بواسطة الطاقة المتجددة.. خطة كويتية لتوفير نصف إنتاج الكهرباء بحلول 2050

أعلنت الكويت عن خطة استراتيجية طموحة تهدف إلى التحول التدريجي نحو مصادر الطاقة النظيفة في إنتاج الكهرباء.
حيث كشف وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، صبيح المخيزيم، عن أن البلاد تسعى لإنتاج 50 في المائة من إجمالي احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050، وذلك ضمن رؤية طويلة الأمد تتماشى مع التزاماتها الدولية في مجالات البيئة والاستدامة.
الكويت تضع رؤية وطنية لمستقبل مستدام
وأكد الوزير المخيزيم، خلال افتتاح “أسبوع الكويت للطاقة المستدامة”، أن الحكومة الكويتية تضع ضمن أولوياتها الاستراتيجية تحقيق مزيج طاقي متوازن يعتمد بشكل متزايد على الطاقة النظيفة، مشيراً إلى أن هذا التوجه لم يعد ترفاً أو خياراً فنياً، بل أصبح ضرورة حتمية تفرضها التحديات البيئية والاقتصادية العالمية.
وقال إن “الاستثمار في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة هو اليوم من أهم ركائز التنمية المستدامة وحماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة”.
محطة “الشقايا”… حجر الزاوية في التحول الطاقي
وتُعد محطة “الشقايا” للطاقة المتجددة، الواقعة في شمال غربي الكويت، أحد أبرز المشاريع الوطنية التي تُجسد هذا التوجه الجديد، حيث كشف الوزير أن المشروع، بمراحله المختلفة، سيُنتج نحو 4800 ميغاواط من الكهرباء، وهو ما يعادل حوالي 26 إلى 27 في المائة من إجمالي الإنتاج الكهربائي في البلاد.
ومن المتوقع أن تبدأ مراحل المشروع في دخول الخدمة تدريجياً اعتباراً من صيف عام 2028.
وأشار المخيزيم إلى أن تنفيذ المشروع يتم بالتعاون بين هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهيئة تشجيع الاستثمار المباشر، موضحاً أن ممثلين عن شركة صينية حكومية قد وصلوا إلى الكويت لزيارة الموقع ومباشرة التحضيرات اللوجستية والعملياتية.
التعاون الإقليمي: توسعة الربط الخليجي
وفي إطار استعداد الكويت لمواجهة الارتفاع الكبير في استهلاك الكهرباء، خاصة خلال فصل الصيف، أعلن الوزير عن مشروع لإنشاء خط هوائي جديد لتعزيز سعة الربط مع شبكة الكهرباء الخليجية الموحدة.
وبيّن أن الكويت تتوقع الانتهاء من هذا المشروع قبل حلول الصيف الحالي، مما سيمكنها من استيراد الكهرباء من الدول الخليجية ذات الفائض الإنتاجي خلال ساعات الذروة، وهو ما سيسهم في استقرار الشبكة وتقليل الحاجة إلى قطع التيار داخل البلاد.
“القطع المبرمج”: واقع تفرضه التحديات
ورغم هذه الجهود المستقبلية، لا تزال الكويت تواجه تحديات آنية تتعلق بارتفاع الأحمال الكهربائية، ما دفع السلطات إلى اللجوء إلى ما يُعرف محلياً بـ”القطع المبرمج”.
حيث يتم فصل التيار الكهربائي مؤقتاً عن بعض المناطق الصناعية والزراعية خلال ساعات الظهيرة، في محاولة لتخفيف الضغط على شبكة الكهرباء. وتزامن ذلك مع أعمال صيانة تجري في عدد من وحدات التوليد الرئيسية.
وتثير هذه الانقطاعات قلق العديد من القطاعات الإنتاجية، خاصة في ظل الارتفاع المتزايد لدرجات الحرارة، مما يجعل تأمين احتياجات التبريد والتكييف أولوية قصوى للمواطنين والمؤسسات على حد سواء.
مشاريع طموحة وشراكات دولية
وأكد الوزير أن الحكومة الكويتية تواصل تطوير مشاريع جديدة في مجال الطاقة النظيفة وتنويع مصادر الطاقة، إلى جانب تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية، سواء على مستوى القطاعين العام والخاص أو من خلال التعاون مع المؤسسات العالمية المتخصصة.
واعتبر أن هذه الجهود تشكل جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية البلاد لتحقيق أمن الطاقة، وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتقليل الانبعاثات الكربونية.
وأضاف أن وزارة الكهرباء والماء تعمل حالياً على مراجعة وتحديث سياساتها لتسريع وتيرة التحول نحو مصادر الطاقة المستدامة، مع التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير البيئة التشريعية والتمويلية المناسبة لإنجاح هذه المشاريع.
التحدي المناخي والاقتصاد الأخضر في الكويت
وتتزامن هذه الخطط الكويتية مع موجة عالمية تتجه نحو الاقتصاد الأخضر، لا سيما بعد أن أصبحت قضايا المناخ في صلب أجندات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.
ومع ارتفاع أسعار النفط وتقلّبات السوق العالمية، تسعى الكويت، كغيرها من الدول المنتجة للنفط، إلى تأمين مصادر بديلة للطاقة تسهم في استقرار الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.
ويأتي توجه الكويت نحو الطاقة المتجددة في وقت تشهد فيه دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى تحركات مماثلة، مما يفتح الباب أمام تعاون إقليمي أوسع في مجالات الربط الكهربائي، وتبادل الطاقة، والمشاريع البحثية المشتركة في مجالات الطاقة الشمسية والرياح والوقود الحيوي.
تعكس رؤية الكويت لإنتاج نصف احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام 2050 تحولاً استراتيجياً كبيراً في سياساتها الطاقية، وتفتح آفاقاً جديدة أمام الاقتصاد الوطني لمواكبة التحولات العالمية في مجال الطاقة.
ومع استمرار تنفيذ المشاريع الكبرى مثل محطة الشقايا، وتوسعة الربط الخليجي، تتجه البلاد نحو مرحلة جديدة من الاعتماد على الطاقة النظيفة، مدفوعة بالحاجة الملحة للاستدامة، وضغوط الأحمال الكهربائية، ومتطلبات المستقبل البيئي.
اقرأايضاً: بنسبة 81%.. قطر تتصدر دول الشرق الأوسط في إنتاج الغاز الطبيعي المسال