صفقة القرن تقترب.. أدنوك الإماراتية تضع عينيها على أصول بي بي البريطانية

في خطوة تعكس تحولات استراتيجية كبرى في مشهد الطاقة العالمي، تدرس شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” إمكانية الاستحواذ على أصول رئيسية تابعة لشركة “بي بي” البريطانية، بحسب ما أفادت مصادر مطلعة.
ووفقا لوكالة “بلومبرج”، تأتي هذه الدراسة في وقت تواجه فيه “بي بي” ضغوطا متزايدة قد تدفعها إلى إعادة هيكلة عملياتها أو بيع أصولها، وسط تراجع ملحوظ في أدائها السوقي خلال الفترة الأخيرة.
أدنوك الإماراتية.. تركيز على الغاز الطبيعي والابتعاد عن الأصول الحساسة
وأكدت المصادر أن أدنوك لا تسعى إلى الاستحواذ الكامل على “بي بي”، بل تستهدف أصولا محددة، وعلى وجه الخصوص حقول الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال، ويعكس هذا التوجه مسارا استراتيجيا لأدنوك نحو تنويع محفظتها الاستثمارية والتركيز على مصادر الطاقة النظيفة والأكثر استدامة، في ظل المتغيرات الجذرية التي يشهدها قطاع الطاقة عالميا.
ومن خلال ذراعها الاستثمارية الدولية “XRG PJSC”، التي أطلقت حديثا، دخلت أدنوك في مشاورات مبدئية مع عدد من البنوك العالمية لبحث فرص الشراكة أو تقديم عرض مشترك للاستحواذ على الأصول المستهدفة. ووفقا للمصادر، قد تشمل الصفقة أيضا أعمال بيع الوقود بالتجزئة التابعة لـ”بي بي”.
أدنوك الإماراتية تُظهر جرأة لكنها تتفادى المخاطر السياسية
ووصف أحد المطلعين على النقاشات الداخلية بأن “أدنوك من أكثر الجهات جرأة في صفقات الدمج والاستحواذ اليوم”، لكنه أشار إلى أنها تجري تحليلا دقيقا للمخاطر السياسية المرتبطة بأي صفقة.
وأضاف: “الاهتمام ينصب على الأصول المجدية تجاريا والمحمية من التوترات السياسية، مثل الغاز، لا على المصافي أو إنتاج النفط”.
وفي هذا السياق، أكدت المصادر أن أدنوك لا تبدي اهتماما بأصول إنتاج النفط أو المصافي التابعة لـ”بي بي”، مما يجعل فكرة الاستحواذ الكامل على الشركة غير جاذبة، وقد تزيد المخاطر السياسية في المملكة المتحدة من تعقيد هذا المسار، خاصة في ضوء الحساسية الوطنية تجاه بيع مؤسسات عريقة لشركات مملوكة لدول أجنبية.
التحول الاستراتيجي لشركة بي بي وتحديات السوق
ويقود الرئيس التنفيذي الجديد لـ”بي بي”، موراي أوشينكلوس، تحولا داخليا لإعادة الشركة إلى جذورها في قطاع النفط والغاز، بعد سنوات من التركيز على استراتيجية “صافي الانبعاثات الصفري” التي لم تترجم إلى نجاح مالي.
ويُنظر إلى هذا التحول، إلى جانب بيع الأصول، على أنه محاولة لاستعادة قيمة شركة انخفضت قيمتها السوقية بنحو الثلث خلال العام الماضي – حيث انخفضت الآن إلى أقل من 80 مليار دولار.
وأداء “بي بي” الضعيف مقارنة بمنافسيها الأوروبيين مثل “شل” و”توتال إنرجيز” جعلها هدفا محتملا لعمليات بيع أو استحواذ جزئي من قبل كيانات كبرى تبحث عن فرص استثمارية في أصول الطاقة المستقرة.
عائق التمويل
ورغم السيولة القوية التي تتمتع بها، فإن أدنوك، بحسب الخبراء، قد تواجه تحديات تمويلية في حال قررت الاستحواذ الكامل على “بي بي”. إذ تفتقر الشركة الإماراتية إلى أسهم مُدرجة في الأسواق، ما يفرض تمويلا نقديا كاملا لأي صفقة، ويجعل من عملية الشراء الكامل صفقة ذات تكلفة مرتفعة للغاية.
شراكة طويلة بين أدنوك وبي بي
ورغم التباين في توجهات الاستثمار، تجمع بين “أدنوك” و”بي بي” علاقة طويلة تمتد لأكثر من خمسين عاما، منذ مساهمة “بي بي” في اكتشاف النفط في أبوظبي. كما تملك “بي بي” حصة أقلية في أكبر حقل بري تابع لأدنوك، والذي ينتج خام “مربان” القياسي.
وفي العام الماضي، عززت “بي بي” تواجدها في الإمارات باستحواذها على حصة 10% في مشروع ضخم للغاز الطبيعي المسال قيد الإنشاء. كما تشترك الشركتان في مشاريع تنقيب وتطوير الغاز في مصر وشرق البحر المتوسط.
اقرأ أيضا.. بـ 55 مليون درهم.. هيئة الإعلام الإبداعي بأبوظبي توقع اتفاقية كبرى لإنتاج أفلام ومسلسلات عالمية
XRG: رؤية طموحة لعقد جديد
وقد أعلنت XRG، الذراع الدولية لأدنوك، أنها تطمح لتكون من بين أكبر شركات الغاز المتكاملة في العالم خلال العقد المقبل. وتهدف إلى زيادة طاقة إنتاج الغاز الطبيعي المسال إلى 25 مليون طن سنويا، وهو ما يجعل الاستحواذ على أصول “بي بي” في هذا القطاع خطوة منسجمة تماماً مع هذه الأهداف الطموحة.
خطوة مدروسة في توقيت حساس
وبينما لم تُعلن “أدنوك” أو “بي بي” رسميا عن أي صفقة، فإن التحركات الأولية تكشف عن دراسة جادة من الطرف الإماراتي لاستغلال لحظة الضعف التي تمر بها الشركة البريطانية. وفي ظل عالم يشهد إعادة تشكيل للخريطة الطاقوية، قد تكون هذه الصفقة ـ إن تمت ـ من أبرز التحولات التي تعيد رسم المشهد الاستثماري في قطاع الطاقة العالمي.