عملة “ترامب كوين”.. مغامرة مالية تثير الجدل في عالم التشفير

بعد فوزه في الانتخابات الأمريكية وتوليه الرئاسة للمرة الثانية، فاجأ دونالد ترامب الأسواق المالية بإطلاق عملة مشفرة تحمل اسم ” ترامب كوين”، في خطوة وُصفت بأنها “الأكثر استفزازًا” في تاريخ العملات الرقمية.
أثارت هذه الخطوة ردود فعل متباينة، حيث اندفع أنصاره لشرائها، بينما وجه الخبراء والمستثمرون انتقادات لاذعة بشأن تداعياتها الاقتصادية والأخلاقية.
قفزة هائلة في القيمة السوقية لعملة “ترامب كوين”
وفقًا لتقارير “بلومبرج”، شهدت “Trump Coin” ارتفاعًا قياسيًا بنسبة 400% في أول 24 ساعة من إطلاقها، حيث تجاوز سعرها 67 دولارًا، ووصلت قيمتها السوقية إلى أكثر من 13 مليار دولار.
إلا أن هذه الطفرة لم تدم طويلًا، إذ سرعان ما انخفضت قيمة العملة بنسبة 85%، ما أدى إلى خسائر فادحة للمستثمرين المبتدئين الذين وثقوا في المشروع.
عملة ميم أم استثمار محفوف بالمخاطر؟
قدم ترامب هذه العملة على منصته “تروث سوشيال” باعتبارها “عملة ميم”، وهي نوع من العملات الرقمية التي تعتمد على الحماس الشعبي بدلاً من القيمة الاقتصادية الفعلية.
وأوضح الموقع الرسمي للمشروع أنه تم طرح 200 مليون وحدة في السوق، مع خطة لإضافة 800 مليون أخرى خلال السنوات الثلاث القادمة، رغم التحذيرات بأن العملة لا تمثل فرصة استثمارية حقيقية، إلا أن مؤيدي ترامب أقبلوا على شرائها بكثافة.
هل تم اختراق حساب ترامب؟
أثار الإعلان الأول عن العملة عبر حساب ترامب الرسمي على منصات التواصل الاجتماعي شكوكًا حول احتمال تعرض الحساب للاختراق.
ورغم عدم صدور أي نفي رسمي، إلا أن مشاركة ابنه، إيريك ترامب، في الترويج للعملة عززت من مصداقية المشروع، حيث وصفها بأنها “أشهر ميم رقمي على وجه الأرض”.
تناقض في المواقف تجاه العملات الرقمية
ترامب، الذي سبق ووصف البيتكوين بأنه “أداة احتيال” في عام 2021، فاجأ الجميع بإطلاقه عملة مشفرة خاصة به، يرى المحللون أن هذه الخطوة لم تكن تحولًا فكريًا، بل محاولة لاستغلال قاعدة مؤيديه لتحقيق مكاسب مالية سريعة، خاصة وأن العملة تم تسويقها كرمز لانتصاراته السياسية.
صراع المصالح.. هل يستغل الرئيس الأمريكي نفوذه للترويج لعملة “ترامب كوين” ؟
يرى خبراء قانونيون أن إطلاق ترامب لعملة مشفرة أثناء شغله منصب الرئاسة قد يشكل “صراع مصالح غير مسبوق”. فباعتباره رئيسًا، يمكنه التأثير على سوق العملات الرقمية من خلال تصريحاته وقراراته السياسية.
وأوضح أستاذ القانون المالي بجامعة هارفارد، ماركوس ويليامز، أن هذه الخطوة تشبه “إطلاق رئيس دولة أسهمًا تحمل اسمه ثم استخدام منصبه لتعزيز قيمتها”، وهو ما يعد انتهاكًا واضحًا لمبدأ فصل السلطات.
ردود فعل متباينة داخل الحزب الجمهوري تجاه عملة “ترامب كوين”
لم تقتصر الانتقادات على المعارضة، بل امتدت إلى داخل الحزب الجمهوري نفسه، في المنتديات النقاشية التابعة للحزب، وصف البعض العملة بأنها “مخطط احتيالي متقن”، مؤكدين أن قيمتها الوحيدة تكمن في ارتباطها باسم ترامب، بينما اعتبر آخرون أنها مجرد وسيلة لجذب الانتباه وتحقيق مكاسب سريعة على حساب المستثمرين.
عائلة ترامب في دائرة الجدل
لم يسلم أفراد عائلة ترامب من تداعيات هذه الخطوة، حيث أطلقت عملة رقمية أخرى باسم “إيفانكا كوين”، مما دفع إيفانكا ترامب إلى إصدار بيان رسمي نفت فيه أي علاقة بالمشروع.
في المقابل، استمرت “ترامب كوين” و”ميلانيا كوين” في الترويج عبر منصات مرتبطة بمجموعة ترامب التجارية، مما أثار تساؤلات حول ازدواجية المعايير داخل العائلة.
اقرأ أيضا: تحدٍّ مثير.. ميلانيا ترامب تنضم إلى سباق العملات المشفرة وتنافس زوجها
مخططات مستقبلية في عالم التشفير
رغم الجدل، يبدو أن ترامب يخطط للتوسع في سوق العملات المشفرة، فقد أعلنت مجموعة “ترامب ميديا”، المالكة لمنصة “تروث سوشيال”، عن إطلاق قسم مالي جديد باسم “تروث فاي”، يهدف إلى استثمار 250 مليون دولار في الأصول الرقمية.
وتشير تقارير إلى أن جزءًا من هذه الاستثمارات سيتم توجيهه إلى شركات مرتبطة بمقربين من ترامب، مما يزيد من المخاوف بشأن تضارب المصالح.
مخاوف قانونية وانتقادات سياسية
أثارت هذه التحركات انتقادات سياسية واسعة، حيث وصف النائب الديمقراطي آدم شيف المشروع بأنه “مخطط لتحويل الخزانة العامة إلى جيوب خاصة”.
ومع استمرار الجدل، يبقى السؤال مفتوحًا حول مستقبل هذه العملة وما إذا كانت مجرد فقاعة مؤقتة أم بداية لمشروع مالي طويل الأمد يغير ملامح الاقتصاد الرقمي.