رسالة قوية.. السعودية تفرض رسوم إغراق قاسية على الصين وتايوان لحماية صناعتها

في خطوة حاسمة تعكس التزام المملكة العربية السعودية بحماية مصالحها الصناعية والاستراتيجية، أصدر وزير التجارة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتجارة الخارجية، الدكتور ماجد القصبي، قرارا بفرض رسوم إغراق نهائية على واردات أنابيب الفولاذ المقاوم للصدأ ذات المقطع العرضي الدائري والمُلحمة طوليًا، القادمة أو المُصدَّرة من الصين وتايوان.
ويمثل هذا القرار أحد أبرز تطبيقات قوانين الانتصاف التجاري الدولي في السعودية، ويهدف إلى تحقيق العدالة التجارية وصون القدرة التنافسية للصناعات المحلية.
تطبيق الرسوم اعتبارا من منتصف 2025 ولمدة خمس سنوات
ونُشر القرار في الجريدة الرسمية “أم القرى” بتاريخ 29 يونيو 2025، ويقضي ببدء فرض الرسوم بشكل فعلي اعتبارا من 30 يونيو 2025، ولمدة خمس سنوات متتالية.
وتراوحت نسبة الرسوم المفروضة ما بين 6.5% و27.3% حسب الشركة المُصدِرة، كما تم تضمين جدول تفصيلي لهذه النسب ضمن نص القرار الرسمي.
وقد كُلِّفت هيئة الزكاة والضرائب والجمارك بتطبيق الرسوم وجمعها من المستوردين وفقا للنسب المقررة، في إجراء تنظيمي يعكس الجدية في تنفيذ القرار وضمان فاعليته.
قانون المعالجة التجارية في صميم القرار
وتستند هذه الخطوة إلى قانون المعالجة التجارية في التجارة الدولية، وهو القانون السعودي المنظم لتطبيق التدابير الوقائية والتعويضية ومكافحة الإغراق، والذي يتماشى بدقة مع معايير منظمة التجارة العالمية(WTO).
وقد جاء هذا القرار تتويجا لتحقيق موسع بدأ في 2 مايو 2024، بناء على شكوى رسمية مقدّمة من صناعيين سعوديين تضرروا من الواردات المغرقة، التي أثرت على المنافسة العادلة في السوق المحلية.
ويهدف القانون إلى حماية المنتجين الوطنيين من الخسائر الناتجة عن الممارسات التجارية الضارة، ومنع تراكم الواردات المدعومة أو المغرِقة، والتي قد تُضعف البنية الصناعية وتؤدي إلى تقويض القدرات التنافسية في السوق السعودي.
رسالة سياسية واقتصادية واضحة
ويرى خبراء في سياسات التجارة الدولية أن القرار يعكس نضجا تشريعيا واقتصاديا لدى المملكة، ويُبرز التزامها بالدفاع عن اقتصادها عبر الوسائل القانونية الدولية.
وتعد هذه الإجراءات – رغم احتمال تسببها في توترات تجارية مع الصين وتايوان – إعلانا واضحا بأن السعودية لن تتهاون مع الممارسات التجارية التي تضر بصناعتها المحلية، وستستخدم كل الأدوات المتاحة وفقا لأحكام القانون الدولي لضمان بيئة تجارية عادلة.
دعم الصناعة الوطنية ضمن إطار رؤية 2030
ويتماشى هذا القرار مع التوجهات الاقتصادية الكبرى للمملكة، وخصوصا رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتنمية القطاعات الصناعية محليا.
وتشكل حماية الصناعة من الواردات الضارة ركيزة أساسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي وبناء سلاسل توريد محلية مرنة ومستدامة.
كما يُشير القرار إلى حرص المملكة على خلق فرص عادلة للمصنعين المحليين، الذين يعانون من صعوبة في منافسة المنتجات المستوردة الأرخص ثمنًا والتي يُشتبه في أنها مغرِقة أو مدعومة بشكل غير مشروع.
اقرأ أيضا.. أسعار الذهب في السعودية اليوم الاثنين 30 يونيو 2025.. استقرار مفاجئ يثير اهتمام المستثمرين
ويمثل فرض السعودية لرسوم مكافحة الإغراق على واردات أنابيب الصلب من الصين وتايوان موقفا استباقيا وشجاعا لحماية الاقتصاد الوطني والصناعة المحلية.
ويُؤكد هذا الإجراء أن العدالة التجارية ضرورة سيادية تفرضها متطلبات التنمية الوطنية، وأن السعودية تمضي بثقة نحو بناء اقتصاد متوازن قادر على مواجهة التحديات العالمية بشفافية وصرامة.