في ذكري انتفاضة ديسمبر.. كيف تحولت ثورة السودان لحرب أهلية؟
أحيت قوى سياسية ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في السودان اليوم ذكري ثورة 19 ديسمبر، التي أطاحت بنظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير.
ورغم نجاح الثورة في تحقيق هدفها بإسقاط رأس النظام ألا أن الفترة الانتقالية شهدت خلافات بين القوي السياسية والعسكرية أدت في النهاية لسيطرة المجلس العسكري على السلطة بشكل كامل في أكتوبر 2021.
وفي 15 ابريل 2023 دخلت السودان نفق مظلم حيث اندلعت حرب أهلية بين الجيش وميليشيا الدعم السريع ومازالت مستمرة حتى الآن.
6 سنوات تحولت فيهم الثورة التي فتحت باب الأمل والحلم المشروع أمام الجميع إلي حرب أهلية أحرقت الأخضر واليابس وحولت السودانيين إلي لاجئين ونازحين.
ما الذي حدث للثورة السودانية، وكيف تحولت الحلم إلي كابوس ، وماذا يحتاج السودان للعودة للطريق الصحيح ؟..الجواب في السطور التالية ..
البشير قتل السودان الوطن والشعب
ويري الخبير المصري في الشؤون الإفريقية رامي زهدي أن انتفاضة 19 ديسمبر التي أشعلت ثورة السودان ضد النظام السابق وهو النظام الذي يتفق معظم الأطراف المعنية والشعب السوداني علي فساده المالي والإداري وربما حتي التشكيك في وطنيتهم وأن هذا النظام (البشيري) طوال 30 عاما قد قتل السودان الوطن والشعب مجازا وحرفيا حتي، ولم يترك للوطن السوداني أي فرصة ليظهر في مكانه ومكانته الطبيعية،
مأساة إنسانية وسياسية مروعة
وقال لـ ” خاص عن مصر” : يقف السودان اليوم أمام مأساة إنسانية وسياسية مروعة تمثلت في انزلاق الثورة نحو حرب أهلية دامية ثنائية الأطراف لكنها متعددة التحالفات ومختلفة التوجهات، لكنها بالتأكيد حرب شرعية لقوات مسلحة وطنية مؤسسية ضد ميليشيات مسلحة وعصابات، حتي وأن اختلف البعض حول الجيش السوداني أو بعض قواده، يظل المؤكد أنه مؤسسة شرعية ضد خارجين أو منشقين.
ما الذي حدث للثورة السودانية؟
وأشار زهدي إلي أن الثورة السودانية بدأت بآمال كبيرة لتحقيق الديمقراطية والعدالة والتنمية، إلا أن الانتقال السياسي واجه تحديات ضخمة، كان أبرزها الصراع على السلطة، حيث تحولت الثورة إلى صراع بين المكونات المدنية والعسكرية، وبين الفصائل العسكرية ذاتها، مما أدى إلى تفاقم التوترات.
كذلك، غياب رؤية موحدة للحل، حيث لم تتمكن القوى السياسية من صياغة رؤية متكاملة للانتقال الديمقراطي، وهو ما أتاح الفرصة للأطراف المسلحة لاستغلال الفراغ السياسي وكانت هذه الصراعات الخشنة لتظهر لو ان التوافق في الغرف المغلقة كان هو الأساس، لكن جميع الأطراف تقريبا دون استثناء أعلت من مصالحها الذاتية فوق مصالح الوطن السوداني.
خبراء سودانيون لـ”خاص عن مصر”: قائد الجيش الأوغندي غير مؤهل ويفتقد للحكمة
كما اعتبر أن التدخلات الخارجية كان عامل هدم مؤثر حيث لعبت بعض القوى الإقليمية والدولية دوراً في تأجيج الصراع بدلاً من دعم الاستقرار، مما زاد الأمور تعقيداً.
بالتوازي مع كل ذلك كانت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية أسبابا لاستمرار معاناة الشعب السوداني من الفقر والبطالة ونقص الخدمات ساهم في تأجيج الغضب الشعبي وعدم الاستقرار، فهو شعب عاني قبل وبعد الثورة قبل ان ينهار كل شيء مع بدء واستمرار الحرب السودانية.
ما يحتاجه السودان للعودة للطريق الصحيح
ولفت زهدي إلي أنه رغم تعقيد المشهد السوداني، إلا أن هناك خطوات يمكن أن تعيد البلاد إلى مسار الاستقرار، منها إطلاق عملية سلام شاملة، حيث ان السودان بحاجة إلى حوار وطني حقيقي يشمل كافة الأطراف دون إقصاء، بما في ذلك الحركات المسلحة والقبائل والعشائر، لإعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع.
أيضا، دور إقليمي ودولي مسؤول يقوم بدور مؤثر لأنه يجب أن تتوقف التدخلات السلبية وأن تدعم القوى الإقليمية والدولية جهود السلام والتنمية بدلاً من تأجيج النزاعات.
إصلاح اقتصادي
وكذلك يحتاج السودان حسب الخبير المصري إلي إصلاح اقتصادي عاجل، حيث يحتاج السودان إلى خطة إنقاذ اقتصادي عاجلة لتحسين ظروف معيشة المواطنين، مما يسهم في تخفيف حدة التوترات.
تعزيز الوحدة الوطنية
كما، يجب أن يتم تمكين المنظمات المدنية والشبابية للعمل على تعزيز الوحدة الوطنية وبناء مؤسسات ديمقراطية، و استعادة الهوية السودانية، لأن السودان يمتلك إرثاً غنياً من التنوع الثقافي والديني، ويجب استثماره لتحقيق التماسك الوطني بدلاً من أن يكون مصدراً للنزاع.
وختم الخبير في الشؤون الإفريقية تصريحه بالتأكيد على أن السودان اليوم بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية من أبنائه أولاً، ودعماً مخلصاً من أصدقائه في المنطقة والعالم، فكما كانت انتفاضة ديسمبر مصدر أمل للسودانيين، يمكن أن تكون ذكرى الانتفاضة فرصة لاستعادة الروح الوطنية والعودة إلى الطريق الصحيح نحو سودان مستقر ومزدهر.