العد التنازلي بدأ.. شركات الخليج تفعل خطط الطوارئ وسط الصراع الإسرائيلي الإيراني

مع تفاقم التوترات بين إيران وإسرائيل، تجد الشركات العاملة في دول الخليج نفسها في حالة تأهب قصوى، تسعى خلالها إلى تعزيز خطط الطوارئ وتفعيل فرق الأزمات، وسط مخاوف من اتساع رقعة النزاع إلى قلب الشرق الأوسط.
ووفقا لصحيفة “فايننشال تايمز”، تُشير بيانات من أبرز شركات الاستشارات الأمنية إلى ازدياد كبير في طلبات الدعم، لاسيما من مؤسسات مالية ولوجستية مقرها في دبي وأبو ظبي، ما يعكس القلق المتزايد من احتمالية استهداف البنية التحتية الحيوية أو القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة.
بين الحياد والمخاطر الجيوسياسية
رغم الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بُذلت في السنوات الأخيرة لتحسين العلاقات مع طهران، تجد دول الخليج نفسها الآن وسط عاصفة محتملة. ولم يُسجَّل حتى الآن أي تغيير مباشر في الوضع الأمني، إلا أن قربها الجغرافي من مراكز التوتر، يضعها في موقع حساس.
ويُحذر خبراء الأمن من أن منشآت الطاقة، والمرافق اللوجستية، وحتى القواعد العسكرية قد تصبح أهدافا محتملة.
وقد أعرب فيل مايلز، من شركة كرول العالمية لإدارة المخاطر، عن هذا القلق قائلا: “الوضع لا يمكن اعتباره مجرد صراع محلي… هناك مجموعة من الأهداف في الشرق الأوسط قد تُستغل حال التصعيد”.
شركات إدارة المخاطر: استنفار واستجابة ميدانية
وتستقبل شركات متخصصة في الاستجابة للأزمات، مثل كرول، وكونترول ريسكس وإنترناشونال إس أو إس، وكرايسس 24، حاليا عددا كبيرا من طلبات العملاء، بدءا من دعم الإخلاء ووصولا إلى المعلومات الاستخباراتية الفورية.
وأشار توم جريفين، من كونترول ريسكس، إلى ارتفاع ملحوظ في نشاط العملاء، بما في ذلك “دعم الإخلاء في العراق وإسرائيل”، بالإضافة إلى جمع “المعلومات الاستخبارية الجوية الميدانية”.
وساعدت شركة إنترناشونال إس أو إس، التي تمتلك مراكز مساعدة في لندن ودبي، في تسهيل عمليات الإجلاء البري من إيران، وأدارت الدعم عن بُعد منذ أن بدأت إسرائيل عمليات القصف في الأراضي الإيرانية الأسبوع الماضي.
كما نصحت شركة رينو الفرنسية لصناعة السيارات موظفيها السبعين في طهران بالعمل عن بُعد، مشيرة إلى المتابعة الدقيقة للوضع المتطور.
الإجلاء والتخطيط للطوارئ أصبحا المعيار الجديد
ويكشف محللون أمنيون، مثل ميك شارب من شركة كريسيس 24 Crisis24، عن إجلاء أكثر من 40 شركة من إسرائيل من خلال نقاط عبور رئيسية. ولا تزال الشركة، بدعم من 150 محلل استخبارات ميداني، في حالة تأهب قصوى.
في حين أن منطقة الخطر الحالية لا تزال متركزة في إسرائيل وإيران، تستعد الشركات متعددة الجنسيات في الخليج لحالة من عدم الاستقرار على نطاق أوسع.
وقد منحت الأزمات السابقة، مثل الحصار الدبلوماسي المفروض على قطر من عام 2017 إلى عام 2020، شركات المنطقة مرونة راسخة، لكن الصراع الحالي يفرض تحديات جديدة وغير مسبوقة.
التكنولوجيا والاتصالات واستمرارية الأعمال في دائرة الضوء
وتستغل بعض الشركات التكنولوجيا لضمان سلامة موظفيها. فقد قامت شركة سلع استهلاكية، مدرجة في مؤشر فوتسي 100، ب بتفعيل نظام تنبيه طارئ على هواتف الموظفين، بالإضافة إلى وضع خطط استمرارية الأعمال لضمان تسليم السلع في حال تعطلت سلاسل التوريد.
وأكد جريفين من شركة “كونترول ريسكس” أن “تخطيط إدارة الأزمات والتدريبات العملية” أصبحا جزءا من العمليات اليومية للعديد من الشركات.
وتقوم الشركات بمراجعة نقاط الضعف في سلاسل التوريد الخاصة بها، بينما قامت شركات أخرى بتشكيل فرق أزمات لتسهيل التواصل الفوري مع الموظفين والجهات المعنية.
لاحظ نيك دويل، مدير في شركة “كرول”، أن قلة فقط من الشركات لديها خطط قائمة تستند إلى تهديدات سابقة. وأضاف: “خطط الإخلاء موجودة لكنها تظل خيارا أخيرا.”
التجارة البحرية والخدمات اللوجستية تحت التدقيق
ويُثير الإغلاق المحتمل لمضيق هرمز – الذي يمر عبره ثلث النفط الخام المنقول بحرا في العالم – قلق مشغلي الخدمات اللوجستية الإقليميين. وقد لاحظ مكتب عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة اضطرابات إلكترونية تؤثر على أنظمة تتبع السفن.
وصرحت شركة موانئ دبي العالمية، عملاق الخدمات اللوجستية في دبي، بأن ميناء جبل علي الرائد يعمل بشكل طبيعي، لكنها أقرت بخطورة التهديد. وأعلنت: “في حال إغلاق مضيق هرمز، وهو أمر غير مرجح، فإننا نعمل بشكل وثيق مع السلطات الحكومية… ونحن مستعدون لإعادة توجيه السفن واستراتيجيات لوجستية بديلة”.
اقرأ أيضا.. تحذيران لأمريكا خلال 24 ساعة.. هل تخطط روسيا للتدخل في صراع إيران وإسرائيل؟
الاستعداد للأسوأ
ومع تزايد احتمالات التصعيد، تتشاور بعض الشركات الخليجية أيضا مع خبراء العلاقات العامة حول بروتوكولات الاتصال في حال وقوع هجوم على مركز مالي رئيسي في المنطقة.
رغم حالة عدم اليقين، لا يزال العديد من المغتربين مطمئنين. وقال أكبر خان، مدير استثمار في قطر: “الناس قلقون في الدوحة. افتُتح بار دو بورت قبل ستة أسابيع، ولا يزال الحصول على حجز فيه شبه مستحيل. هذا أمر مثير للسخرية”.
وفي هذا التعليق مفارقة لافتة، فبينما تستعد الشركات لأسوأ السيناريوهات، لا تزال الحياة اليومية تُمارس بشكل شبه طبيعي، في ظل تفاؤل حذر وانتظار لما تحمله الأيام المقبلة.