رسوم ترامب الجمركية.. هل تكون دول الخليج الرابح الوحيد عالميًا؟

بينما يتجه التركيز العالمي نحو التصعيد الجمركي بين الولايات المتحدة والصين، تبرز دول الخليج العربي كمستفيد استراتيجي غير متوقع من هذه الأزمة التجارية، وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة MEED الاقتصادية.

يأتي ذلك في الوقت الذي أنهت فيه أسواق الخليج الخميس، جلساتها على تباين، وسط حالة من الضبابية بشأن سياسات الرسوم الجمركية الأمريكية والقلق من تباطؤ اقتصادي عالمي، مما أثار مخاوف المتعاملين.

إعلان

استثناءات استراتيجية تعزز موقع الخليج

مع صدور القرار التنفيذي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2 أبريل 2025 بفرض تعريفات جمركية “متبادلة” على واردات الدول ذات العجز التجاري مع الولايات المتحدة، ظن كثيرون أن التأثير سيبقى محصوراً بين واشنطن وبكين.

لكنّ واقع السوق يُشير إلى انعكاسات تتجاوز هاتين القوتين، لتصل إلى منطقة الخليج.

وتضمّن القرار استثناءات مهمة لصادرات مثل النفط والغاز والمعادن غير المتوفرة في أمريكا إلى جانب الأدوية والخدمات.

وهذه البنود تمثل جوهر الاقتصاد الخليجي، ما يجعل دول مجلس التعاون في وضع محصّن نسبياً من تداعيات القرار.

الخليج في موقع اقتصادي متوازن

وفق بيانات التجارة لعام 2024، لا تمثل الصادرات الخليجية إلى الولايات المتحدة أكثر من 5% من إجمالي صادراتها، باستثناء بعض الحالات النادرة.

على سبيل المثال، لا تتجاوز صادرات السعودية إلى أميركا 2.2%، بينما تعتمد في وارداتها بنسبة 10.6% على السوق الأمريكي.

ومع استثناء الصادرات النفطية والبتروكيماوية من الرسوم، فإن التأثير المباشر على دول الخليج يبدو محدوداً للغاية، بحسب MEED.

أسعار النفط.. الخطر الحقيقي

رغم استفادة الخليج من الإعفاءات الجمركية، إلا أن التهديد الأكبر يأتي من انخفاض أسعار النفط. فخلال الأسبوع الأول من أبريل 2025، هبط سعر خام برنت من 74.49 دولار إلى نحو 64.88 دولار للبرميل.

وهذا الانخفاض ينعكس بشكل مباشر على ميزانيات الدول الخليجية، خصوصاً أن السعر المطلوب لتحقيق التوازن المالي في السعودية يبلغ 90.9 دولار للبرميل، وفي البحرين 124.9 دولار، وفقاً للتقرير.

مشاريع البنية التحتية قد تتأثر

التاريخ يعيد نفسه، إذ يشير التقرير إلى أن انخفاض أسعار النفط في 2014 تسبب في ركود شبه كامل بعقود المشاريع، وهو ما قد يتكرر اليوم. فعادةً ما تتأخر تأثيرات الأسعار على الإنفاق الحكومي بحوالي 12 شهراً.

عندما كان سعر النفط أقل من 60 دولاراً بين 2016 و2021، لم يتجاوز متوسط قيمة المشاريع السنوية في الخليج 117 مليار دولار.

بينما تجاوزت 250 مليار دولار سنوياً في 2023 و2024 حين كانت الأسعار أعلى من 80 دولار.

الصين توسّع نفوذها في الخليج

من بين أبرز التحولات التي ترصدها MEED، تزايد نفوذ الصين في مشاريع الطاقة والبنية التحتية بالمنطقة، حيث بلغت استثماراتها في مشاريع جديدة بدول الخليج والعراق ومصر نحو 18 مليار دولار في 2024، مقارنة بـ3 مليارات فقط للولايات المتحدة.

وتُظهر الأرقام أن الشركات الصينية استحوذت على 90% من عقود الإنشاءات، مقابل 2% فقط للشركات الأمريكية، في حين تهيمن أمريكا على 98% من خدمات الاستشارات، وهي بدورها مستثناة من الرسوم.

اقرأ أيضًا … فيتش تتوقع: تأثير الرسوم الأمريكية على دول الخليج محدود

واردات البناء من الصين تُخفف التأثير

تستورد دول الخليج ومصر والعراق والأردن معدات ومواد بناء من الصين بقيمة 43 مليار دولار سنوياً، مقابل 10 مليارات فقط من الولايات المتحدة.

وهذا الفارق الضخم يؤكد أن الرسوم الجمركية الأمريكية لن تُؤثر كثيراً على تكاليف المشاريع في المنطقة.

وفي هذا الصدد، تقف دول الخليج في موقع أكثر أماناً من الناحية الاقتصادية، مستفيدة من الإعفاءات الجمركية، وشراكات متنامية مع الصين، لكن يبقى التحدي الأكبر هو تقلب أسعار النفط وما قد يحمله من انعكاسات طويلة الأمد على الإنفاق الحكومي والمشاريع الكبرى في المنطقة.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى