تصعيد جديد في طرابلس.. هل تُعيد الوساطات الدولية التهدئة إلى ليبيا؟

شهدت طرابلس خلال الأيام الماضية تصعيدًا أمنيًا ملحوظًا، أثار المخاوف حول هشاشة الاتفاقات السياسية والأمنية التي تم التوصل إليها بين المجلس الرئاسي الليبي بقيادة محمد المنفي وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة.

وبعد أيام قليلة فقط من توقيع اتفاق تهدئة، عادت التوترات لتتفاقم في شوارع العاصمة الليبية، مما يعكس عمق الانقسامات السياسية والصراعات المسلحة التي لا تزال تعيق استقرار ليبيا.

فشل الاتفاقات وعودة الاشتباكات في طرابلس

رغم الجهود المبذولة من قبل المجلس الرئاسي لضبط الوضع واحتواء التصعيد، تفاقمت الاشتباكات بين التشكيلات المسلحة الموالية للحكومة وأخرى معارضة.

كما أظهر هذا التصعيد أن الخلافات داخل مؤسسات الحكم لا تزال تشكل العائق الأكبر أمام تحقيق الاستقرار.

ووفق تقارير فإن غياب آليات تنفيذ واضحة لاتفاقات التهدئة وافتقارها لضمانات ملزمة، أسهم بشكل رئيسي في تفاقم الأزمة، وبرزت هذه الأزمة كمعضلة حقيقية أمام المجتمع الدولي الذي يسعى لدعم مسار سياسي متوازن.

التطورات الميدانية  في طرابلس

تزايدت حدة الاشتباكات مع دخول قوات جهاز الأمن العام إلى جزيرة القادسية، ما أثار ردود فعل من جهاز الردع لمكافحة الإرهاب، الذي أعاد انتشار قواته في مواقع استراتيجية منها جزيرة سوق الثلاثاء وطريق الشط، بالإضافة إلى استعادته لمقره السابق في معسكر الرجمة. كذلك، شهدت جزيرة أبومشماشة سيطرة جهاز الردع على سيارة عسكرية تابعة للواء 444 مع أسر عنصرين من اللواء.

في الوقت نفسه، شهد محيط شارع النصر إطلاق نار متقطع وانتشارًا لعناصر كتيبة النواصي قرب مقر الإذاعة الرسمي، مع اندلاع حريق في مقبرة سيدي منيذر، ما يضاعف المخاوف من تصعيد عسكري واسع في أحياء مأهولة بالسكان.

تحركات أممية لاستعادة التهدئة

في مواجهة هذه التطورات، كثفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تحركاتها الدبلوماسية، حيث عقدت نائبة الممثل الخاص للأمين العام، ستيفاني خوري، لقاءات مكثفة مع الأطراف السياسية والأمنية في بنغازي، سعياً للتوصل إلى تفاهمات تساعد على تخفيف حدة التوتر.

وأفادت البعثة بأن المقترحات التي طُرحت تضمنت سيناريوهات متعددة، منها إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، أو البدء بانتخابات برلمانية تليها خطوات دستورية، إلى جانب تشكيل لجنة حوار سياسي مؤقتة لتسيير المؤسسات واستكمال القوانين الانتخابية.

ورغم هذه المقترحات، عبّر المشاركون عن إحباطهم من استمرار حالة الانسداد السياسي، مطالبين بضرورة اتخاذ خطوات سريعة لإنهاء الانقسامات، خصوصًا في ظل وجود حكومتين متنافستين.

دعوات للتهدئة والحوار

حذرت بعثة الأمم المتحدة من خطورة استمرار المواجهات المسلحة واستعراض القوة في المناطق المدنية، معتبرة أن هذا التصعيد يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين ويعرقل العملية السياسية.

وأكدت البعثة على أن الحوار والتهدئة هما السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد.

هل تنجح الوساطات الدولية في استعادة التهدئة في طرابلس؟

في ظل هذا التصعيد المتجدد، يبقى التساؤل حول قدرة الوساطات الدولية على إقناع الأطراف الليبية بالعودة إلى طاولة الحوار وتنفيذ اتفاقات التهدئة.

ويري مراقبون أن الأوضاع الأمنية والسياسية الهشة في طرابلس لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا لاستقرار ليبيا، ويعتمد مستقبل البلاد إلى حد كبير على تضافر الجهود المحلية والدولية وإرادة سياسية حقيقية لإنهاء النزاع وبناء مستقبل آمن.

اقرأ أيضًا: هجوم بالطائرات والمسيرات الإسرائيلية في عرض البحر.. ماذا حدث لـ سفينة الحرية “مادلين”؟

زر الذهاب إلى الأعلى