شراكة تاريخية.. تركيا تحصل على حقوق حصرية لتقييم حقول نفط وغاز في سلطنة عمان

في خطوة تعكس عمق العلاقات الثنائية المتنامية بين تركيا وسلطنة عمان، حصلت شركة البترول التركية (TPAO)، المملوكة للدولة، على حقوق حصرية تمتد لثلاثة أشهر لتقييم وفحص عدد من الحقول النفطية والغازية محددة في السلطنة.

تحالف طاقي جديد بين أنقرة ومسقط

وجاءت هذه الاتفاقية ضمن تفاهم ثلاثي ضم وزارة الطاقة والمعادن العمانية، وشركة “أوكيو” الرائدة في اكتشاف النفط والغاز في عمان (OQEP)، إلى جانب شركة البترول التركية.

وقد تم توقيع الاتفاق خلال زيارة رسمية قام بها وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إلى العاصمة العُمانية مسقط، حيث التقى بنظيره العماني سالم ناصر العوفي. وينظر إلى هذه الخطوة باعتبارها دلالة واضحة على التوجه التركي المتسارع نحو تعزيز حضوره في الأسواق الدولية للطاقة، لا سيما في دول الخليج.

رؤية تتجاوز الاستكشاف.. تكامل في سلسلة القيمة الطاقية

ولم تقف الشراكة الجديدة عند حدود الاستكشاف التقليدي، بل فتحت الباب أمام تعاون أوسع في كامل سلسلة القيمة المرتبطة بالطاقة.

فقد وقعت البترول التركية و أوكيو اتفاقية تعاون إضافية تهدف إلى استكشاف فرص استثمارية مشتركة في قطاع الطاقة المنبع، بما في ذلك عمليات الإنتاج والاستخراج.

وأكد الوزير بيرقدار، عبر منشور على منصة “X”، أن الاتفاق يهدف إلى تفعيل التعاون عبر “سلسلة القيمة الكاملة للطاقة – من الاستكشاف إلى النقل والمعالجة”.

وأضاف أن تبادل الخبرات الفنية وتطوير المشاريع بشكل مشترك سيكونان محور هذا التعاون، مشيرا إلى سعي البلدين لتحويل التفاهمات إلى مشاريع عملية ملموسة ذات أثر اقتصادي مباشر.

استثمار في البنية التحتية والطاقة النظيفة

وفي إطار هذه الشراكة الشاملة، لم تغفل أنقرة ومسقط أهمية التحول نحو الطاقة المتجددة، إذ ناقش الوزير بيرقدار خلال لقائه مع عبد السلام بن محمد المرشدي، رئيس جهاز الاستثمار العُماني، فرص التعاون في مجالات الطاقة المتجددة وتطوير البنية التحتية الطاقية، داخل حدود البلدين وخارجها.

ويُعبر هذا التوجه عن إدراك مشترك لضرورة تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية للانتقال نحو مصادر طاقة مستدامة وآمنة بيئيا. ومن شأن هذا التعاون أن يعزز مكانة البلدين كلاعبين إقليميين في مجال الطاقة المستدامة.

الطاقة في عمان.. شريان اقتصادي أساسي

وتُعد عائدات النفط والغاز العمود الفقري للاقتصاد العماني، إذ تشكل نحو 70% من إيرادات الدولة و30% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات إدارة التجارة الدولية الأمريكية.

كما تقدر احتياطيات السلطنة المؤكدة، حتى منتصف عام 2022، بنحو 5.2 مليار برميل من النفط الخام، و24 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

وتُشير توقعات وزارة الطاقة والمعادن العمانية إلى أن الاكتشافات الأخيرة قد ترفع الإنتاج اليومي بما يتراوح بين 50,000 و100,000 برميل خلال العامين إلى الثلاثة أعوام المقبلة، وهو ما يرفع من أهمية التعاون مع شركات تمتلك خبرة دولية مثل البترول التركية.

اقرأ أيضا.. عُمان تعزز مكانتها كوجهة سياحية عالمية.. قفزة تاريخية في الإيرادات عام 2024

خطوة محسوبة لتعزيز نفوذ الطاقة التركي

يرى محللو قطاع الطاقة أن هذه الشراكة تمثل جزءا من رؤية تركيا الاستراتيجية الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة وتوثيق علاقاتها الاقتصادية في الشرق الأوسط. وينظر إلى الاتفاق مع سلطنة عمان على أنه انعكاس لدبلوماسية الطاقة التي تعتمدها أنقرة، مستفيدة من ثروات السلطنة الغنية وخبرات الشركات التركية في مجالات الاستخراج والتطوير.

كما أن الربط بين استثمارات المنبع والمصب يعكس وعيا استراتيجيا لدى الطرفين لبناء مستقبل طاقي مرن، لا يعتمد على مصدر واحد، ويستجيب للمتغيرات الدولية والإقليمية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى