اليونسكو تثير الجدل بـ 26 موقعًا جديدًا على قائمة التراث العالمي لعام 2025
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عن إضافة 26 موقعا جديدا إلى قائمة التراث العالمي لعام 2025، لتؤكد من جديد التزام العالم بحماية المعالم التي تمثل الذاكرة الثقافية، الجمال الطبيعي، واللحظات المأساوية في تاريخ الإنسانية.
وتم اختيار المواقع الجديدة من بين 32 ترشيحا، لتشمل 21 موقعا ثقافيا، 4 مواقع طبيعية، وموقعا واحدا ذا طبيعة مختلطة.
ووفقا لـ “ديلي ميل”، يصل بذلك العدد الإجمالي لمواقع التراث العالمي إلى 1248 موقعا في 170 دولة، بينها دولتان أدرجتا لأول مرة وهما؛ غينيا بيساو وسيراليون، في خطوة وصفت بأنها اعتراف دولي بجهودهما في حماية تراثهما البيئي والثقافي.
“نويشفانشتاين” قلعة الأساطير التي ألهمت ديزني
ومن بين أبرز المواقع الجديدة تأتي قلعة نويشفانشتاين، التحفة المعمارية التي تمثل الرؤية الحلمية للملك لودفيج الثاني ملك بافاريا. بنيت القلعة في جبال الألب بين عامي 1864 و1886، وكانت مصدر الإلهام الرئيس لقلعة “الجميلة النائمة” في ديزني.
ورغم تصميمها المستوحى من العصور الوسطى، فإن القلعة كانت مثالا على الحداثة التقنية في القرن التاسع عشر، حيث ضمت أنظمة متطورة تشمل المياه الجارية، والتدفئة المركزية، وحتى أجراس كهربائية لاستدعاء الخدم.
وتشمل قائمة اليونسكو أيضا القصور الأخرى للملك لودفيج مثل: هيرينشيمسي، ليندرهوف، والبيت الملكي في شاخن. وتمثل هذه المعالم صورة نادرة عن مزيج الهوس الفني والهروب من الواقع، الذي شكل شخصية “الملك المجنون” وأحلامه الغارقة في موسيقى فاجنر.
- قلعة نويشفانشتاين التي بناؤها بين عامي 1864 و1886
كمبوديا وجرحها المفتوح.. الإبادة الجماعية في ذاكرة العالم
أما في الجانب الأكثر إيلاما من القائمة، فقد تم إدراج مواقع الإبادة الجماعية في كمبوديا، وعلى رأسها مركز تشويونج إيك. هذه المواقع توثق فظائع نظام الخمير الحمر، بقيادة بول بوت، الذي أباد ما يصل إلى ثلاثة ملايين إنسان بين 1975 و1979 في حملة تطهير عنيفة مستلهمة من الماوية المتطرفة.
ولا تزال العظام بارزة من المقابر الجماعية، شاهدة على الرعب الذي شهده العالم بصمت. كما تم إدراج معتقلي S-21 وM-13، اللذين كانا مسرحا للتعذيب الوحشي. يقول خبراء إن هذه المواقع يجب أن تُحفظ للأبد، ليس فقط كتوثيق تاريخي، بل كتذكير للأجيال بخطر الاستبداد والتطرف.
- رجل يسير في أحد مواقع المقابر الجماعية خارج العاصمة بنوم بنه
جبل كومكانج في كوريا الشمالية.. التقاء الروح والطبيعة
وفي لفتة نادرة تجاه كوريا الشمالية، أدرجت اليونسكو جبل كومكانج، أو “جبل الألماس من البحر”، كموقع تراثي مختلط يجمع بين القيمة الطبيعية والثقافية. ويتميز الجبل بتنوع بيولوجي هائل، وسحب ضبابية دائمة، ومعابد بوذية تعود إلى القرن الخامس.
وحتى عام 2024، كان الجبل يمثل أحد الرموز النادرة للتواصل بين الكوريتين، ضمن ما عرف بـ”سياسة الشمس المشرقة”. واليوم، يعد إدراجه اعترافا بجماله الطبيعي وأهميته الدينية والثقافية العميقة.
- جبل كومانج هو الأحدث من بين ثلاثة مواقع للتراث العالمي لليونسكو في كوريا الشمالية
جولا-تيواي في سيراليون.. نصر بيئي بعد معاناة
ويعد إدراج مجمع جولا-تيواي أول اعتراف من نوعه لسيراليون على قائمة التراث العالمي، ويأتي تتويجا لعقود من العمل البيئي الشاق. يشمل المجمع منتزه جولا الوطني ومحمية جزيرة تيواي، ويمثل واحدة من أغنى المناطق البيئية في غرب إفريقيا.
ويضم الموقع أكثر من 1000 نوع من النباتات، 55 نوعا من الثدييات، ومئات الطيور والفراشات، إلى جانب حيوانات نادرة مثل فرس النهر القزم وآكل النمل الحرشفي أبيض البطن. ويقول علماء البيئة إن الاعتراف يمثل منارة أمل للحفاظ على النظام البيئي الذي تعرض طويلا للتهديد بسبب القطع الجائر للأشجار والنزاعات المسلحة.
- مجمع منتزه جولا تيواي الوطني الذي تبلغ مساحته 700 كيلومتر مربع
بورت رويال وجامايكا.. مدينة القراصنة الغارقة
وفي سرد أغرب قصص المدن المنسية، تبرز بورت رويال في جامايكا، التي كانت تلقب بـ”أسوأ مدينة على وجه الأرض”. خلال القرن السابع عشر، كانت المدينة ملاذا للقراصنة الإنجليز والهولنديين الذين هاجموا السفن الإسبانية وأنفقوا أموالهم في اللهو.
لكن في عام 1692، غمر زلزال وتسونامي المدينة، فغرقت تحت البحر، وتلتها كوارث أخرى من حرائق وأعاصير قضت على ما تبقى. واليوم، تعد المدينة الغارقة موقعا أثريا بحريا ذا أهمية عالمية، وقد أشاد علماء الآثار بقرار إدراجها باعتباره خطوة بارزة في توثيق التاريخ البحري للمنطقة الكاريبية.
- بورت رويال، جامايكا، وهي مدينة تجارية إنجليزية مزدهرة وملجأ سيئ السمعة للقراصنة في القرن السابع عشر قبل أن يتسبب زلزال في سقوط المدينة في المحيط.
اقرأ أيضا.. ترامب يتعهد بالتدخل لمساعدة اللاجئين الأفغان بالإمارات.. خطوة رمزية أم تحرك فعلي؟
رؤية متكاملة لحفظ التراث الإنساني
وتعبر قائمة اليونسكو لهذا العام عن تطور في مفهوم التراث، لم يعد محصورا في الجمال المعماري أو الطبيعي فقط، بل امتد ليشمل الأماكن التي تحكي قصصا عن الألم، المقاومة، والهوية. كما توضح أن حفظ التراث لا يعني فقط حماية الأحجار، بل حفظ الذاكرة الإنسانية نفسها.
ويقول الخبراء إن هذه الخطوة تمثل تحولا عالميا نحو حماية الروايات المتنوعة، سواء كانت بطولاتٍ معمارية أو مآسي سياسية، لضمان أن تبقى قصص البشرية حية، شاهدةً على ما نحن عليه، وما لا يجب أن نكرره.