العراق على حافة الجفاف.. هل تفجّر سياسات تركيا المائية ثورة العطش في بغداد؟

يعيش العراق واحدة من أسوأ أزماته المائية في تاريخه الحديث، وسط انخفاض حاد في منسوب المياه القادمة من تركيا عبر نهري دجلة والفرات، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من اندلاع موجة احتجاجات شعبية واسعة قد تعم مدن البلاد كافة، مع تفاقم معاناة المواطنين بسبب الجفاف وغياب المياه الصالحة للشرب.

وكشف النائب في البرلمان العراقي ثائر مخيف، عضو لجنة الزراعة والمياه، في تصريحات صحفية إن الإطلاقات المائية القادمة من تركيا “ضئيلة جدًا”، مشددًا على أن الحل الحقيقي يكمن في بناء سدود لتأمين خزين مائي استراتيجي يلبي الاحتياجات المتزايدة للبلاد، وخاصة في الجنوب ومناطق الفرات الأوسط التي تعاني أوضاعًا مأساوية.

ابتزاز تركي وغضب عراقي

وأضاف أن أنقرة تشترط إحالة مشاريع بناء السدود العراقية إلى شركات تركية لزيادة الحصة المائية، في خطوة وصفها بـ”الابتزاز السياسي”، داعيًا الحكومة إلى موقف تفاوضي أكثر صلابة.

وحذّر مخيف من أن الشعب “لن يقف مكتوف الأيدي”، مؤكدًا أن الشارع العراقي قد يخرج في احتجاجات شعبية شاملة إذا لم تلتزم تركيا بإطلاق الحصة المائية الرسمية المتفق عليها، مشيرًا إلى أن الوضع وصل إلى “مرحلة لا تتوفر فيها مياه للشرب، ناهيك عن الزراعة والرعي”.

تصريحات مخيف جاءت بعد إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن تركيا وافقت على زيادة إطلاقات المياه إلى العراق، بواقع 320 م³/ثا إلى سد الموصل و350 م³/ثا عبر الحدود مع سوريا.

وأكد السوداني أن هذه الخطوة جاءت بعد جهود دبلوماسية مكثفة بين بغداد وأنقرة، معربًا عن أمله في أن تسهم في تخفيف أزمة الجفاف.

إلا أن وسائل إعلام نقلت عن مصادر فنية في سد الموصل نفت تطبيق هذه الوعود حتى الآن، مؤكدة أن الواردات القادمة من تركيا ما تزال أقل من المعدلات المطلوبة بموجب الاتفاقات الموقعة، مما يُبقي الأزمة في خانة الخطر.

أزمة جفاف مركبة تضرب العراق

بحسب تقارير يعاني العراق من انخفاض غير مسبوق في الخزين المائي بسبب ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المناخية، وشح الأمطار، إلى جانب سياسات الجوار، لاسيما من تركيا وإيران، التي تواصل بناء السدود على منابع الأنهار المشتركة، مما يخفض حصص العراق المائية بشكل كبير.

ويحذر خبراء المياه من أن استمرار هذا الوضع ستكون له تداعيات كارثية على الأمن الغذائي والمائي، إضافة إلى التأثير على الثروة السمكية والحيوانية، وزيادة معدلات التلوث والملوحة، لا سيما في مناطق مثل البصرة والأهوار.

وفي البصرة، أفاد مواطنون بأن نسبة ملوحة المياه تجاوزت المعايير العالمية، ما أدى إلى تعطّل محطات التصفية، في وقت ارتفعت فيه أسعار المياه المعبأة من 10 آلاف إلى أكثر من 20 ألف دينار للطن، مما يشكل عبئًا هائلًا على ذوي الدخل المحدود.

دعوات لتدويل القضية لمواجهة مستقبل أكثر ظلمة

لجنة الزراعة والمياه النيابية طالبت في 23 يونيو الماضي الحكومة بتفعيل الورقة التجارية للضغط على تركيا، بعدما انخفضت الإيرادات المائية في نهري دجلة والفرات إلى ما دون 50%، وتراجع الخزين المائي إلى النصف.

ويرى مراقبون أن على العراق تدويل الملف المائي وطرحه على طاولة المنظمات الدولية، واعتبار أن ما يجري هو تهديد للأمن الإنساني، وليس فقط خلافًا حدوديًا تقليديًا.

ووفقًا لتقرير البنك الدولي، فإن العراق سيحتاج إلى 233 مليار دولار بحلول 2040 لمواجهة التحديات التنموية الناجمة عن التغير المناخي، ما يعادل نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا.

ويشدد التقرير على ضرورة تبني سياسات نمو أخضر ومستدام لتفادي الانهيار البيئي.

اقرأ أيضًا: انف.جار داخل حكومة إسرائيل.. هل تجهض صراعات حلفاء نتنياهو هدنة غزة؟

زر الذهاب إلى الأعلى