الموت عطشاً على ضفاف نهر الفرات..كارثة إنسانية تهدد ملايين السوريين | ماذا يحدث ؟

تشهد مناطق شمال وشرق سوريا، وعلى رأسها مقاطعة الطبقة، كارثة إنسانية غير مسبوقة مع استمرار انخفاض منسوب مياه نهر الفرات، ما أدى إلى توقف محطات الضخ وانقطاع مياه الشرب عن آلاف العائلات، وسط عجز في الحلول الإسعافية، وتجاهل دولي متواصل لمعاناة السكان.

وبحسب تقارير فقد تحوّلت ضفاف نهر الفرات إلى ساحات عطش ومعاناة، بعد أن تراجعت كميات المياه القادمة من تركيا، ما أدى إلى خروج غالبية محطات الضخ عن الخدمة، وتوقفها عن تزويد السكان بالمياه لأيام متتالية.

في مخيم “طويحينة” الواقع شمال مدينة الطبقة، يتجمّع سكان المخيم حول أنابيب المياه عند كل لحظة تدفق، بعد فترات انقطاع طويلة. مشهدٌ وصفه مراقبون بأنه “تلخيص لحجم المأساة التي يعيشها الأهالي في قلب النهر، ولكن بلا ماء”.

كارثة انخفاض مياه الفرات تهدد حياة السوريين

أشار خبراء في الشأن المحلي إلى أن السكان في المخيمات والأحياء المحرومة من المياه يضطرون لشراء خزان ماء سعة خمسة براميل بنحو 25 ألف ليرة سورية، بينما يضطر آخرون إلى نقل المياه بأنفسهم من النهر رغم التلوث الواضح.

وبحسب تقارير ميدانية، يعمد السكان إلى غلي المياه الملوثة وإضافة الكلور لها، في محاولات يائسة لجعلها صالحة للشرب، ورغم ذلك، تزايدت الإصابات بأمراض الكلى والحصى والجهاز الهضمي.

114 قرية تواجه العطش بعد كارثة انخفاض مياه الفرات

الخراب لم يقتصر على المخيمات، بل امتد إلى مدينة الجرنية وريفها، بعد توقف محطة الطنيرة عن العمل نتيجة انخفاض منسوب المياه إلى مستويات غير مسبوقة.

وبحسب وسائل إعلام سورية، أوضح مسؤولون محليون في وحدة مياه الجرنية أن الأزمة الحالية تُعد الأخطر منذ إنشاء سد الفرات في ثمانينيات القرن الماضي، مشيرين إلى أن انخفاض المنسوب كشف عن أراضٍ كانت مغمورة لعقود وبدأ بعض الأهالي بحراثتها.

وأشاروا إلى أن البئرين الارتشاحيين في محطة الطنيرة خرجا عن الخدمة، ما أدى إلى توقف تام لضخ المياه عن المدينة و114 قرية ومخيم مجاور، بينها طويحينة، رغم تركيب مضختين بقدرة 185 حصاناً.

وأضاف المسؤولون أن استمرار التراجع في منسوب المياه يهدد بانعدامها بشكل كامل، وهو ما يعني – بحسب قولهم – كارثة على الإنسان والحيوان والنبات. ودعوا المنظمات الإنسانية إلى توفير مضخات أكبر، مؤكدين أن الحل الجذري يكمن في رفع الوارد المائي من تركيا.

شلل كامل في محطات الضخ بعد انخفاض مياه الفرات

وبحسب تقارير البلديات المحلية، فإن أزمة المياه تهدد بإيقاف تشغيل سد الفرات، ما يعني فقدان الكهرباء التي تغذي محطات الضخ، وبالتالي تفاقم المأساة على امتداد مناطق شمال وشرق سوريا.

وأكد مسؤولون في اتحاد بلديات مقاطعة الطبقة أن معظم مضخات المياه خرجت عن الخدمة بالفعل، ومنها مضخات “عايد”، “الجرنية”، “الكرين”، “الجرافات”، و”البوعاصي”، محذرين من أن بقية المضخات مهددة بالتوقف خلال أيام إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

وأوضحوا أن المقاطعة تضم 30 مضخة رئيسية جميعها باتت في دائرة الخطر، وتعمل البلديات على استبدال المضخات العمودية بأفقية، بالإضافة إلى توزيع كميات محدودة من المياه عبر صهاريج إلى بعض القرى، إلا أن هذه الحلول تبقى إسعافية ومؤقتة، ولا تكفي لتأمين الحاجة الأساسية للسكان.

وأشار مسؤولون إلى أن انخفاض منسوب النهر أدى إلى تراكم البكتيريا والترسبات، وتدهور جودة المياه، في ظل توقف الآبار الارتشاحية واعتماد السكان على السحب المباشر من النهر، ما فاقم نسب التلوث وأدى إلى ظهور حالات مرضية متعددة.

أزمة مياه الفرات تمتد إلى الرقة ودير الزور والعراق

الأزمة لم تتوقف عند حدود الطبقة، بل طالت مناطق واسعة مثل الرقة، دير الزور، وريف حلب، وصولاً إلى الداخل العراقي، في ظل استمرار الانخفاض التدريجي في منسوب مياه الفرات، ما يُنذر بكارثة مائية إقليمية تهدد حياة ملايين البشر على ضفتي النهر.

ويؤكد خبراء أن استمرار الجانب التركي في تقليص كميات المياه القادمة إلى سوريا والعراق، يخالف الاتفاقيات الدولية، ويحوّل نهر الفرات إلى أداة ابتزاز سياسي، في ظل عجز أممي واضح عن اتخاذ إجراءات فاعلة للحد من تداعيات هذا الانتهاك.

اقرا أيضا.. دولة إسلامية ينتشر بها رسم مسيء للنبي محمد.. فحوى الرسومات وكيف واجهت ذلك

 

زر الذهاب إلى الأعلى