باحث فلسطيني يكشف لـ “خاص عن مصر” خطورة الأوضاع في مخيم جنين
تشهد الساحة الفلسطينية تطورات متسارعة، حيث تزامن البحث عن توافق لوقف إطلاق النار في غزة مع اندلاع مواجهات عنيفة في مدينة ومخيم جنين بالضفة الغربية.
اندلعت الاشتباكات منذ فجر السبت بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين تابعين للفصائل، وأسفرت حتى الآن عن مقتل ثلاثة أشخاص. ووفقًا لما أعلنت عنه أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، فإن العملية تأتي لاستعادة القانون والنظام في المخيم، الذي يعتبر معقلًا لمسلحي الفصائل الفلسطينية.
من جانب آخر، ترى الفصائل الفلسطينية أن الهدف الحقيقي من هذه العمليات هو القضاء على المقاومة المسلحة في المخيمات، التي تتصدى لاقتحامات الجيش الإسرائيلي، والتي ازدادت وتيرتها بالتزامن مع تصاعد الحرب في قطاع غزة.
اقرأ أيضا: بوساطة مصر.. حماس وفتح تتفقان على تشكيل لجنة لإدارة غزة بعد الحرب
ونددت حركتا حماس والجهاد الإسلامي بالسلطة الفلسطينية على خلفية العملية الأمنية في مخيم جنين، معتبرتين أنها تساهم في تفاقم الانقسام الداخلي وتستهدف المقاومة الفلسطينية.
في السياق ذاته، دعا المجلس العسكري لكتائب شهداء الأقصى بالضفة الغربية المحتلة إلى إقالة رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، مطالبًا بمحاكمته عسكريًا. جاء ذلك في ظل تصاعد الأحداث في المخيم التي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى نتيجة الاشتباكات مع أجهزة أمن السلطة.
تعد هذه التطورات مؤشرًا خطيرًا على عمق الأزمة الداخلية الفلسطينية، والتي تأتي في وقت حساس يتزامن مع تصعيد إسرائيلي في الضفة وغزة، مما يضعف موقف المقاومة ويزيد من الانقسامات الداخلية.
بداية الأزمة
بدأت الأزمة في 4 ديسمبر الجاري باعتقال الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية شخصًا من مخيم جنين ومصادرة مبلغ مالي كان بحوزته.
وفقًا لبيانات صادرة عن الفصائل المسلحة، فإن هذه الأموال كانت موجهة لدعم الأسر داخل المخيم ومقدمة من حركة الجهاد الإسلامي. ومع ذلك، تعتقد الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن تلك الأموال كانت تُستخدم لدعم المسلحين في “كتيبة جنين”، مما أدى إلى هذا التصعيد.
في اليوم التالي، ردّت مجموعة مسلحة بالاستيلاء على مركبتين تابعتين لوزارة الزراعة الفلسطينية في جنين. وقامت المجموعة بالتجول داخل المخيم رافعة أعلام حركتي حماس والجهاد الإسلامي، مما زاد التوتر.
هذا التصعيد دفع السلطة الفلسطينية إلى استدعاء تعزيزات أمنية من محافظات مجاورة، مما أدى إلى مواجهات مسلحة عنيفة في محيط المخيم.
لاحقًا، تطورت الأزمة بشكل كبير مع مقتل شاب يعمل في توصيل الطلبات خلال عملية أمنية للسلطة الفلسطينية. هذه العملية تضمنت فرض حصار على مستشفى المدينة، وقطع الكهرباء والمياه عن المخيم، مما أثار موجة غضب واسعة بين سكان المخيم.
إطلاق عملية حماية وطن بمخيم جنين
واعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن الوضع في المخيم بلغ “مرحلة لا يمكن السكوت عنها”، وشدد على أهمية فرض الأمن والنظام، باعتبارهما أولوية وطنية.
وعقد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، ووزير الداخلية زياد هب الريح، وقادة المؤسسة الأمنية اجتماعا، في مقر محافظة جنين، لمتابعة التطورات الأمنية بعد إطلاق عملية “حماية وطن حيث تقول السلطة إنها تستهدف “خارجين عن القانون”.
مقدمة لتطورات أصعب
دعا مراقبون إلى ضرورة لم الشمل الفلسطيني ووقف الاشتباكات بين أجهزة السلطة الفلسطينية والمقاومين، مشددين على أن مثل هذه الصراعات الداخلية لا تصب إلا في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبر الباحث الفلسطيني د. ماهر صافي أن الأحداث في مخيم جنين قد تكون بمثابة مقدمة لتصعيد يمكن أن يمتد إلى مخيمات أخرى مثل نور شمس، طولكرم، بلاطة، والفارعة.
وفي تصريح خاص لـ”خاص عن مصر”، أكد صافي على أهمية تعامل السلطة الفلسطينية مع الوضع في مخيم جنين بحكمة وحذر، لتجنب تحول المواجهات إلى صراع أوسع يشمل باقي المدن والمخيمات. وأشار إلى أن الأوضاع في الضفة الغربية شديدة التوتر بسبب الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة والإجراءات القمعية، التي تجعل الأرضية مهيأة لانفجار جديد.
إسرائيل الرابح الوحيد
وحذر باحث فلسطيني من أن اقتحام مخيم جنين وملاحقة المقاومين يمكن أن يؤدي إلى مواجهات دامية تسفر عن سقوط المزيد من الشباب الفلسطيني، سواء من قِبل قوات الأمن أو الفصائل المسلحة، مؤكداً أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من حالة الفلتان الأمني.
وأشار الباحث إلى أهمية الوحدة الداخلية للشعب الفلسطيني، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك العدوان على قطاع غزة، وتصعيد الاحتلال في الضفة والقدس، وحملة الاستيطان ومصادرة الأراضي. كما حذر من المخططات الإسرائيلية المدعومة من الإدارة الأمريكية، التي تستهدف تهويد القدس وتنفيذ مشاريعها الاستعمارية، ما يهدد الهوية الوطنية الفلسطينية.
وأكد أن الشعب الفلسطيني يسعى لتفادي تكرار السيناريو الدموي الذي شهده قطاع غزة، داعياً إلى التكاتف لمواجهة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الأراضي الفلسطينية منذ 7 أكتوبر.
فوضى عارمة
وشدد على أنه يجب علي الجميع تغليب المشروع الوطني الفلسطيني والوقوف أمام ما يجري من خلال بسط القانون وقطع الطريق أمام من يريد العبث بالسلم الأهلي ومصير شعبنا”.
كما يجب على حكماء السلطة الفلسطينية تجنب حدوث فوضى عارمة في الضفة، وهو ما تريده إسرائيل ومن يدعمها.