الهجمات الإسرائيلية على سوريا تهدد استقرار الأردن 

يواجه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني توازنًا هشًا، إذ تُهدد الهجمات الإسرائيلية على سوريا بزعزعة استقرار بلاده.

منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، واجه الملك عبد الله ضغوطًا محلية متزايدة لإلغاء معاهدة السلام التي أبرمتها بلاده مع إسرائيل قبل 30 عامًا.

إعلان

مع ذلك، فقد قاوم هذه الدعوات، واختار بدلاً من ذلك الإقرار بالغضب الشعبي إزاء الإجراءات الإسرائيلية، مع الحفاظ على التعاون الأمني ​​الحيوي مع الدولة المجاورة. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة في سوريا، حيث صعّدت إسرائيل تدخلها العسكري، قد تزيد من تعقيد موقفه.

الهجمات الإسرائيلية على سوريا وأثره على الأردن

وفقا لتحليل فورين بوليسي، شهد الوضع في سوريا تحولًا جذريًا منذ ديسمبر 2024، عندما أطاح المتمردون بنظام بشار الأسد. ردًا على ذلك، صعّدت إسرائيل عملياتها العسكرية في سوريا بشكل ملحوظ، حيث شنّت أكثر من 700 غارة جوية ضد أهداف مرتبطة بإيران وحزب الله.

تُمثّل هذه الضربات، التي شملت هجمات على منشآت أسلحة كيميائية وأصول عسكرية، تصعيدًا كبيرًا. يُشكّل الوجود العسكري الإسرائيلي المتزايد داخل سوريا، ولا سيما إنشائها مواقع عسكرية خارج مرتفعات الجولان، ضغطًا كبيرًا على الموقف الدبلوماسي الأردني.

يُشارك الأردن إسرائيل مخاوفها بشأن النفوذ الإيراني في المنطقة، ولا سيما وجودها في جنوب سوريا ووكلائها في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.

مع ذلك، فإن توغلات إسرائيل في سوريا واحتلالها لمناطق استراتيجية على طول مرتفعات الجولان يُثيران غضبًا شعبيًا في الأردن. وقد انتقدت الحكومة الأردنية تصرفات إسرائيل باعتبارها انتهاكًا للقانون الدولي، مما يُعمّق التوتر بين البلدين.

صراع الأردن مع التوترات السياسية الداخلية

في حين حافظت مملكة الملك عبد الله على سلام بارد مع إسرائيل منذ معاهدة عام 1994، فإن علاقة الأردن بإسرائيل محفوفة بالاضطرابات الداخلية. نصف سكان الأردن تقريبًا من أصل فلسطيني، وينظر الكثير منهم إلى اتفاقية السلام مع إسرائيل بعين العداء.

ازدادت وتيرة الاحتجاجات الشعبية الداعية إلى طرد السفير الإسرائيلي وقطع العلاقات مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، لا سيما في أعقاب العمليات الإسرائيلية في غزة وسوريا.

يُفاقم تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا هذا التوتر الداخلي. ويرى العديد من الأردنيين أن تصرفات إسرائيل تُشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي، كما أن انتقاد المملكة العلني لها يُهدد بتأجيج المشاعر المعادية لإسرائيل.

في الوقت نفسه، تحرص حكومة الملك عبد الله على الحفاظ على التعاون الأمني ​​مع إسرائيل، لا سيما في ظل تعاملها مع التحديات الأمنية المتعلقة بسوريا، بما في ذلك تهريب المخدرات والأسلحة.

اقرأ أيضا.. بعد اشتباك الهند وباكستان المثير للقلق.. هل من مَخْرج؟

جبهة العمل الإسلامي وتنامي المشاعر الإسلامية

يشهد المشهد السياسي الأردني تحولًا أيضًا، لا سيما مع تنامي نفوذ الإسلام السياسي. وقد اكتسب حزب جبهة العمل الإسلامي، أكبر حزب معارض في البلاد، شعبية واسعة بفضل موقفه القوي المؤيد للفلسطينيين. هذا جعلها لاعباً أساسياً في الديناميكيات السياسية للبلاد، لا سيما مع تفاقم الوضع في غزة.

رداً على التهديدات الأمنية المتصورة، اتخذت المملكة الأردنية موقفاً متشدداً ضد جماعة الإخوان المسلمين، فحظرت الجماعة واعتقلت أعضاءً متورطين في مؤامرات ضد الدولة. أثارت هذه الحملة مخاوف بشأن مستقبل الإسلام السياسي في الأردن، حيث يخشى البعض من أنها قد تُشعل موجة جديدة من التطرف والاحتجاجات، التي قد تكون مرتبطة بحماس.

اتفاقية السلام الإسرائيلية الأردنية: سلاح ذو حدين

لا شك أن اتفاقية السلام مع إسرائيل قد وفرت للأردن فوائد أمنية حيوية، مما ساعد على استقرار حدوده ومنع انتشار التطرف. إلا أنها جعلت المملكة أيضاً عرضة للاضطرابات الداخلية.

يمثل تزايد عدم شعبية المعاهدة، لا سيما بين السكان الأردنيين من أصل فلسطيني، تحدياً مستمراً للمملكة. كما أن التوتر المتزايد بشأن الإجراءات الإسرائيلية في غزة وسوريا يزيد من تعقيد قدرة الملك عبد الله على الحفاظ على الاستقرار داخل المملكة.

في مفارقة مريرة، تُعدّ إسرائيل مصدرًا للأمن للأردن وقوةً مُزعزعة للاستقرار في آنٍ واحد. فبينما تستمر الإجراءات الإسرائيلية في المنطقة في إثارة الاحتجاجات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي، يجد الأردن نفسه عالقًا بين مصالحه الأمنية وضغوط الرأي العام.

إعلان

أحمد سيف الدين

أحمد سيف الدين، مترجم صحفي وعضو نقابة الصحفيين، مهتم بالسياسة الدولية والشؤون الخارجية، عمل/يعمل لدي عدد من المؤسسات الصحفية ومراكز الأبحاث الإقليمية والدولية.
زر الذهاب إلى الأعلى