توقيع 42 بروتوكول تعاون بين 35 جامعة مصرية وفرنسية لدعم الابتكار والتعليم المشترك

شهد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وفيليب بابتيست، وزير التعليم العالي الفرنسي، في إطار الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر، مراسم توقيع مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات التي تهدف إلى دفع التعاون الثنائي في مجالات التعليم الجامعي والبحث العلمي.
جاء ذلك خلال فعاليات “ملتقى الجامعات المصرية الفرنسية”، والذي استضافته قاعة الاجتماعات الكبرى بجامعة القاهرة، بحضور السفير الفرنسي بالقاهرة إيريك شوفالييه، إلى جانب عدد كبير من رؤساء الجامعات من الجانبين، وأمناء المجالس المتخصصة، ورؤساء المعاهد والمراكز البحثية، وممثلي الشركات الفرنسية العاملة بمصر، ولفيف من الإعلاميين والصحفيين.
في كلمته خلال الحدث، وجّه الدكتور عاشور الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي ماكرون، على ما يقدمانه من دعم دائم ومثمر للعلاقات المصرية الفرنسية، مؤكدًا أن ذلك الدعم كان له بالغ الأثر في تحقيق قفزات نوعية بمجال التعليم العالي والبحث العلمي بين البلدين.
توسيع دائرة التعاون العلمي والثقافي مع الجانب الفرنسي
أشار وزير التعليم العالي إلى عمق الصلات التاريخية التي تربط مصر بفرنسا، لاسيما في مجالي التعليم والبحث، لافتًا إلى أن الدولة المصرية تحرص على توسيع دائرة التعاون العلمي والثقافي مع الجانب الفرنسي، عبر إطلاق برامج أكاديمية حديثة تلائم متطلبات سوق العمل.
تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية التي تشدد على أهمية الشراكات مع الجامعات ذات التصنيف العالمي المرموق، من أجل تقديم تعليم بمعايير دولية.

تضاعف عدد الجامعات
وسلط عاشور الضوء على الإنجازات التي حققتها منظومة التعليم العالي المصرية خلال العقد الماضي، ومنها تضاعف عدد الجامعات لتضم قرابة 4 ملايين طالب، بينهم 53% من الفتيات، في دلالة واضحة على التمكين الحقيقي للمرأة.
الجامعات المصرية تستضيف حوالي 180 ألف طالب وافد
وأضاف أن الجامعات المصرية تستضيف حوالي 180 ألف طالب وافد من 119 دولة، كما أشاد بدور “بنك المعرفة المصري” في تحسين التصنيف الدولي للجامعات من خلال إتاحته أدوات تعليمية رقمية متقدمة.
أكد الوزير، أن التعاون مع فرنسا يمثل ركيزة مهمة ضمن الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي التي انطلقت في مارس 2023، والتي تتماشى مع أهداف رؤية مصر 2030.
الملتقى علامة فارقة في مسيرة التعاون المصري الفرنسي
وأوضح أن الملتقى يمثل علامة فارقة في مسيرة التعاون المصري الفرنسي، خاصة في ظل التحديات العالمية المشتركة، والتي تتطلب مزيدًا من التعاون في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا الحديثة، والابتكار الصناعي؛ من أجل خدمة خطط التنمية المستدامة.
اقرأ أيضًا:
مصر تنهي المرحلة الأولى من إنشاء حرم الجامعة الفرنسية بحلول العام الدراسي 2025
الدولة تسعى لأن تكون مركزًا إقليميًا للبحث والتعليم
أضاف أن مصر تعزز من خلال رؤيتها 2030 مفاهيم الابتكار والبحث العلمي كقاطرة للتقدم، مع التركيز على التكامل بين التعليم والصناعة، مشيرًا إلى أن الدولة تسعى لأن تكون مركزًا إقليميًا للبحث والتعليم خاصة للدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية، من خلال مبادرات رائدة مثل “تحالف وتنمية” و”مصر الرقمية”.
كما أوضح الوزير أن الشراكة مع فرنسا تساهم في دعم جهود التنمية في القارة الإفريقية والدول الفرنكوفونية، مع التركيز على فئة الشباب، التي تُعد العمود الفقري للمجتمعين المصري والإفريقي.
وأشار إلى أن الشباب هم المستفيدون الأبرز من هذه الشراكات، من خلال البرامج العلمية التي تركز على موضوعات مهمة مثل تغير المناخ، الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي.
ومن ناحيته، أكد فيليب بابتيست، على أن التعاون بين فرنسا ومصر في مجال التعليم والبحث العلمي يمتد لقرون وأسفر عن نتائج إيجابية، لا سيما في مجالات التدريب والابتكار.
إنشاء كلية الحقوق التابعة لجامعة السوربون
واستشهد بإنشاء كلية الحقوق التابعة لجامعة السوربون في جامعة القاهرة منذ 35 عامًا، والتي ساهمت في الحفاظ على التراث القانوني المشترك بين البلدين، والذي تعود جذوره إلى مدرسة الحقوق الخديوية التي أنشئت عام 1868.
وأضاف الوزير الفرنسي أن التعاون في مجال الآثار والتراث الثقافي يشهد تطورًا ملحوظًا بفضل استخدام تقنيات متقدمة كالمسح الضوئي ثلاثي الأبعاد في مناطق أثرية مثل وادي الملوك والنبلاء، ضمن فرق عمل مصرية فرنسية مشتركة، ما يعكس روح الثقة المتبادلة والطموح المشترك.
وأعرب عن سعادته بوجوده في جامعة القاهرة، التي وصفها بأنها منارة فكرية أسهمت في تشكيل الحياة الثقافية المصرية، مذكرًا بالدور الذي لعبته في تخريج رموز بارزة مثل الأديب نجيب محفوظ.
وشدد على أهمية استمرارية التعاون العلمي كوسيلة لتقريب الشعوب وتحقيق النمو، من خلال التعليم عالي الجودة والبحث العلمي المتميز، مؤكدًا التزام فرنسا ومصر بالعمل سويًا لتزويد المواطنين بالمهارات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل.
وفي كلمته خلال الملتقى، رحب الدكتور محمد سامي عبدالصادق، رئيس جامعة القاهرة، بالحضور، مؤكدًا على مكانة الجامعة العريقة التي أُسست عام 1908 كأول مؤسسة تعليمية حديثة في مصر والمنطقة، مشيرًا إلى أن استضافة مثل هذا الحدث يعكس دور الجامعة في خدمة أهداف التنمية المستدامة.
إعادة تأسيس الجامعة الفرنسية في مصر
وشهد الملتقى استعراضًا لعدد من صور التعاون الناجحة بين الجانبين، من بينها إعادة تأسيس الجامعة الفرنسية في مصر، والتي تمنح درجات علمية فرنسية معترف بها دوليًا، بدعم مباشر من القيادة المصرية، وتجري حاليًا أعمال توسعة في الحرم الجامعي الجديد، الذي سيستوعب 3000 طالب بحلول 2027، بالإضافة إلى إطلاق برامج أكاديمية حديثة تتماشى مع المتطلبات الحالية مثل الأمن السيبراني والتنمية البيئية.
كما تم الاحتفاء بالذكرى الـ35 لتأسيس مدرسة الحقوق التابعة للسوربون بالقاهرة، إلى جانب تسليط الضوء على برنامج التعاون البحثي “هوبير كوريان – إمحوتب” الذي انطلق عام 2005، وأسهم في تمويل أكثر من 200 مشروع بحثي مشترك بين مصر وفرنسا حتى اليوم.
توقيع 42 اتفاقية وبروتوكول تعاون بين 13 جامعة مصرية
في خطوة تعكس عمق الشراكة، تم توقيع 42 اتفاقية وبروتوكول تعاون بين 13 جامعة مصرية و22 جامعة فرنسية، تشمل 70 برنامجًا أكاديميًا حديثًا، من بينها 30 برنامجًا لمنح درجات علمية مزدوجة، وذلك بهدف دعم التعاون في التعليم والبحث وخدمة المجتمع، من خلال تطوير مناهج مشتركة وتبادل الطلاب والأساتذة، وتأسيس برامج ذات طابع دولي، وتعزيز تبادل المعرفة والخبرات.
وشهد الملتقى أيضًا جلسة نقاشية عرض خلالها المشاركون تجاربهم في التعاون البحثي والأكاديمي بين مصر وفرنسا، مؤكدين على ما تضيفه هذه التجربة من قيمة فكرية وإنسانية، سواء من خلال تنمية مهارات التفكير النقدي أو تعزيز مفاهيم حرية التعبير والانفتاح الفكري، كما قدموا نصائح للطلاب والباحثين لاستثمار الفرص التعليمية المشتركة بأفضل شكل ممكن.
منح درجات علمية مزدوجة في 15 تخصصًا أكاديميًا
يُذكر أن الاتفاق الإطاري الأكبر بين الجامعات المصرية والفرنسية تم توقيعه في وقت سابق، ويهدف إلى منح درجات علمية مزدوجة في 15 تخصصًا أكاديميًا، إلى جانب تخصيص 100 منحة للدكتوراه، تأكيدًا على حرص البلدين على الاستثمار في العقول وبناء جسور علمية راسخة للمستقبل.