زيارة ترامب للسعودية.. اعرف أبرز الصفقات والاستثمارات بين المملكة وأمريكا

تتجه أنظار العالم خلال الأيام القادمة للتعرف عما ستسفر عنه زيارة ترامب للسعودية ودول الخليج، حيث يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقيام بأول جولة له في الشرق الأوسط منذ عودته إلى البيت الأبيض، خلال الفترة من 13 إلى 16 مايو الجاري، حيث تشمل زيارته كلاً من السعودية وقطر والإمارات.
وتُوصَف هذه الزيارة بـ”التاريخية”، ليس فقط لأنها الأولى في ولايته الجديدة، بل أيضاً لأنها تأتي في وقت بالغ الحساسية إقليمياً ودولياً، وسط ملفات شائكة تتصدرها الحرب في غزة، والمفاوضات النووية مع إيران، وأزمة أوكرانيا.
وفي هذا التقرير من خاص مصر، سوف نستعرض أبرز الصفقات المتوقعة والاستثمارات التي ستنتج عن زيارة ترامب للسعودية، إضافة إلى جولته بدول الخليج والتي ستشمل قطر والإمارات.
رهانات استراتيجية واحتفاء خليجي متوقع خلال زيارة ترامب للسعودية
وتُظهر تصريحات البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية الأهمية الاستراتيجية التي توليها واشنطن لعلاقاتها مع دول الخليج، إذ من المقرر أن يرافق ترامب وزير خارجيته الجديد ماركو روبيو، وسط توقعات بعقد لقاءات رفيعة المستوى مع قادة الدول الثلاث، تتناول قضايا الأمن والدفاع والطاقة والتجارة.
وتسود أجواء الترقب في الرياض وأبوظبي والدوحة، حيث تتسابق العواصم الخليجية لتقديم أفضل ما لديها من استقبال وترحيب للرئيس الأمريكي، في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء زيارة ترامب السابقة للسعودية عام 2017 التي شهدت توقيع صفقات عسكرية واستثمارية قياسية.
استثمارات تتجاوز التريليون وصفقات أسلحة ضخمة
الملف الاقتصادي يتصدر المشهد في هذه الجولة. فقد طلب ترامب رسمياً من السعودية ضخ استثمارات بقيمة تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي، بينما سبق أن أعلنت المملكة التزامها باستثمار 600 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، وفقاً لما أكده ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.
وتشير مصادر إلى أن الإمارات هي الأخرى تعهدت بإطار استثماري بـ1.4 تريليون دولار على مدى 10 سنوات في الولايات المتحدة.
أما على صعيد الدفاع، فتُحضّر إدارة ترامب صفقة أسلحة جديدة مع السعودية تتجاوز 100 مليار دولار، تشمل صواريخ جو-جو ومعدات دعم متطورة.
كما تتطلع قطر والإمارات أيضاً إلى تحديث قدراتهما الدفاعية، في ظل توتر إقليمي متصاعد.
الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات في صلب التعاون
وتتزامن الزيارة مع انعقاد منتدى استثماري رفيع في الرياض يوم 13 مايو، يشارك فيه كبار مسؤولي شركات التكنولوجيا والاستثمار الأمريكية مثل بلاك روك، وآي بي إم، وألفابت، وكوالكوم، وفرانكلين تمبلتون.
وتراهن دول الخليج على أن تُفضي هذه اللقاءات إلى جذب مزيد من الشركات الأمريكية للعمل في مشاريع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في المنطقة.
من جهتها، تتجه إدارة ترامب إلى تخفيف القيود التي فرضتها إدارة بايدن على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، ما يفتح الباب أمام وصول دول الخليج إلى أشباه الموصلات الأكثر تقدماً.
وقد بدأت بالفعل شركات مثل “جي 42” الإماراتية التكيف مع الشروط الأمريكية، بما في ذلك سحب استثماراتها من الصين والدخول في شراكات مع شركات أمريكية.
البرنامج النووي السعودي وتطبيع محتمل
من القضايا الحساسة التي قد تشهد انفراجة خلال زيارة ترامب، ملف البرنامج النووي السعودي.
إذ تطلب الرياض منذ سنوات الحصول على إذن أمريكي لتطوير برنامج نووي مدني، كان مرتبطاً سابقاً بشرط تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
إلا أن مصادر أمريكية لمّحت إلى احتمال مراجعة هذا الشرط في إطار تفاهمات أوسع تشمل التعاون الاستراتيجي والتجاري.
النفط وأسعار السوق العالمية
- الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارة سابقة للسعودية – صورة أرشيفية
يبقى ملف النفط حاضراً بقوة في المباحثات. فترامب يسعى إلى خفض أسعار الطاقة عبر حث السعودية على زيادة الإنتاج.
إلا أن مصادر سعودية قالت لوكالة رويترز مؤخراً إن المملكة ليست مستعدة حالياً لتقديم مزيد من التنازلات، خصوصاً في ظل تدني الأسعار العالمية.
وكانت أوبك+ قد وافقت على زيادة الإنتاج بنحو 411 ألف برميل يومياً في يونيو، وهو ما قد يؤدي لمزيد من التراجع في الأسعار.
اقرأ أيضًا.. ترامب يواجه اختبارًا واقعيًا بالشرق الأوسط.. الخليج يحدد السياسة الأمريكية الخارجية
رؤية 2030 وشراكة التمويل ضمن أولويات زيارة ترامب للسعودية
وفي ظل الضغوط على الميزانية السعودية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، من المتوقع أن تسعى المملكة إلى تعزيز شراكاتها مع الولايات المتحدة في مجالات التمويل والاستثمار لدعم رؤية “السعودية 2030″، التي تتطلب مشاريع بنية تحتية ضخمة وتمويلات طويلة الأمد.
ويأتي ذلك في ظل الطموحات الاستثمارية الكبيرة لرؤية “السعودية 2030” مما يتطلب تكاليف مرتفعة، في الوقت الذي أدى فيه انخفاض أسعار النفط العالمية ومشروعات الإنفاق العام الضخمة في البلاد إلى اتساع عجز الموازنة السعودية.
ملفات إقليمية ملتهبة حاضرة في زيارة ترامب للسعودية
وعلى مستوى السياسة الخارجية، ستتناول محادثات ترامب مع قادة الخليج عدة ملفات معقدة، أبرزها الحرب في غزة.
ترامب الذي أعلن عزمه إنهاء الصراع، وصف القطاع بأنه “عقار مهم”، في إشارة أثارت انتقادات عربية. بينما أكدت واشنطن أنها تُعد آلية إنسانية جديدة لتوصيل المساعدات للقطاع بدون مشاركة إسرائيلية.
أما إيران، فيُتوقع أن تكون محوراً رئيسياً في المحادثات، خصوصاً مع تصاعد العقوبات الأمريكية والمخاوف من تعثر المفاوضات النووية.
ومن المتوقع أن تبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها الخليجيون سبل احتواء النفوذ الإيراني والرد على تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر.
سلام أوكرانيا وتنسيق خليجي
كما سيُطرح ملف الحرب الروسية-الأوكرانية على جدول الأعمال، وسط رغبة من واشنطن في إشراك دول الخليج في جهود الوساطة بين موسكو وكييف.
وقد وافق الرئيس الأوكراني على دعوة ترامب لوقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يوماً، ما قد يفتح نافذة دبلوماسية جديدة.
العقوبات على سوريا واليمن في الخلفية
وتأمل بعض الدول الخليجية أن تسهم الزيارة في إقناع واشنطن بتخفيف العقوبات على سوريا، ما يسهم في إعادة دمج دمشق في المحيط العربي، وفتح الباب أمام إعادة الإعمار.
أما اليمن، فيُتوقع أن تُطرح قضية الهجمات الحوثية والمساعدات الإنسانية، إضافة إلى دور إيران في زعزعة الاستقرار.
اقرأ أيضًا… قبيل زيارته للخليج.. حرب غزة تعيد تشكيل أولويات ترامب في السعودية
وفد أمريكي رفيع يرافق ترامب
ومن المقرر أن يرافق ترامب وفد أمريكي رفيع المستوى يضم عددًا من كبار مسؤولي الإدارة، حيث يضم الوفد كلًا من: ماركو روبيو، وزير الخارجية، وبيت هيغسيث، وزير الدفاع، وسكوت بيسنت، وزير الخزانة، وهوارد لوتنيك، وزير التجارة، بجانب سوزي وايلز، رئيسة موظفي البيت الأبيض، إضافة إلى عدد من المستشارين السياسيين والاقتصاديين.
وبحسب ما نقلته شبكة CNN الأمريكية عن مصادر في الإدارة، فإن هناك “عددًا كبيرًا من المسؤولين الذين أبدوا رغبتهم في أن يكونوا جزءًا من هذه الرحلة”، ما يعكس أهمية الجولة على المستويين السياسي والاقتصادي.
تبدو زيارة ترامب إلى السعودية ودول الخليج محطة مفصلية في مسار العلاقات الأمريكية الشرق أوسطية، حيث تتقاطع الطموحات الاقتصادية بصفقات تتعدى التريليون دولار، مع تحديات جيوسياسية كبرى تشمل غزة، إيران، وسوريا.