الزراعة بدون تربة.. سلاح مصر الفعّال لمواجهة التغيرات المناخية

القاهرة (خاص عن مصر) أصبحت التغيرات المناخية أحد أهم التحديات التي تواجه كل دول العالم في الوقت الحالي بشكل عام ومصر بشكل خاص، لذلك بدأت الدولة التفكير في حلول غير تقليدية للتعامل مع تلك التغيرات، ومن بين تلك الحلول هو الزراعة بدون تربة.

قد يبدو الأمر جديدًا، لكنه بالفعل أثبت نجاحًا كبيرًا في كثير من المحاصيل، التي تم زراعتها بدون تربة وحققت إنتاجية كبيرة، ما يبشر بإمكانية التوسع في ذلك النمط من الزراعة خلال السنوات المقبلة.

ما هي الزراعة بدون تربة؟

الزراعة بدون تربة هي اللجوء إلى مجموعة من النظم المختلفة لإنتاج المحاصيل الزراعية، وذلك بواسطة محاليل معدنية مغذية فقط للتعويض عن التربة الزراعية التقليدية التي تحتوي على المكونات العادية مثل الطمي والطين.

اقرأ أيضًا: الزراعة تحذر من المخالفات وتتابع توافر أسمدة الشتاء في الإسكندرية

وفي تلك العملية يتم وضع البذور في محاليل تحتوي على العناصر الغذائية اللازمة فقط، وبعد مرور الوقت تظهر البراعم الأولى، كما أنه يمكن في هذه العملية نقل النباتات بسهولة إلى أماكن أخرى مختلفة لضمان نموها المثالي.

تقنيات مبتكرة لزراعة النباتات بدون تربة

من جانبه قال د. علاء عزوز رئيس قطاع الإرشاد الزراعي، إن أنظمة الزراعة بدون تربة تعد من الابتكارات الزراعية الحديثة التي تساهم بشكل كبير في تلبية احتياجات الغذاء المتزايدة للسكان في العالم.

وأضاف أن ذلك النظام يساهم أيضًا بشكل كبير في مقاومة التغيرات المناخية، حيث تعتمد هذه الأنظمة على استخدام تقنيات مبتكرة لزراعة النباتات في بيئات غير قابلة للزراعة التقليدية، مثل الأراضي الصحراوية أو الأماكن ذات المساحات المحدودة.

اقرأ أيضًا: لإنهاء مخالفات البناء.. الزراعة والتنمية المحلية تتفقان على تسريع إحراءات التصالح

في حين أشار قال الدكتور محمد حسن باحث أول بالمعمل المركزي للمناخ، إلى أن الزراعة بدون تربة يتم الحفاظ على المياه، حيث إنه يتم الري والتسميد في الوقت ذاته، دون أن يكون هناك هدر للمياه.

مزايا عديدة للزراعة بدون تربة في مصر

وعدد المزايا التي تتيحها الزراعة بدون تربة ومن بينها أنها توفر استخدامًا فعالًا للموارد حيث تستخدم كمية أقل من الماء بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالزراعة التقليدية، كما أنها مقاومة للتغيرات المناخية لأنها تسمح بزراعة النباتات في بيئات محكومة تمامًا، حيث يمكن ضبط درجة الحرارة والرطوبة وتوفير الإضاءة الاصطناعية، ومن ثم تجنب تأثيرات الجفاف والفيضانات والأحوال الجوية القاسية على النباتات.

وأشار إلى أن من بين المزايا أيضًا زيادة إنتاجية الزراعة، حيث يتم التحكم بدقة في الظروف البيئية، وبالتالي تحقيق نمو أفضل للنباتات وتسريع دورة النمو، مما يؤدي إلى زيادة حجم الإنتاج وتقليل فترة النمو، ومن بين المزايا أيضًا تقليل التلوث البيئي حيث إن الزراعة بدون تربة تقلل من استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية، وبالتالي تحد من تفريغ المواد الضارة في البيئة، كما أنها تحافظ على نقاء المياه وتقلل من الترسبات الصلبة والتلوث البكتيري.

وقال: الميزة الأهم هي تعزيز الأمن الغذائي حيث توفر إمكانية زراعة النباتات في المناطق التي يصعب فيها زراعة التربة التقليدية، كما أنها تقلل من الاعتماد على الزراعة التقليدية المعرضة للمخاطر المناخية والكوارث الطبيعية.

أسباب التوسع في الزراعة بدون تربة في مصر

وأشار تقرير صادر عن وزارة الزراعة إلى أن الزراعة بدون تربة أحد الأساليب الحديثة في الزراعة، والتي بدأت تأخذ طريقها في الانتشار في كثير من دول العالم.

اقرأ أيضًا: الزراعة: توزيع 100 طن تقاوى شعير مجانًا على صغار مزارعي مطروح

وأضاف التقرير أن مصر أيضًا بدأت التوسع في هذا النمط من الزراعة، وأرجع التقرير ذلك غلى عدد من الأسباب من بينها الزحف العمرانى والتعديات على الأراضى الزراعية وما ينتج عن ذلك من تناقص ملحوظ للرقعة الزراعية وانتشار العشوائية وزيادة فرص التلوث البيئي، وكذلك من ضمن الأسباب أيضًا السلوك الخاطئ فى الزراعة وعدم الالتزام بالدورة الزراعية وتعمد البعض تجريف الأراضى مما أدى إلى ضعف خصوبتها وقلة إنتاجها.

وأشار التقرير إلى أن من بين الأسباب أيضًا تلوث التربة بكثير من الميكروبات والآفات وهو ما يتسبب في خسائر فادحة لكثير من المزارعين، وكذلك التلوث الناتج عن الإفراط فى استخدام المبيدات والأسمدة وعدم الالتزام بالمعايير والممارسات الصحيحة في هذا الأمر، وأخيرًا تلوث التربة في بعض المناطق بمياه الصرف الصحى والصناعى والزراعي غير المعالجة، بالإضافة إلى التلوث الناتج عن عوادم ومخلفات المصانع والذي يكون له أيضًا تاثيرات سلبية على المحاصيل الزراعية.

خفض الاعتماد على استيراد المحاصيل

وقال التقرير إن الزراعة بدون تربة تعتبر فرصة رائعة لخفض الاعتماد على استيراد المحاصيل وزيادة الإنتاج المحلي.

كما أنها مناسبة للعديد من النباتات ومنها الورقيات والأعشاب والخس والفراولة والفلفل والطماطم، لكنه في الوقت نفسه لا يناسب بعض أنواع المحاصيل مثل الذرة أو النباتات التي لها تمتد جذورها للأعماق مثل البطاطس.

وتبقى المشكلة الأساسية في الزراعة بدون تربة أنها مكلفة وتحتاج بشكل دائم إلى توصيل التيار الكهربائي ما يؤدي إلى استهلاك أكبر للتيار، وتعرض المزروعات للتلف في حالة انقطاعه.

Back to top button