بعد حرب إيران وإسرائيل.. السعودية ثاني دولة خليجية تشغّل “ثاد” الأمريكية| قدراتها ومداها

أعلنت وزارة الدفاع السعودية رسميًا تدشين أول سرية قتالية لمنظومة “ثاد” (THAAD) الأمريكية المتقدمة، لتصبح المملكة ثاني دولة خليجية، بعد الإمارات، تدير فعليًا هذه المنظومة التي تُعد من أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي تطورًا في العالم.
الرياض تدشّن أول سرية لـ منظومة “ثاد” الدفاعية وسط تحولات إقليمية
وأكدت الوزارة أن تشكيل السرية الجديدة جاء بعد استكمال اختبارات التشغيل والفحص والتدريبات الميدانية داخل أراضي المملكة.
وذلك ضمن مشروع دفاعي متكامل يهدف إلى تعزيز جاهزية الدفاع الجوي وحماية الأجواء والمنشآت الحيوية في المملكة، خاصة في ظل التهديدات المتزايدة من الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية.

وقد شهد الحفل الرسمي في معهد قوات الدفاع الجوي بجدة تدشين السرية، بعد برامج تدريب فردي وجماعي مكثفة، شملت تأهيل الكوادر السعودية على تشغيل المنظومة، بمساعدة خبراء أمريكيين، في إطار خطة لتوطين التقنيات الدفاعية وفق رؤية السعودية 2030.
صفقة استراتيجية .. ونقل جزئي للتصنيع إلى الداخل السعودي
تعود بداية التعاقد السعودي على منظومة “ثاد” إلى اتفاق وُقّع في نوفمبر 2018 مع الولايات المتحدة بقيمة 15 مليار دولار، تضمن شراء 44 منصة إطلاق وصواريخ ورادارات ومعدات مساندة.
وتستهدف المملكة تصنيع جزء من مكونات النظام داخل السعودية، ما يعكس التزام المملكة بتعزيز الاكتفاء الدفاعي الذاتي وتوطين أكثر من 50% من الإنفاق العسكري خلال العقد الجاري.
وقد تسلمت المملكة أولى مكونات النظام عام 2023، لتبدأ بعدها مرحلة برامج التدريب والتشغيل المكثف للقوات السعودية على أراضيها.
قدرات “ثاد” القتالية.. مظلة عالية الارتفاع لاعتراض الصواريخ
تعد منظومة THAAD، أو “الدفاع الجوي على ارتفاع عالٍ نهائي”، من إنتاج شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، واحدة من أكثر الأنظمة قدرة على اعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى، سواء داخل الغلاف الجوي أو خارجه، وذلك خلال المرحلة النهائية من مسار الصاروخ المعادي.
وتعتمد “ثاد” على تكنولوجيا الاصطدام المباشر (Hit-to-Kill)، حيث يتم تدمير الهدف بواسطة الطاقة الحركية للصاروخ الاعتراضي دون الحاجة إلى رأس حربي متفجر، ما يقلل من مخاطر الشظايا والانفـ.ـجارات في الأجواء المأهولة.
مواصفات منظومة “ثاد” الدفاعي:
مدى التغطية: حتى 200 كلم أفقياً و150 كلم ارتفاعاً
سرعة الصاروخ: 8 أضعاف سرعة الصوت
نظام راداري من طراز AN/TPY-2 بقدرة كشف تتجاوز 1000 كلم
القدرة على التعامل مع أهداف متعددة ومتزامنة
مدمج ضمن شبكة الدفاع الجوي متعدد الطبقات (ثاد – باتريوت – سكاي جارد – آيجيس)
الإمارات .. أول مستخدم خليجي للمنظومة
كانت الإمارات العربية المتحدة أول دولة في المنطقة تتعاقد على منظومة “ثاد”، حيث طلبت عام 2008 ثلاث منظومات تشمل 147 صاروخًا وأربعة رادارات وتسعة منصات إطلاق، وتبعتها صفقة أخرى عام 2011 بقيمة ملياري دولار.
وتم تشغيلها فعليًا ضمن منظومة دفاعية متكاملة تهدف لصد التهديدات الباليستية في الخليج العربي.

تحول دفاعي في توقيت حساس
يأتي تدشين السرية السعودية الأولى في سياق إقليمي شديد الحساسية، بعد تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، والضربات الدقيقة التي استهدفت منشآت عسكرية إيرانية.
ويُنظر إلى تعزيز القدرات الدفاعية السعودية باعتباره إجراءً وقائيًا يهدف لتأمين العمق الإستراتيجي للمملكة من أي تهديدات محتملة، سواء من صواريخ موجهة أو هجمات طائرات دون طيار.
ويرى مراقبون أن تشغيل “ثاد” يعكس تغيرًا نوعيًا في العقيدة الدفاعية السعودية، التي لم تعد تكتفي برد الفعل، بل تبني شبكات دفاع طبقية فاعلة تغطي كل من العمق والمدى البعيد، وتدمج ما بين المنصات الأمريكية، والمنظومات الأوروبية، وتوطين أجزاء من التصنيع في الداخل.
رسالة ردع.. وتأكيد على استقلال القرار الدفاعي
في ضوء المتغيرات المتسارعة في المنطقة، تأتي هذه الخطوة السعودية لتؤكد من جديد أن الرياض لا تنتظر التهديد حتى يقع، بل تواصل تطوير قدراتها السيادية بردع استباقي واستثمار استراتيجي في تقنيات الحماية.
وذلك ضمن سياق أوسع يشمل تنويع الشراكات الدفاعية والانفتاح على التعاون مع قوى إقليمية وعالمية متعددة، بما يعكس رؤية المملكة لبناء أمن وطني مستقل ومستدام.
اقرأ أيضاً.. دولة إسلامية على وشك امتلاك حاملة طائرات بتعاون إسباني| تُغير موازين القوى بالشرق الأوسط