رموز مصرية ملكية تُطِل على الطريق الدائري: حكاية الملك منتوحتب الثاني
إعداد:أميرة أبوشهبة
فى مشهد مهيب و جديد على أعين المصريين، زينت رموز ملكية وأيقونات من حضارة مصر العريقة جدران المساكن الموازية للطريق الدائري فى القاهرة ، وذلك في إطار خطة لإعادة تطوير المنطقة وإضفاء هوية بصرية مصرية مميزة على هذا الطريق الحيوي الذي يربط مختلف أنحاء العاصمة.
ولكن لفتت صورة الملك منتوحتب الثاني، أحد أعظم ملوك مصر القديمة، أنظار المارة، حيث أثارت غرابة شكل التمثال بعض التساؤلات. فمن هو الملك منتوحتب الثانى، موحد القطرين الثاني؟
هو الملك منتوحتب الثاني، المعروف أيضًا باسم “ابن حيت رع”، مؤسس الدولة الوسطى في مصر القديمة. قاد هذا الملك العظيم عملية إعادة توحيد البلاد بعد فترة من الاضطرابات والحروب الداخلية التي كادت أن تُمزق مصر وتعصف بها للأبد. غير أن وجود هذا الملك القوي، وبفضل حنكته وشجاعته، قُدٍر لمصر أن تنهض. و قد نجح منتوحتب في توحيد مصر مرة أخرى، وَوَضْع الأُسس لنهضة حضارية عظيمة. و بهذا استحق عن جدارة لقب “موحد القطرين الثاني” بعد الملك نعرمر “مينا”.
يُعد تمثال منتوحتب الثاني من أجمل التماثيل الخالدة للحضارة المصرية، حيث عثر عليه عالم الآثار الشهير هوارد كارتر في الفناء الخارجي للمعبد الجنائزي للملك العظيم بالدير البحري بغرب الأقصر. ويُعتقد أن التمثال قد تم حفظه بعناية في مكان بعيداً عن اللصوص، حيث تم العثور عليه داخل بئر صغير، ملفوفًا بالكتان، شامخاً فى وجه الزمن، ليحكى تاريخاً، لو آثر الصمت، لكان قد بقى فى طي النسيان.
يُجسٍد التمثال الملك منتوحتب الثانى باللون الأسود، مرتدياً تاجه الأحمر الذي يدل على عام الحكم الثلاثين للملك. أما اللون الأسود القاتم للتمثال، مع تقاطع الذراعين على الصدر بربطة، فهو رمز للإله أوزوريس، إله الموت والخصوبة والبعث في الحضارة المصرية القديمة.
وبعد مرور آلاف السنين، ها هو يعود وجه الملك المعظم منتوحتب لواجهة أحد معالم القاهرة، رمزًا قوياً للهوية المصرية العريقة، ليضفي هوية بصرية مصرية خالصة، معبرة عن رمز عظيم لمصر قاد توحيد الدولة الأقدم في التاريخ، ليستقر في جينات ووجدان شعبها، أنها بلدٌ عصية على التقسيم والانقسام، قوية دائماً، باقية أبداً.
يحمل التمثال رسالة تُذكرنا بمن نحن. نحن المصريون الذين لا نقبل التهديد أو التدليس من قبل بعض الموهومين أبناء حركات التطرف العرقي ضد تاريخ مصر وشعبها. نحن من نحارب جهل بعض أبناء الحضارة بتاريخ وطنهم، تفاصيل حضارتهم، وسيرة ملوكها العظماء. لاسيما مع اهتمام الدولة بالهوية الوطنية وقُرب افتتاح المتحف المصري الكبير، أهم مشروع ثقافي في العالم حالياً. حيث تقترب مصر من افتتاحه ليصبح أكبر صرح لحفظ التاريخ المصري وآثاره، وربط المصريين بحضارتهم ومجد تاريخهم.