بوتين مستعد لشل بريطانيا بهجمات إلكترونية.. حرب روسيا السيبرانية

القاهرة (خاص عن مصر)- مع تصاعد التوترات بين روسيا والدول الغربية بشأن الصراع الدائر في أوكرانيا، تواجه المملكة المتحدة تهديدًا متزايدًا من الأنشطة السيبرانية العدوانية التي يتبناها الرئيس بوتين وتقوم بها روسيا، وفقا لتقرير نشرته صحيفة تليجراف.

يوم الاثنين، سيلقي بات ماكفادن، مستشار دوقية لانكستر، كلمة في مؤتمر الدفاع السيبراني التابع لحلف شمال الأطلسي في لندن، محذرًا من أن روسيا مستعدة لإطلاق موجة من الهجمات السيبرانية التي قد تشل البنية التحتية البريطانية.

إعلان

يأتي هذا التحذير بعد أيام قليلة من تلميح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الانتقام العسكري ضد المملكة المتحدة بسبب دعمها لأوكرانيا، ويسلط الضوء على المخاطر المتزايدة في الفضاء الإلكتروني، والتي يخشى الخبراء أن يكون لها عواقب مدمرة على الاقتصاد البريطاني وأمنه القومي.

اقرأ أيضًا: ميليشيا إبادة جماعية تسعى إلى الشرعية.. قوات الدعم السريع السودانية تبحث عن السلام

مشهد الحرب السيبرانية: عدوان روسيا

في خطابه، سيحدد ماكفادن التهديدات السيبرانية المتزايدة التي تشكلها روسيا، واصفًا إياها بأنها “مزعزعة للاستقرار وضعيفة”.

يشير المستشار إلى أن الكرملين، بالتعاون مع شبكة من مجرمي الإنترنت و”الناشطين القراصنة”، يستهدف البنية الأساسية الحيوية في مختلف الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، حيث تعد المملكة المتحدة واحدة من أكثر الدول عرضة للخطر.

لم تعد الإجراءات السيبرانية التي تشنها روسيا تقتصر على التجسس أو حرب المعلومات، بل تهدف إلى تعطيل أنظمة الطاقة والاتصالات والمؤسسات السياسية والمنافذ الإعلامية في المملكة المتحدة.

يحذر المستشار من أن هذه الهجمات السيبرانية قد “تطفئ الأضواء لملايين الأشخاص”، في إشارة إلى إمكانية قيام روسيا بإغلاق شبكات الكهرباء في المملكة المتحدة. ويزعم أن هذا النوع من الهجمات يمثل “حرباً خفية” قد تكون أكثر زعزعة للاستقرار من الضربات العسكرية التقليدية.

إن خطر التعطيل واسع النطاق حقيقي، وخاصة في ضوء الحوادث الماضية حيث تسبب مجرمون إلكترونيون، يشتبه في أنهم يعملون بدعم روسي، في أضرار جسيمة.

زيادة الهجمات على البنية الأساسية الحيوية

تؤكد الأمثلة الأخيرة على شدة التهديد. في وقت سابق من هذا العام، وقعت مؤسستان تابعتان لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن ضحية لهجوم إلكتروني أدى إلى تأجيل مئات العمليات والمواعيد الحيوية، بما في ذلك علاجات السرطان.

نُسب هذا الهجوم إلى مجموعة المجرمين الإلكترونيين الروس، Qilin، التي استخدمت برامج الفدية لاستهداف أنظمة الرعاية الصحية في المملكة المتحدة. وتسبب الهجوم في تعطيل الخدمات الحيوية، مع تأخير ما يقرب من 100 علاج للسرطان على مدى ستة أيام.

وفي تطور مزعج آخر، أعلنت مجموعات القراصنة المؤيدة لروسيا مسؤوليتها عن تعطيل مواقع العديد من المجالس المحلية في المملكة المتحدة، بما في ذلك سالفورد وبوري، من خلال إغراق خوادمها بحركة المرور.

تشكل هذه الحوادث جزءًا من نمط أوسع من العدوان الإلكتروني، حيث يستهدف القراصنة المتحالفون مع روسيا بشكل متزايد البنية التحتية والمؤسسات في جميع أنحاء دول حلف شمال الأطلسي.

شبكات القراصنة النشطاء غير الرسميين: مصدر قلق متزايد

سلط ماكفادين الضوء على دور “القراصنة النشطاء غير الرسميين” – المجرمين الإلكترونيين والمرتزقة الذين يعملون خارج سيطرة الكرملين المباشرة ولكنهم لا يزالون يتصرفون لصالح روسيا. وتعمل هذه المجموعات في ظل إفلات نسبي من العقاب، وأصبحت أنشطتها أكثر تواترا وتطورا.

على سبيل المثال، أفادت التقارير أن مجموعات متحالفة مع روسيا استهدفت شركاء الناتو في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك كوريا الجنوبية، ردا على مراقبتهم للأنشطة العسكرية الروسية. هذه المجموعات غير متوقعة ويمكن أن تسبب الفوضى بأقل قدر من الاستفزاز، مما يجعلها بطاقة جامحة خطيرة في المشهد الجيوسياسي.

إن الحكومة البريطانية تدرك تمام الإدراك المخاطر التي تشكلها هذه الجهات الفاعلة غير الرسمية، ويحذر ماكفادين من أن روسيا على استعداد لاستغلال أي نقاط ضعف في الدفاعات السيبرانية في المملكة المتحدة، دون تردد في استهداف الشركات البريطانية أو البنية الأساسية الأساسية.

تكلفة الجريمة السيبرانية والتدابير اللازمة لتعزيز الدفاعات

إن الخسائر المالية الناجمة عن الجريمة السيبرانية على المملكة المتحدة مذهلة. وتشير التقديرات السابقة إلى أن التكلفة على اقتصاد المملكة المتحدة تبلغ 27 مليار جنيه إسترليني سنويا. ولمكافحة هذا التهديد المتزايد، تتخذ حكومة المملكة المتحدة خطوات استباقية لتعزيز بنيتها التحتية للأمن السيبراني.

يشمل ذلك تطوير مشروع قانون الأمن السيبراني والمرونة، والذي سيقدم لوائح أقوى للشركات، ويلزمها بالإبلاغ عن الهجمات السيبرانية وتنفيذ الضمانات ضد الخروقات المستقبلية.

بالإضافة إلى ذلك، يهدف مشروع القانون إلى زيادة الشفافية وتحسين إدارة البيانات المتعلقة بالهجمات السيبرانية، مما يسمح للمملكة المتحدة بالتعلم من الحوادث السابقة وتعزيز آليات دفاعها.

تركز الحكومة أيضًا على حماية البنية التحتية الأساسية، وضمان أن تكون سلاسل التوريد آمنة ومرنة في مواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة.

السياق الجيوسياسي: رد بوتين وصواريخ ستورم شادو

يأتي هذا التهديد السيبراني في أعقاب تحذير بوتن من أن روسيا قد تستهدف المملكة المتحدة رداً على دعمها لأوكرانيا، وخاصة بعد استخدام أوكرانيا لصواريخ ستورم شادو البريطانية الصنع ضد أهداف روسية.

أوضح بوتين أنه ينظر إلى تورط المملكة المتحدة في أوكرانيا باعتباره استفزازاً مباشراً، وأن استخدام هذه الأسلحة المتقدمة يُنظر إليه على أنه تجاوز للخط الأحمر.

وبينما تظل القوة العسكرية خياراً، فإن استخدام بوتن للحرب السيبرانية يؤكد استعداده للانخراط في استراتيجيات غير متكافئة لزعزعة استقرار البلدان التي تدعم أوكرانيا. وهذا التهديد ليس مسألة أمن قومي فحسب، بل وأيضاً مسألة استقرار اقتصادي، حيث أن الهجمات السيبرانية لديها القدرة على تعطيل القطاعات الحيوية مثل الطاقة والرعاية الصحية، والتي تعتمد بشكل كبير على البنية التحتية الرقمية.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
error: Content is protected !!