت الحرب كل مصادر الدخل والمعيشة.

أرقام مرعبة لضحايا الحرب والتجويع في غزة

منذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربًا مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي مباشر، شملت القصف، التجويع، التهجير القسري والتدمير الممنهج.

وقد أسفرت هذه الحرب، وفق آخر الإحصاءات، عن استشهاد وإصابة أكثر من 172 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان.

أمام هذه الصورة المأساوية، يبدو أن الجوع لم يعد مجرد سلاح غير مباشر في الحرب، بل أصبح أداة قتل ممنهجة تنافس صواريخ الاحتلال في الفتك بالفلسطينيين. ومع استمرار الحصار وغياب الحلول، تبقى أرواح الملايين معلّقة بين نيران القصف ومقاصل الجوع، في انتظار تدخل دولي قد لا يأتي.

اقرأ أيضًا: كمين للمقاومة وصفته إسرائيل بـ “حدث أمني خطير”.. ماذا يحدث في الشجاعية؟

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى