بريطانيا تدعم الذكاء الاصطناعي بـ400 مليون جنيه إسترليني استعدادًا لمواجهة روسيا والصين عسكريًا

أعلنت المملكة المتحدة عن تحوُّل جذري في استراتيجيتها الدفاعية بإطلاق هيئة “الابتكار الدفاعي البريطاني” (UKDI) وإعادة تسمية قيادة “القيادة الاستراتيجية” إلى “قيادة العمليات السيبرانية والمتخصصة” (CSOC).
ويهدف هذا التحرك المدفوع من وزارة الدفاع البريطانية إلى تسريع تبنّي التقنيات المتقدمة لمواجهة التهديدات العالمية المتزايدة، من الهجمات السيبرانية إلى تحديات ساحة المعركة.
بريطانيا ترصد 400 مليون جنيه إسترليني سنوياً للابتكار العسكري
هذه المبادرة، التي خصصت لها حكومة بريطانيا ميزانية سنوية تبلغ 400 مليون جنيه إسترليني، تعكس إدراكًا متزايدًا بأن السباق في ميدان الابتكار العسكري لا يحتمل التأخير، خاصة في ظل تصاعد التوترات من أوكرانيا إلى المحيطين الهندي والهادئ.
هيئة الابتكار الدفاعي (UKDI).. طريق بريطانيا نحو تسليح المستقبل
تهدف هيئة UKDI إلى دمج مؤسسات الابتكار القائمة، مثل مسرّع الدفاع والأمن (DASA) ووحدة الابتكار الدفاعي (DIU)، ضمن كيان واحد يسرّع إيصال التكنولوجيا إلى القوات المسلحة.
وستموّل الهيئة مشاريع من شركات ناشئة وحتى كبار المتعاقدين، مع تركيز على التقنيات المزدوجة الاستخدام ذات التطبيقات العسكرية والمدنية.
من أبرز مهام الهيئة “فريق الابتكار السريع” الذي سيعمل بسرعة “زمن الحرب” على تطوير حلول جاهزة ميدانيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، الدرونات، وأجهزة الاستشعار الحديثة.
وتهدف هذه المبادرات إلى تجاوز إخفاقات الماضي، مثل مشروع المركبة المدرعة “أجاكس”، الذي واجه تأخيرات وكُلف باهظة.
التركيز على الدرونات والذكاء الاصطناعي: من دروس أوكرانيا المستفادة
أظهرت الحرب في أوكرانيا الأثر الكبير للتقنيات منخفضة التكلفة وعالية التأثير مثل الدرونات التركية “بيرقدار TB2”.
وبالمثل، تخطط بريطانيا لدمج منظومات شبيهة في قواتها، ربما مدعومة بخوارزميات ذكاء اصطناعي لتعزيز اتخاذ القرار الذاتي.
كما يُتوقع أن تستثمر UKDI في الذخائر الانتحارية (loitering munitions) مثل “Switchblade 300″، إلى جانب تطوير درونات هجومية قادرة على تنفيذ مهام التشويش والاستطلاع والتدمير الذاتي.
درع بريطانيا السيبراني في مواجهة هجمات روسيا والصين
تمثل إعادة تسمية القيادة الاستراتيجية إلى “قيادة العمليات السيبرانية والمتخصصة” (CSOC) تحوّلًا في أولويات الدفاع البريطاني نحو الحروب غير التقليدية.
وستعتمد CSOC على أدوات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي لتحليل التهديدات في الزمن الحقيقي، إلى جانب دمج تقنيات الحرب الإلكترونية والتشويش الكهرومغناطيسي. كما سيتم دمج قوات العمليات الخاصة مع قدرات الاستخبارات والسيطرة لتحقيق عمليات هجينة مترابطة.
تكامل السيبراني للناتو
يشكل دمج UKDI وCSOC جزءًا من نهج عملياتي جديد مستمد من الصراع في أوكرانيا، حيث أثبتت الدرونات التجارية والتشويش السيبراني فعاليتهما ضد أهداف معقدة بتكاليف زهيدة.
وتسعى بريطانيا لتطبيق هذه التجارب ضمن التدريبات المشتركة مع الحلفاء، كما في “تمرين يوروفايتر 2025″، الذي اختبر التوافق الرقمي بين قوات بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا.
البيروقراطية ونقص الكفاءات أبرز التحديات
رغم الطموحات الكبيرة، تواجه المبادرتان تحديات حقيقية أبرزها البيروقراطية وصعوبة دمج الشركات الصغيرة ضمن عقود الدفاع المعقدة.
كذلك، تعاني بريطانيا من نقص حاد في المتخصصين في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، في ظل منافسة شرسة مع شركات التكنولوجيا الكبرى.
وبحسب “مراجعة الدفاع الاستراتيجية” الصادرة في يونيو 2025، تسعى الحكومة إلى تأسيس “جندي رقمي” بحلول عام 2026، يجمع بين مهارات الهجوم السيبراني والخبرة العملياتية، لكن التنفيذ العملي ما زال قيد التقييم.
هل تستطيع بريطانيا قيادة الناتو في عصر الحروب الهجينة؟
يأتي هذا التحرك البريطاني في وقت حرج تتصاعد فيه التهديدات الروسية في أوروبا، وتتعاظم التحديات الصينية في المحيط الهادئ.
وتطمح لندن إلى رفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.6% من الناتج المحلي بحلول 2027، مع هدف أبعد للوصول إلى 3%، في استجابة لدعوات واشنطن بمزيد من مساهمات الحلفاء الأوروبيين.
ويُنتظر أن تنضم حاملات الطائرات البريطانية إلى مناورات تقودها أستراليا في المحيط الهادئ نهاية 2025، بالتوازي مع جهود لمواجهة تهديدات إلكترونية صينية متقدمة.
اقرأ أيضًا.. باكستان تنفي رسميًا التعاقد على مقاتلات J-35 الصينية.. مناورة سياسية أم تراجع فعلي؟