جورج عبد الله.. إطلاق سراح أقدم سجين سياسي في فرنسا.. ما علاقته بـ فلسطين؟

في تطور لافت أنهى أحد أطول فصول الاعتقال السياسي في أوروبا، قررت محكمة الاستئناف في باريس صباح اليوم الخميس الإفراج عن الناشط اللبناني المؤيد للقضية الفلسطينية جورج إبراهيم عبد الله، بعد أكثر من 40 عامًا قضاها في السجون الفرنسية.
ويُعد عبد الله، البالغ من العمر 74 عامًا، من أقدم المعتقلين السياسيين في فرنسا، بعدما أُدين عام 1987 بتهمة التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين، أحدهما إسرائيلي والآخر أمريكي، على خلفية نشاطه في إطار “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية” ذات التوجه الماركسي والدعم العلني للمقاومة الفلسطينية.
من هو جورج عبد الله؟
جورج إبراهيم عبد الله، من مواليد بلدة القبيات في محافظة عكار شمال لبنان عام 1951، ينتمي إلى عائلة مسيحية مارونية. تلقى تعليمه الجامعي في فرنسا، حيث درس الفلسفة والعلوم السياسية، وهناك تبلورت أفكاره اليسارية وانخرط في النشاط السياسي المؤيد للقضية الفلسطينية.
في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، برز اسمه كأحد قادة “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية”، وهي منظمة ماركسية-لينينية تبنت العمل المسلح ضد المصالح الغربية والإسرائيلية، واعتبرت امتدادًا للكفاح الفلسطيني المسلح.
اعتُقل عبد الله في فرنسا عام 1984، بتهمة حيازة وثائق مزورة، قبل أن تُوجه له لاحقًا تهم التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين، أحدهما إسرائيلي والآخر أمريكي، في باريس. ورغم أنه لم يُدان بتنفيذ العمليات مباشرة، إلا أن المحكمة الفرنسية اعتبرته “مسؤولًا معنويًا” عنها.
ومنذ ذلك الحين، بات رمزًا في أوساط اليسار الراديكالي والمنظمات المؤيدة للمقاومة الفلسطينية، في حين أدرجته واشنطن وتل أبيب على لوائح “الإرهاب الدولي”.
لم يتراجع عبد الله عن مواقفه طيلة فترة اعتقاله، ورفض تقديم أي اعتذار أو التماس للرأفة، معتبرًا نفسه “أسيرًا في معركة ضد الاستعمار والإمبريالية”، وفق ما صرّح به في عدة مناسبات داخل السجن.
موعد الإفراج عن جورج عبد الله
وبحسب ما أعلنته الجهات القضائية الفرنسية، فإن الإفراج الفعلي عن جورج عبد الله سيكون بتاريخ 25 يوليو الجاري، مع قرار الترحيل الفوري إلى لبنان.
واعتبرت محكمة تنفيذ العقوبات، ثم محكمة الاستئناف لاحقًا، أن استمرار احتجازه لم يعد مبررًا قانونيًا، وأن المدة التي قضاها باتت “غير متناسبة مع طبيعة التهم المنسوبة إليه”، خاصة وأنه أصبح “لا يشكل خطرًا على النظام العام”.
أمريكا منعت إطلاق سراحه
رغم أن عبد الله أصبح مؤهلًا للإفراج المشروط منذ عام 1999، فإن محاولات إطلاق سراحه فشلت مرارًا نتيجة اعتراضات متكررة، أبرزها من الولايات المتحدة، التي طالبت مرارًا بعدم إطلاق سراحه، في ظل إدانته بالتورط في عمليات استهدفت دبلوماسيين أمريكيين.
ومع أن الرجل لم يقرّ علنًا بضلوعه في تلك العمليات، فإنه صنّفها ضمن سياق ما وصفه بـ”أعمال المقاومة” ضد ما اعتبره “القمع الإسرائيلي والأمريكي”، في إشارة إلى الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978، والحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975.
أول تعليق لعائلة جورج عبد الله بعد إطلاق سراحه
في أول ردّ فعل لبناني، قال روبير عبد الله، شقيق جورج، في تصريح لوكالة “فرانس برس”، إن العائلة لم تكن تتوقع أن يُفرج عنه بهذه الطريقة، مضيفًا: “لمرة واحدة، تحررت السلطات الفرنسية من الضغوط الأمريكية والإسرائيلية”.
وكان عبد الله قد عبّر في جلسات سابقة عن رغبته في قضاء ما تبقى من حياته في قريته الواقعة شمال لبنان، حيث تنتظره عائلته وأصدقاؤه وناشطون سياسيون يرون فيه “رمزًا للمقاومة”.
دعم يساري في فرنسا
قرار الإفراج أثار ردود فعل متباينة في الداخل الفرنسي، خصوصًا بين التيارات السياسية اليسارية، حيث عبّرت مايتيلد بانو، رئيسة الكتلة النيابية لحزب “فرنسا الأبية”، عن “ارتياحها” لقرار المحكمة، قائلة في تغريدة عبر منصة “إكس”: “كل الشكر لمن ناضلوا من أجل إطلاق سراحه طوال هذه السنوات”. وأضافت: “ناشطو حزبنا كانوا دائمًا جزءًا من هذا النضال”.
بدوره، قال فابيان روسيل، الأمين الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي: “أربعون عامًا في أروقة الجحيم.. وأخيرًا الحرية. إنها ثمرة نضال بلا هوادة”.
اقرأ أيضا
خلافات شيوخ العقل تشعل السويداء.. هل ينجو دروز سوريا من نار الانقسام؟