انطلاقة استثمارية تاريخية بـ 15 مليار ريال.. السعودية تعود إلى سوريا بخطة اقتصادية كبرى

في خطوة غير مسبوقة، أعلنت وزارة الاستثمار السعودية عن تنظيم منتدى استثماري سعودي-سوري في العاصمة السورية دمشق، خلال عام 2025.
ويعد هذا المنتدى محطة مفصلية في مسار العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية، ويهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي، واستكشاف آفاق جديدة من الشراكات في مختلف القطاعات، وسط مشاركة رفيعة من ممثلي القطاعين العام والخاص من كلا البلدين.
منصة اقتصادية استراتيجية لتعزيز العلاقات الثنائية
وفي بيان رسمي نقلته وكالة “رويترز”، أكدت وزارة الاستثمار السعودية أن المنتدى سيجمع صناع القرار ورجال الأعمال من السعودية وسوريا، في خطوة تهدف إلى استكشاف فرص التعاون وتوقيع اتفاقيات تدعم التنمية المستدامة وتخدم مصالح الشعبين.
وأضافت أن هذا المنتدى يأتي امتداداً للجهود التي تبذلها المملكة لدعم الاقتصاد السوري في مرحلة ما بعد الحرب، وتعزيز روابط الأخوة التاريخية بين البلدين.
استثمارات بمليارات الدولارات.. وأكثر من 120 مستثمراً سعودياً في دمشق
ووفقا لما ذكرته قناة “الإخبارية” السعودية، تتجاوز قيمة الاتفاقيات المرتقب توقيعها 15 مليار ريال سعودي (حوالي 4 مليارات دولار)، وتشمل مشاريع في قطاعات متنوعة من بينها الطاقة، التعليم، الصحة، الصناعة، والتكنولوجيا.
ويشارك في المنتدى أكثر من 120 مستثمرا سعودياً، إضافة إلى مسؤولين حكوميين، وعلى رأسهم وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح.
دعم سعودي مباشر لإعادة إعمار سوريا
وضمن برنامج الزيارة، سيتم تدشين مشروع مصنع فيحاء للإسمنت الأبيض في مدينة عدرا الصناعية بريف دمشق، ما يعكس توجها سعوديا واضحا لدعم البنية التحتية السورية وتوسيع الإنتاج الصناعي، خصوصا في ظل الحاجة الماسة لقطاع الإنشاءات خلال مرحلة إعادة الإعمار.
وأكد قاسم كامل، مدير الاتصال الحكومي في وزارة الاقتصاد السورية، أن المنتدى سيتيح نقاشات مفتوحة بين رجال الأعمال السعوديين والسوريين، بهدف إقامة مشاريع مشتركة واستكشاف فرص جديدة للتعاون.
توجيهات عليا وتنسيق سعودي-سوري موسع
وأوضحت وزارة الاستثمار السعودية أن هذه المبادرة جاءت بتوجيهات من ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الذي يشرف شخصيا على تفعيل دور القطاع الخاص السعودي في دعم الاقتصاد السوري.
وتعمل الوزارة حاليا بالتنسيق مع اتحاد الغرف السعودية على تنظيم ورش عمل لاستعراض فرص الاستثمار المتاحة، والتغلب على التحديات الإجرائية والقانونية التي قد تواجه المستثمرين في البلدين.
لقاءات رفيعة ومباحثات اقتصادية في أعلى المستويات
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب لقاءات رسمية مكثفة بين الجانبين. ففي فبراير الماضي، عقد الرئيس السوري أحمد الشرع محادثات اقتصادية في الرياض مع الأمير محمد بن سلمان، ركزت على التعاون في الطاقة، التعليم، الصحة، والتكنولوجيا.
كما التقى الشرع مؤخرا في دمشق وفداً من كبار رجال الأعمال السعوديين، من بينهم محمد أبو نيان وسليمان المهيدب، لمناقشة توسيع الشراكات الاقتصادية وتعزيز الاستثمارات المشتركة.
تسهيلات دبلوماسية وتجارية غير مسبوقة
وفي إطار تمكين الحراك التجاري والاستثماري، أعلنت السفارة السعودية في دمشق عن إتاحة تراخيص السفر للمستثمرين ورجال الأعمال السعوديين والسوريين، ما يسمح بتبادل الزيارات بشكل أكثر مرونة، ويمهد الطريق أمام تدفق استثماري فعال يخدم المصالح المتبادلة.
اقرأ أيضا.. بعد سنوات من القطيعة.. السعودية تمنح المستثمرين الضوء الأخضر لزيارة سوريا واستكشاف الفرص
علاقات اقتصادية بأبعاد سياسية وإنسانية
ويعكس تنظيم المنتدى الاستثماري السعودي-السوري تحولا نوعيا في العلاقات الثنائية، تتجاوز الجانب الاقتصادي لتصل إلى أبعاد سياسية وإنسانية، في وقت تسعى فيه سوريا إلى الخروج من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية، وتبحث فيه السعودية عن دور محوري في إعادة تشكيل المشهد الاستثماري الإقليمي.
من المؤكد أن هذه الخطوة ستعيد رسم الخريطة الاقتصادية للمنطقة، إذا ما نجح الطرفان في تفعيل الاتفاقيات المرتقبة، وتعزيز الثقة المتبادلة، وتذليل التحديات أمام رؤوس الأموال والمشاريع المشتركة.