العلماء يُحيون الذئب الرهيب بعد 13 ألف عام من الانقراض.. ظهر بمسلسل صراع العروش

القاهرة (خاص عن مصر)- في تطورٍ رائد يُقرّب مفهوم مكافحة الانقراض من الواقع، نجحت شركة كولوسال بيوساينس في تهجين ذئاب تحمل جينات الذئب الرهيب الذي انقرض منذ زمن طويل.
ووفقا لتقرير نيويورك تايمز، رغم أن هذه الجراء الثلاثة ليست نسخةً طبق الأصل من ذئب الرعب، إلا أنها، المُهجّنة بتعديلاتٍ في الحمض النووي من أقاربها القدماء، تُمثّل إنجازًا هامًا في البحث العلمي والهندسة الوراثية. وقد يُسهم هذا المسعى في إثراء المعرفة حول الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، ويُتيح سبلًا جديدةً لمكافحة تغير المناخ.
ولادة ذئاب مُستوحاة من ذئاب الرعب
انقرض ذئب الرعب، وهو نوعٌ شهيرٌ اشتهر بفضل مسلسل “صراع العروش” التلفزيوني، منذ حوالي 13000 عام. حقق علماء شركة كولوسال للعلوم البيولوجية، التي تُقدر قيمتها بعشرة مليارات دولار، إنجازًا كبيرًا بتعديل جينات الذئاب الرمادية لدمج سمات أقاربها المنقرضة.
النتيجة: ثلاثة صغار سليمة – ذكران، رومولوس وريموس، وأنثى، خاليسي – تحمل العلامات الجينية للذئاب الرهيبة، بما في ذلك أجسام ضخمة وفراء أبيض كثيف.
وصفت بيث شابيرو، كبيرة المسؤولين العلميين في كولوسال، هذه الذئاب بأنها “أول حالة ناجحة لإحياء الأنواع المنقرضة”، وهي إنجازٌ بارز في هذا المجال.
رغم أن هذه الحيوانات ستبقى في الأسر، إلا أن شابيرو تتصور أن التكنولوجيا المستخدمة في تربية هذه الذئاب يمكن استخدامها لأغراض الحفاظ عليها، مما يُساعد على إعادة إحياء الأنواع المهددة بالانقراض مثل الذئب الأحمر، المعرض حاليًا لخطر الانقراض في ولاية كارولينا الشمالية.
إحياء الأنواع المنقرضة: العلم وراء إحياء الأنواع المفقودة
لأكثر من عقد من الزمان، استحوذت فكرة إحياء الأنواع المنقرضة على اهتمام العلماء. بينما ركز بعض الباحثين على الاستنساخ، يتمحور نهج كولوسال حول استخدام الحمض النووي القديم لتحديد الاختلافات الجينية الرئيسية بين الأنواع المنقرضة وأقاربها الأحياء.
من خلال تعديل الحمض النووي للذئاب الرمادية ليعكس سمات الذئاب الرهيبة، أنتجت كولوسال حيوانات تشبه هذه الأنواع المنقرضة إلى حد كبير، على الرغم من أنها ليست متطابقة وراثيًا.
تختلف هذه الطريقة عن الاستنساخ التقليدي، حيث يُنسخ الكائن الحي من خلية واحدة. بدلاً من ذلك، تُجري كولوسال تعديلات على سمات وراثية محددة في الحمض النووي لنوع حي وثيق الصلة. في هذه الحالة، عدّل العلماء 20 جينًا في الذئاب الرمادية، منتجين حيوانات ذات خصائص جسدية مشابهة للذئاب الرهيبة.
شملت هذه السمات حجمًا أكبر، وفراءً أبيض، وذيولًا كثيفة، وهي سمات تم تحديدها سابقًا في الذئاب الرهيبة من خلال تحليل الحمض النووي.
اقرأ أيضًا: بعد أسبوع خسائر بسبب رسوم ترامب الجمركية.. وول ستريت تستعد لمزيد من الفوضى
تحديات إعادة الأنواع المنقرضة
لم يكن إنتاج هذه الذئاب المستوحاة من الذئاب الرهيبة خاليًا من التحديات. يتطلب إنقاذ هذه الحيوانات من الانقراض التغلب على العديد من العقبات، بما في ذلك صعوبة تعديل جينات متعددة في آنٍ واحد، وإنتاج أجنة قابلة للحياة من حمض نووي مُعدّل، والتعقيدات العملية لتربية هذه الحيوانات في الأسر.
على سبيل المثال، كان إنتاج أجنة قابلة للحياة واستخدام حيوانات بديلة كالكلاب لحمل الجراء عمليةً تعتمد على التجربة والخطأ، حيث فشلت العديد من الأجنة قبل نجاح الولادات.
وصف مات جيمس، كبير مسؤولي الحيوانات في كولوسال، اللحظة التي رأى فيها لأول مرة الفراء الأبيض لأحد الجراء بأنها لحظة فارقة في المشروع. وقال: “كانت تلك الومضة البيضاء الأولى بمثابة صفعة حقيقية على الوجه. ستبقى في ذاكرتي إلى الأبد”.
على الرغم من نجاح هذا المشروع، تساءل خبراء، مثل آدم بويكو، عالم الوراثة في جامعة كورنيل، عما إذا كان يمكن اعتبار هذه الحيوانات ذئابًا رهيبة مُعاد إحياؤها حقًا. وبما أنها نشأت في الأسر، فإنها تفتقر إلى فرصة إظهار السلوكيات الطبيعية لأسلافها، مما قد يحد من فهمنا للأنواع المنقرضة.
بالإضافة إلى ذلك، يتوقع بويكو أن العديد من الجينات الأخرى قد تُسهم في الخصائص المميزة للذئب الرهيب، والتي لم تُرصد في التجربة الحالية.

الآثار الأخلاقية والبيئية لإحياء الأنواع المنقرضة
في حين أن فكرة إحياء الأنواع المنقرضة مثيرة للاهتمام، إلا أنها تثير العديد من التساؤلات الأخلاقية والبيئية. إن فكرة إطلاق حيوانات مُعدّلة وراثيًا في البرية، وخاصة في أنظمة بيئية مختلفة تمامًا عن تلك التي ازدهرت فيها سابقًا، محفوفة بالتحديات.
على سبيل المثال، كان الذئب الرهيب مفترسًا للثدييات الكبيرة، التي انقرضت العديد منها الآن أو تعيش في أعداد متناقصة. إذا أُعيد إحياؤها، فسيتعين على هذه الحيوانات التكيف مع الفرائس الأصغر حجمًا، وقد تُنافس أنواعًا موجودة مثل الذئاب الرمادية.
علاوة على ذلك، فإن الموارد اللازمة للحفاظ على الحيوانات المنقرضة قد تُحوّل الانتباه والتمويل عن جهود حماية الأنواع المهددة بالانقراض في البرية.
كما أشارت الدكتورة جولي ميتشن، عالمة الحفريات المشاركة في دراسة الحمض النووي للذئب الرهيب القديم، “نحن نواجه مشكلة مع الذئاب التي لدينا اليوم”، مما أثار المخاوف بشأن التركيز على إحياء الأنواع القديمة بدلاً من معالجة احتياجات مجموعات الحياة البرية الحالية.
مكافحة الانقراض والحفاظ على الأنواع
يُعدّ عمل شركة كولوسال مع الذئاب الرهيبة جزءًا واحدًا فقط من جهد أوسع نطاقًا لتسخير التكنولوجيا الوراثية للحفاظ على الأنواع.
بالإضافة إلى الذئاب الرهيبة، أعلنت الشركة عن خطط لاستخدام تقنيات مماثلة لاستنساخ وإحياء مجموعات الذئاب الحمراء في ولاية كارولينا الشمالية، والتي تأثرت بشدة بالتزاوج مع القيوط. ومن خلال إدخال مستنسخات متنوعة وراثيًا، يأمل العلماء في تحسين صحة مجموعات الذئاب الحمراء ومنع انقراضها.
في حين أن الاعتبارات الأخلاقية لمكافحة الانقراض معقدة، إلا أن الفوائد المحتملة من حيث التنوع الجيني والحفاظ على التنوع البيولوجي هائلة. ومع تقدم التكنولوجيا، يمكن أن توفر طرقًا جديدة لمواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ وفقدان الموائل، والتي تهدد العديد من الأنواع حول العالم.