المملكة المتحدة تستعيد علاقاتها مع سوريا بعد 8 أشهر من سقوط الأسد

في خطوة من شأنها إعادة رسم ملامح الديناميكيات الإقليمية، أعادت المملكة المتحدة رسمياً علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، منهيةً بذلك قطيعة دامت 14 عاماً بدأت مع اندلاع الحرب الأهلية الوحشية في البلاد.
سافر وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إلى دمشق يوم السبت، ليصبح أول وزير بريطاني يزور البلاد منذ عام 2011، مُعلناً عن بداية عهد جديد من التعاون بعد ثمانية أشهر فقط من الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
المملكة المتحدة تعترف بالحكومة السورية الجديدة
تأتي هذه الزيارة في الوقت الذي تسعى فيه سوريا إلى إعادة بناء نفسها بعد قرابة 14 عاماً من الحرب، عقب إسقاط نظام الأسد على يد قوات المعارضة بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
في بيان صادر من دمشق، وصف لامي استعادة العلاقات بأنها “تصب في مصلحة المملكة المتحدة”، مؤكدًا على أهمية استقرار سوريا للحد من الهجرة غير الشرعية، وتدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية المتبقية، ومكافحة الإرهاب.
قال لامي خلال الزيارة: “تعيد المملكة المتحدة العلاقات الدبلوماسية لأن من مصلحتنا دعم الحكومة الجديدة في الوفاء بالتزامها ببناء مستقبل مستقر وأكثر أمنًا وازدهارًا لجميع السوريين”.
رفع العقوبات والمساعدات الإنسانية
يأتي هذا التحول الدبلوماسي في أعقاب قرار المملكة المتحدة في مارس برفع اسم البنك المركزي السوري و23 كيانًا آخر من قائمة عقوباتها، مما يعكس اعتراف الحكومة بالإدارة الجديدة للبلاد. ترفع الحكومات الغربية تدريجيًا نظام العقوبات الذي عزل سوريا لأكثر من عقد، على أمل تحفيز الانتعاش الاقتصادي وتعزيز الانتقال السياسي.
وفي إطار الالتزام المتجدد، أعلن لامي عن حزمة تمويل جديدة – تشمل 94.5 مليون جنيه إسترليني كمساعدات إنسانية عاجلة ودعمًا إضافيًا لبرامج الإنعاش طويلة الأجل، والتعليم، ومساعدة اللاجئين في جميع أنحاء المنطقة. تجاوز إجمالي مساعدات المملكة المتحدة لسوريا والدول المجاورة منذ عام 2011، 4.5 مليار جنيه إسترليني.
الالتزام بتدمير الأسلحة الكيميائية
تضمن برنامج زيارة وزير الخارجية لقاءً مع متطوعي الدفاع المدني السوري، المعروفين باسم “الخوذ البيضاء”، والذين يؤدون دورًا حاسمًا في العمل الطبي الطارئ وإزالة الذخائر غير المنفجرة. وأكد لامي التزام المملكة المتحدة بالمساعدة في التفكيك الكامل لبرنامج الأسلحة الكيميائية الذي يعود إلى عهد الأسد، متعهدًا بتقديم مليوني جنيه إسترليني إضافيين لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) لدعم العمليات الجارية في سوريا.
قال لامي: “يُتيح سقوط الأسد فرصةً للحكومة السورية الجديدة للكشف الكامل عن برنامج الأسد الشرير للأسلحة الكيميائية وتدميره”. وأضاف: “إن استقرار سوريا يصب في مصلحة المملكة المتحدة، إذ يُقلل من خطر الهجرة غير الشرعية، ويضمن تدمير الأسلحة الكيميائية، ويُعالج خطر الإرهاب، ويُنفذ خطة الحكومة للتغيير”.
أقرا أيضا.. هيمنة الصين على المعادن النادرة.. ثمن بيئي باهظ للقوة العالمية
إعادة بناء وتمكين المجتمعات المحلية
ركز لامي في اجتماعاته أيضًا على التنمية المستدامة، وزار شركاتٍ تقودها نساء مدعومة من برامج الإنعاش الاقتصادي البريطانية، وسلّط الضوء على دعم بريطانيا المستمر للمبادرات الشعبية الهادفة إلى إعادة بناء سبل العيش في سوريا ما بعد الصراع.
وأكد وزير الخارجية أن “المملكة المتحدة ستدعم الحكومة السورية في الوفاء بالتزاماتها ببناء مستقبل أكثر أمنًا وازدهارًا للسوريين، وتعزيز الأمن في المنطقة ككل والمملكة المتحدة”.
الأمن الإقليمي والارتباطات المستقبلية
عقب زيارة دمشق، من المقرر أن يسافر لامي إلى الكويت لإجراء محادثات رفيعة المستوى تهدف إلى تعزيز الأمن الإقليمي وتوسيع فرص العمل للشركات البريطانية في أسواق الخليج. كما سيعلن وزير الخارجية عن شراكة جديدة مع الكويت لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان، حيث يواجه الملايين المجاعة وتفشي وباء الكوليرا، وتقديم مساعدات بريطانية إلى الصومال، وهي بؤرة أخرى للاحتياجات الإنسانية.