طفل في مهمة رسمية.. حكاية سليم التركماني أصغر متحدث حكومي في سوريا

في سابقة غير معهودة داخل مؤسسات الدولة السورية، أعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات عن تعيين الطفل سليم التركماني في منصب رسمي بصفة “المتحدث باسم الوزارة لأبناء جيله”، وهو ما أثار اهتمامًا واسعًا في الأوساط الإعلامية وعلى منصات التواصل الاجتماعي.
وأعلن وزير الاتصالات السوري، عبد السلام هيكل، عن هذه الخطوة الاستثنائية عبر تغريدة نشرها على منصة “إكس”، قال فيها: “نُهنئكم بالعيد نيابة عن فريقنا العظيم في وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، ومنهم الطفل سليم التركماني، مؤسس حساب إنستغرام ليتل تك سليم، الذي قَبِل اليوم مهمة المتحدث باسم الوزارة لأبناء جيله”.
وأضاف الوزير: “نسعى لوطن جدير بأطفالنا، أمين على أحلامهم، ممكن لقدراتهم”، في إشارة إلى أن المبادرة تحمل طابعًا رمزيًا يعكس رؤية جديدة لاحتضان المواهب اليافعة.
سليم التركماني من طفل صانع محتوى إلى متحدث رسمي
الطفل سليم التركماني، المعروف على منصة “إنستغرام” باسم “ليتل تك سليم”، يتابعه أكثر من 305 آلاف مستخدم، ويشتهر بتقديم محتوى تقني مبسّط للأطفال، يشرح فيه مستجدات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بأسلوب طفولي جذاب.
وفي منشور على حسابه الشخصي بموقع “فيسبوك”، كشف سليم كواليس اللقاء مع الوزير هيكل، قائلاً:
“دعاني مسؤول الابتكار والشركات الناشئة في وزارة الاتصالات لمقابلة الوزير، وكان اللقاء رائعًا وعفويًا، خصوصًا بين بابا والوزير وفريقه”.
وأضاف الطفل: “بكل محبة، قبلت المهمة بأن أكون المتحدث الرسمي لوزارة الاتصالات لأبناء جيلي. وإن شاء الله، ما سمعناه يتحقق. في خير كبير، ونيال أولاد جيلي بما هو قادم، لأنه أحلى”.
وفي رسالة مؤثرة، ختم سليم منشوره بكلمات تنم عن وعي يتجاوز عمره: “كلام الوزير يُشبه كلام بابا: بدنا نعمر سوريا، بتستاهل أولادها. هاي سوريا اللي بتشبهني. بحياتنا ما رح نمجّد أشخاص، وكلنا موظفون لنخدم بلدنا”.
كسر القوالب الإدارية التقليدية في سوريا
منذ تسلّمه منصبه أواخر مارس الماضي، يحاول الوزير عبد السلام هيكل كسر القوالب الإدارية التقليدية في سوريا، حيث بادر إلى ضم كوادر شبابية متخصصة، وشجّع على استخدام الذكاء الاصطناعي داخل مؤسسات الدولة، كما وعد بإحداث نقلة نوعية في خدمات الاتصالات والبنية التحتية الرقمية.
وتُعد خطوة تعيين طفل في منصب حكومي رمزي جزءًا من هذه الرؤية، حيث يسعى الوزير لربط الأجيال الصاعدة بعمل المؤسسات، عبر مخاطبتهم بلغة قريبة ووجوه تمثلهم.
ردود متباينة بعد تعيين سليم التركماني
القرار أثار موجة من التفاعل على مواقع التواصل. إذ أشاد مؤيدو الخطوة بكونها “رمزية ملهمة”، تحمل رسالة أمل في بلد عانى ويلات الحرب والانقطاع التكنولوجي، بينما عبّر آخرون عن تحفظهم، مشيرين إلى “الحاجة لتحسين الخدمات والبنى التحتية بدل الترويج الرمزي”.
بعض المعلقين رأوا أن المبادرة تهدف إلى إعادة بناء الثقة مع الأجيال الناشئة، وربما تمثل بداية لتغييرات أوسع في طريقة تعاطي المؤسسات السورية مع مواطنيها، خصوصًا فئة الأطفال واليافعين.
سليم التركماني.. نموذج جديد لصوت الجيل الرقمي
بحسب تقارير يقدّم سليم التركماني نموذجًا جديدًا لصوت الجيل الرقمي في سوريا، فهو طفل لا يتجاوز العاشرة، لكنه استطاع عبر وسائل التواصل أن يتحوّل إلى مرجع مصغّر في مجاله، حيث يُبسط مفاهيم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لجيله بأسلوب طفولي ذكي وسلس.
هذا التعيين الرمزي يسلّط الضوء على أهمية تمكين الأطفال من التعبير، ومنحهم منصات رسمية ليكونوا جزءًا من الحوارات الوطنية المستقبلية.
خطوة رمزية أم تحوّل في فلسفة العمل الحكومي؟
رغم غياب تفاصيل دقيقة حول طبيعة الدور الفعلي الذي سيؤديه التركماني داخل الوزارة، إلا أن الإعلان وحده كافٍ لإثارة نقاش أوسع.
ويتساءل البعض خول هل نحن أمام سياسة حكومية جديدة تُراهن على الرمزية والتأثير المعنوي؟ أم أن الأمر لا يتجاوز حملة علاقات عامة تهدف لتلميع الصورة؟
وبين مؤيد ومعارض، تبقى الخطوة غير تقليدية بكل المقاييس، وتفتح الباب أمام نقاش أوسع حول العلاقة بين الدولة والأجيال الجديدة، لا سيما في ظل تسارع التطورات الرقمية وتزايد حضور الأطفال على منصات التواصل.