دولة إسلامية ينتشر بها رسم مسيء للنبي محمد.. فحوى الرسومات وكيف واجهت ذلك

حالة من الغضب الشعبي والرسمي تشهدها تركيا بعد نشر إحدى المجلات كاريكاتير اعتبرها البعض مسيئا لـ الأنبياء محمد وموسي عليهما السلام.

وندّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، بما وصفه بـ”استفزاز حقير” إثر نشر مجلة “ليمان” الساخرة رسماً كاريكاتورياً بدا أنه يصور النبيين محمد وموسى وهما يتصافحان وسط مشهد صاروخي في السماء.

وأكد أردوغان في تصريحات تليفزيونية أن حكومته “لن تسمح لأي كان بالإساءة إلى القيم الدينية المقدسة”، متوعداً بملاحقة المتورطين قانونياً.

وأضاف الرئيس التركي: “أولئك الذين يظهرون عدم الاحترام لنبينا والأنبياء الآخرين سيحاسبون أمام القانون”، في إشارة واضحة إلى نية الحكومة التعامل بحزم مع الواقعة التي أثارت موجة من الغضب في الأوساط المحافظة.

حملة اعتقالات بحق رسامي الكاريكاتير

عقب ردود الفعل السياسية والشعبية، تحركت السلطات التركية بسرعة، حيث أعلنت وزارة الداخلية اعتقال أربعة من رسامي المجلة، من بينهم الرسام دوجان بيليفان، الذي ظهر في فيديو متداول أثناء اعتقاله من قبل رجال الأمن، وقد كبّلت يداه خلف ظهره وتم اقتياده من منزله بطريقة أثارت الجدل.

وأكد وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا أن بيليفان “رسم صورة خسيسة”، وأنه “سيحاسب هو ومن تعاون معه وفقاً للقانون”. ونشر الوزير لاحقاً مقاطع إضافية تُظهر رجال شرطة يقتادون اثنين من العاملين في المجلة، أحدهما حافي القدمين، ما أثار موجة انتقادات من نشطاء حقوق الإنسان.

النيابة التركية تُباشر التحقيقات في كاريكاتير الأنبياء

وأعلنت النيابة العامة في إسطنبول فتح تحقيق رسمي في القضية بموجب المادة 216 من قانون العقوبات التركي، والتي تجرّم “التحريض على الكراهية والعداوة بين مكونات المجتمع”.

وأفادت وكالة الأناضول أن التحقيق أسفر عن اعتقال أربعة متهمين حتى الآن، فيما صدرت أوامر توقيف بحق ستة آخرين.

كما كشفت السلطات أن مالك المجلة ومدير تحريرها موجودان خارج البلاد، وتتم حالياً ملاحقة مدير المؤسسة إعلامياً وقانونياً داخل تركيا.

اعتذار المجلة وتوضيح نوايا الرسم

في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي، أصدرت مجلة “ليمان” بياناً عبر منصة “إكس”، اعتذرت فيه من القراء الذين شعروا بالإساءة من الرسم المنشور.

وقالت المجلة إن الرسام دوجان بيليفان “لم تكن لديه أي نية للإساءة للإسلام أو للنبي محمد”، موضحة أن الكاريكاتير كان يهدف لتسليط الضوء على “معاناة مسلم قُتل في الهجمات الإسرائيلية”، وأن محتواه أسيء فهمه.

كما طالبت المجلة السلطات القضائية بالتدخل لوقف ما وصفته بـ”حملة التشويه الممنهجة”، مشددة على ضرورة حماية حرية التعبير، لا سيما في الوسط الصحفي والإعلامي.

مظاهرات شعبية غاضبة بسبب كاريكاتير الأنبياء

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو أظهرت عشرات المحتجين وهم يتجمعون أمام مبنى مجلة ليمان في وسط إسطنبول، مرددين هتافات غاضبة وراكلين أبواب المبنى.

واعتبر بعض المراقبين أن هذه الاحتجاجات قد تؤدي إلى تصعيد في التوتر بين أنصار حرية التعبير والمجموعات المحافظة التي ترى أن الرسم تجاوز الخطوط الحمراء الدينية.

غضب رسمي وجدل حول الحريات في تركيا

المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر جيليك، وصف الرسم الكاريكاتوري بأنه “جريمة ازدراء معادية للإسلام”، مؤكداً أن الدولة لن تتسامح مع أي محاولة للإساءة للدين أو الرموز المقدسة.

وشدد على أن حرية التعبير يجب أن تُمارس ضمن إطار احترام القيم الدينية والاجتماعية للمجتمع التركي.

القضية أعادت إلى الواجهة الجدل المزمن في تركيا حول حدود حرية التعبير، خاصة في ظل هيمنة الحكومة على الفضاء الإعلامي. بينما ترى جهات معارضة أن الاعتقالات والملاحقات تعد “تضييقاً على الحريات”، تصر الحكومة ومؤيدوها على أن احترام الدين أمر لا يمكن التهاون فيه، حتى في ظل الفنون الساخرة.

وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن ما نشرته “ليمان” قد يدخل في إطار التعبير الفني، يرى آخرون أن المساس بالرموز الدينية لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة.

اقرأ أيضا

من إسطنبول إلى إزمير.. هل بدأ أردوغان تصفية معاقل المعارضة في تركيا؟

زر الذهاب إلى الأعلى