السودان بعد عامين من الحرب.. هل أصبح سيناريو التقسيم وشيكًا؟

مع دخول الحرب في السودان عامها الثاني، باتت ملامح المشهد العسكري والسياسي أكثر وضوحًا وإن كانت أشد تعقيدًا، فقد سجل الجيش السوداني خلال الأشهر الأخيرة تقدمًا ميدانيًا كبيرًا.
ونجح الجيش السوداني في طرد مليشيا الدعم السريع من العاصمة الخرطوم ومناطق استراتيجية في وسط البلاد، ما دفع المليشيا إلى إعادة تمركزها في إقليم دارفور غرب السودان، في محاولة لإعادة تنظيم صفوفها والاستفادة من حواضنها التقليدية هناك.
لكن وفق مراقبون فإن هذا التحول لا يعني بالضرورة اقتراب نهاية الحرب، بل يشير إلى مرحلة جديدة تتجاوز البعد الداخلي، وتفتح الباب أمام صراع إقليمي ودولي بأبعاد أكثر تعقيدًا.
تدويل الحرب وصراع المصالح في السودان
يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني عماد السنوسي أن الحرب في السودان لم تعد شأنًا داخليًا بحتًا، بل تحولت إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية والدولية.
وقال السنوسي لـ “خاص عن مصر”: “ما نشهده اليوم هو تداخل خطير بين المصالح الدولية المتضاربة والمصالح الوطنية للسودان، حيث أصبح البلد مسرحًا لصراع نفوذ يهدد وحدته ومستقبله السياسي”.
ويؤكد أن دعم بعض الدول لمليشيا الدعم السريع، ومحاولة فرض وقائع سياسية وعسكرية على الأرض، لا يخدم إلا تعميق الأزمة وتمديد أمد الحرب، في وقت يفترض أن تكون فيه الجهود موجهة نحو إيقاف النزيف وبناء مسار سياسي شامل.
تحالفات تكتيكية بلا أفق استراتيجي
ومنذ انسحابها من العاصمة، اتجهت مليشيا الدعم السريع إلى تكوين تحالفات سياسية وعسكرية في دارفور، بدت أقرب إلى محاولات لخلق أمر واقع على الأرض منها إلى مشروع سياسي واضح.
ويقول السنوسي: “هذه التحالفات لا تملك بعدًا استراتيجيًا، بل هي مجرد محاولة لعبور مرحلة الحرب وتأمين مصادر الدعم، سواء عبر تشكيل حكومة أمر واقع أو تسويق خطاب يبرر استمرار القتال”.
ويضيف أن هذه الخطوة تهدف بالأساس إلى تخفيف الضغط السياسي والقانوني عن الدول الداعمة، أكثر من كونها خيارًا نابعًا من رؤية مستقبلية للحل.
شبح التقسيم يلوح في السودان
تزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن سيناريوهات التقسيم، خصوصًا في ظل تمركز الدعم السريع في غرب البلاد، وتنامي الخطاب الذي يطالب بمنح الإقليم شكلًا من أشكال الحكم الذاتي أو حتى تقرير المصير.
ويعتبر السنوسي أن هذا السيناريو لم يعد بعيدًا عن الواقع، في ظل غياب الإرادة السياسية للتسوية، واستمرار التعويل على الحل العسكري.
ويحذر من أن “الفشل في التوصل إلى توافق وطني، وغياب مسار سياسي جامع، سيفتح الطريق أمام تشظي السودان، ليس فقط جغرافيًا، بل أيضًا مجتمعيًا ومؤسساتيًا”.
مستقبل على المحك ينتظر السودان
ويختم السنوسي تصريحاته بالقول إن مستقبل السودان يبقي رهينًا بقدرة الأطراف المتصارعة على تقديم تنازلات حقيقية، والتخلي عن منطق الغلبة لصالح مشروع وطني ينهي الحرب ويؤسس لدولة قائمة على المواطنة والعدالة.
أما استمرار التعويل على الخارج، والتمترس خلف السلاح، فلن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور، وربما نهاية الكيان السوداني بصيغته الحالية.
اقرأ أيضا
في ذكرى اندلاع الحرب.. خبير لـ”خاص عن مصر”: هذا هو الحل للصراع في السودان