دولة فلسطينية في فرنسا.. هل تنقلب واشنطن على ماكرون بسبب إسرائيل؟

يبدو أن العلاقات بين فرنسا وأمريكا على أعتاب أزمة دبلوماسية جديدة في ظل الرفض الأمريكي للمواقف الأخيرة للرئيس الفرنسي ماكرون تجاه إسرائيل وتبنيه توجه أوروبي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ورفضت الولايات المتحدة دعوة فرنسا للاعتراف بدولة فلسطينية، وهاجم السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، موقف الرئيس الفرنسي ماكرون، مقترحًا “نقل الدولة الفلسطينية إلى الريفييرا الفرنسية” بدلاً من الأراضي الفلسطينية.
سفير أمريكا بـ إسرائيل يهاجم فرنسا ويسخر من ماكرون
قال السفير الأمريكي مايك هاكابي في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” إن دعوة فرنسا للاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية أمر “مقزز”، معتبراً أنه “من غير اللائق إطلاق هذه الدعوات بينما تواجه إسرائيل حربًا وجودية منذ السابع من أكتوبر”.
واقترح هاكابي ساخرًا أن تقيم فرنسا الدولة الفلسطينية على أراضيها إذا كانت جادة في هذا الطرح.
وأضاف: “إذا كانت فرنسا مصممة حقًا على رؤية دولة فلسطينية، فلتقتطع قطعة من الريفييرا الفرنسية وتمنحها للفلسطينيين”.
وأكد أن الولايات المتحدة لن تشارك في المؤتمر المرتقب في نيويورك، الذي تنظمه فرنسا والسعودية لدعم خيار الدولة الفلسطينية.
ماكرون يصعد ضد إسرائيل
في المقابل، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده قد تتخذ مواقف أكثر تشددًا تجاه الحكومة الإسرائيلية في حال استمرار منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، محذرًا من أن الوضع الحالي “لا يمكن الدفاع عنه”.
وقال ماكرون في مؤتمر صحفي عقده في سنغافورة: “إذا لم يكن هناك تجاوب سريع مع الاحتياجات الإنسانية، سيكون علينا تشديد موقفنا الجماعي. ندرس خيارات منها فرض عقوبات على مستوطنين إسرائيليين”.
وشدد على التزام بلاده بحل الدولتين، قائلاً إن “وجود دولة فلسطينية ليس فقط واجبًا أخلاقيًا بل ضرورة سياسية لإنهاء الصراع”.
إسرايل ترد بغضب على ماكرون
التصريحات الفرنسية قوبلت بغضب واسع في الأوساط السياسية الإسرائيلية، حيث اتهمت الحكومة الإسرائيلية ماكرون بشنّ “حرب دبلوماسية” على إسرائيل، محذرة من عواقب هذا النهج.
من جانبه، نشر عضو الكنيست ألموغ كوهين تغريدة تهكم فيها على الرئيس الفرنسي قائلاً: “عزيزي ماكرون، سمعت أنك تريد إقامة دولة فلسطينية… فوضى باريس تؤكد أنك تحقق تقدمًا كبيرًا، فقط في فرنسا”.
وأضاف بسخرية: “السابع من أكتوبر كان مجرد مقطع دعائي لما قد تواجهونه لاحقًا”.
هل تغير تحركات ماكرون مواقف فرنسا التقليدية من إسرائيل؟
وفق تقارير فإن التوتر بين باريس وتل أبيب ليس جديدًا، لكنه بلغ ذروته مع تزايد الانتقادات الأوروبية للسياسات الإسرائيلية في غزة.
ومع انضمام دول أوروبية كإسبانيا وإيرلندا والنرويج إلى معسكر الاعتراف بدولة فلسطين، تتحرك فرنسا نحو تبني موقف أكثر وضوحًا لصالح حل الدولتين.
وتسعى باريس إلى الضغط من خلال المؤسسات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، لفرض إطار سياسي جديد لإنهاء الصراع، في وقت تتعنت فيه الحكومة الإسرائيلية وتواصل عملياتها العسكرية في القطاع.
واشنطن تهدد
في خطوة تؤكد رفضها التام لأي تحركات أوروبية مستقلة بشأن القضية الفلسطينية، أعلنت واشنطن عدم مشاركتها في المؤتمر الذي دعت إليه فرنسا والسعودية في نيويورك.
واعتبرت مصادر دبلوماسية أمريكية أن أي محاولة للالتفاف على التنسيق مع الولايات المتحدة بشأن ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي “ستُواجَه بالرفض”، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية ترى أن الوقت غير مناسب لطرح حلول سياسية في ظل استمرار ما تصفه بـ”التهديدات الأمنية” ضد إسرائيل.
هل تتجه العلاقات الفرنسية الأمريكية نحو أزمة دبلوماسية؟
رغم الروابط التاريخية القوية بين باريس وواشنطن، فإن مواقف ماكرون الأخيرة قد تدفع بالعلاقة بين البلدين إلى مسار أكثر توترًا. إذ لا تخفي الولايات المتحدة دعمها غير المشروط لإسرائيل، وترى أن أي محاولة أوروبية لفرض تسوية سياسية “منفردة” تشكل خطرًا على التوازن الإقليمي.
وفي المقابل، تراهن فرنسا على قدرتها في قيادة مسار سياسي جديد داخل الاتحاد الأوروبي، مستفيدة من التعاطف الشعبي الأوروبي المتزايد مع الفلسطينيين.
باريس في مواجهة المحور الأمريكي الإسرائيلي
فرنسا تدرك أن تبنيها موقفًا أكثر استقلالية قد يكلّفها سياسيًا في المدى القريب، لكنها تراهن على تغيير المشهد الدولي على المدى البعيد.
وفي ظل الانقسام العالمي حول حرب غزة، تسعى باريس لتكريس نفسها كقوة دبلوماسية بديلة قادرة على إحداث توازن.
لكن يبقى السؤال: هل تملك فرنسا ما يكفي من النفوذ لتغيير قواعد اللعبة، أم أن واشنطن وتل أبيب ستتمكنان من عزلها وإفشال تحركاتها؟
اقرأ أيضا
في ظل ضغوط التخلص منهم.. هل يتحول المسلحون الأجانب في سوريا لقتال الشرع؟