قانون أوروبي جديد قد يرفع أسعار الشوكولاتة إلى مستويات قياسية

وكالات

تمر رحلة الكاكاو بدءاً من الحبوب وصولاً إلى ألواح الشوكولاتة عبر مصانع لإعادة تعبئتها وتجهيزها للتوزيع مثل هذا المصنع في سان بيدرو الذي يقع في ساحل العاج، حيث تصل حوالي 20 شاحنة مقطورة كل يوم مليئة بأطنان من مخزون الكاكاو للأسواق الدولية.

تهديد كبير لصناعة الشكولاتة

مع ذلك، قد يشهد العالم تغيراً هائلاً يُهدد بقلب سلاسل التوريد هذه رأساً على عقب وتغيير مفاجئ في أسعار الحلويات ومنتجات العناية بالبشرة والأدوية العشبية. حيث سيطلب الاتحاد الأوروبي اعتباراً من 30 ديسمبر، من شركات مثل “كارغيل” (Cargill) و”فيريرو غروب” (Ferrero Group) و”نستله” (Nestle SA) و”مارس” (Mars) إثبات أن كل حبة تستوردها إلى القارة لم تساهم في إزالة الغابات في مكان آخر.

هذا يعني تتبع الكاكاو منذ حصاد الحبوب حتى وصولها إلى الميناء، وهو تفويض مكلف لصناعة متداخلة بالفعل بسبب تراجع الإنتاج والارتفاع القياسي في أسعار العقود الآجلة. إلا أن عدم وجود أي دليل يعني عدم البيع، وهي عقوبة كبيرة بالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي المكون من 27 عضواً هو أكبر مستورد للكاكاو من ساحل العاج وغانا.

يُشكل ذلك تهديداً لمنظومة الإجراءات المتبعة في صناعة الكاكاو، بحسب بول ديفيس، رئيس مجموعة رابطة الكاكاو الأوروبية، متوقعاً أن تشهد الصناعة اضطرابات لمدة عام إلى عامين، ما قد يعني ارتفاع الأسعار في أوروبا.

ارتفاع أسعار الشوكولاتة

يجب أن تُرفق كل شحنة، في أكياس أو بكميات كبيرة، بإحداثيات “GPS” للمزارع التي يزرع فيها الكاكاو، كما يجب تحميل هذه المعلومات في قاعدة بيانات الاتحاد الأوروبي.

قالت شركات “كارغيل” و”فيريرو” و”نستله” إنها تبني شبكات تحديد الموقع الجغرافي في ساحل العاج، التي توفر 44% من إمدادات الكاكاو في العالم.

لم تذكر أي من الشركات التي تم الاتصال بها المبلغ الذي تنفقه على جهودها، ولن تناقش ما إذا كان المستهلكون سيدفعون هذه التكاليف في النهاية من خلال رفع أسعار الشوكولاتة. ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كان العبء سيقع على عاتق المزارعين، الذين هم بالفعل من بين أفقر سكان العالم.

شوكولاتة مقلدة تتخطى أكبر مشاكل الكاكاو

أكد مارك شنايدر، الرئيس التنفيذي لشركة “نستله” خلال مكالمة أرباح في 22 فبراير، أنه واثق جداً من أن الشركة ستكون لديها سلاسل توريد غير مساهمة في إزالة الغابات بحلول الموعد النهائي من القرار.

رغم جهود الشركات للوفاء بالمهلة المحددة قبل تنفيذ القرار، يدفع بعضها التكتل إلى تأخير التنفيذ، وفقاً لبيتر فيلد، الرئيس التنفيذي لشركة باري كاليبو” (Barry Callebaut AG).

قال فيلد خلال مكالمة أرباح في أول نوفمبر: “بالفعل، صدر قرار الاتحاد الأوروبي دون مناقشته مع أي من اللاعبين البارزين في هذه الصناعة”. مُضيفاً: “تسعى الجهات المعنية إلى التفاوض مع مفوضية الاتحاد الأوروبي لتأجيل تنفيذ القرار”.

تشمل لائحة الاتحاد الأوروبي لإزالة الغابات، المعروفة بـ(EUDR)، زيت النخيل والبن وفول الصويا والأخشاب والماشية- التي تعتبر من أبرز العناصر المساهمة في إزالة الغابات. كما ينطبق القانون، الذي يمتد من الأمازون إلى أفريقيا وصولاً إلى آسيا، على المواد الخام وكذلك المنتجات مثل الجلود والأثاث.

بدون هذا القرار، سيتم فقدان حوالي 248 ألف هكتار (613 ألف فدان) من الغابات كل عام بحلول عام 2030، وفقاً لتقديرات الكتلة.

أسعار الكاكاو تثير أزمة بين المزراعين ومصانع الشوكولاتة العالمية

يُرجح بيع الحبوب التي تعتبرها الشركات غير متوافقة مع قرار الاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة أو آسيا، وهي أسواق أصغر وأقل ربحاً للمنتجين في غرب أفريقيا. إذا علم الاتحاد الأوروبي أن شحنة انتهكت القانون، تشمل العقوبات غرامات مالية أو مصادرة الشحنات أو الحظر المؤقت على التجارة في الكتلة.

أدى قرار الاتحاد الأوروبي إلى خلق مشكلة ملحة لهذه الصناعة. حيث تستغرق حبوب الكاكاو حوالي 12-18 شهراً من وقت الحصاد للوصول إلى أوروبا، لذلك يجب أن يتوافق المحصول الحالي مع اللوائح لأنه سيصل إلى الموانئ الأوروبية بعد 30 ديسمبر.

مؤتمر مؤسسة الكاكاو العالمية

ساد القلق العارم بشأن قانون الاتحاد الأوروبي، مؤتمر مؤسسة الكاكاو العالمية “World Cocoa Foundation” الذي أُقيم الشهر الجاري في أمستردام، حيث فاضت جلسة حول “المجهول المعروف للائحة الاتحاد الأوروبي لإزالة الغابات “بالمنظمين والمديرين التنفيذيين في الصناعة.

طرح الحاضرون مجموعة من الأسئلة على مسؤولة سياسة اللجنة “زوي درويله”، للحصول على تفاصيل حول تنفيذ القرار، لكنهم لم يحصلوا على جميع الإجابات التي يريدونها.

لم تستطع درويله تحديد موعد تشغيل موقع لائحة الاتحاد الأوروبي أو ما هي الخريطة المرجعية التي ستستخدمها السلطات للتحقق مرة أخرى من طلبات الشركات.

قال فؤاد محمد أبو بكر، رئيس شركة “غانا كاكاو ماركتينغ” Ghana Cocoa Marketing (المملكة المتحدة): “نشهد مستوى عالياً من القلق بين التجار لأن هذا التنظيم سيصعب دخول الحبوب سوق الاتحاد الأوروبي”، مضيفاً ” لن يؤدي ذلك إلا إلى ارتفاع الأسعار”.

تكلف العقود الآجلة في لندن حوالي 800 دولار للطن أكثر من تلك الموجودة في نيويورك، وفقاً لحسابات “بلومبرغ” المستندة إلى العقود الأكثر نشاطاً.

يعتبر الكاكاو مسؤولاً عن 7.5% من مساهمة الاتحاد الأوروبي في إزالة الغابات العالمية، وفقاً لـ”بلومبرغ إن إي أف”، حيث تتتبع بعض الشركات بالفعل حبوب الكاكاو من خلال برامج الاستدامة الطوعية، لكن القانون الجديد يتطلب المزيد من الرقابة حيث تبدأ برسم خرائط للحدود الغامضة في كثير من الأحيان للأراضي الفردية البعيدة.

مهمة صعبة في ساحل العاج

في ساحل العاج، أكبر دولة منتجة للكاكاو، سيكون تطبيق قرار الاتحاد الأوروبي مهمة صعبة. حيث يقع حوالي 30% من المساحة المزروعة في البلاد داخل الغابات المحمية، على الرغم من القوانين المفروضة ضد ذلك، وفقاً لما ورد في ورقة بحثية عام 2022.

ارتبط التوسع في مزارع الكاكاو بفقدان أكثر من 360 ألف هكتار (890 ألف فدان) من الغابات في الفترة الممتدة من عام 2000 إلى 2020، وفقاً للدراسة، أي ضعف حجم لندن.

كشفت زيارات “بلومبرغ نيوز” إلى محطات عديدة عبر جنوب غرب ساحل العاج في أواخر عام 2023 عن مكامن الخلل التي قد تعطل تنفيذ لائحة الاتحاد الأوروبي لإزالة الغابات، حيث تسعى أوروبا إلى السيطرة بشكل أكثر فعالية على سلاسل التوريد المضطربة والمنخفضة التقنية وغير المنضبطة والمنتشرة لمواجهة انتهاكات الآلاف من صغار المزارعين والوسطاء الخفيين.

5 سلع جديرة بالمتابعة هذا الأسبوع

يُشحن الكاكاو على مراحل، حيث يتداول بين مجموعة من التجار 6 مرات على الأقل خلال رحلته ليصل إلى الكتلة، ويتم مزجه مع دفعات أخرى في كل مرحلة. يمكن لشركة نقل البضائع السائبة الاحتفاظ بحبوب من أكثر من 80 ألف مزرعة، وليست جميعها معروفة للتجار.

أوقع الاتحاد الأوروبي نفسه في موجة من التعقيدات العميقة التي لا يفهمونها، وفقاً لما قاله مارك دونالدسون، مستشار استدامة الكاكاو. مُضيفاً: “تتبع أكياس الحبوب إلى المزارع المصدرة أمر مذهل”.

يأتي مزج الحبوب الأول مباشرةً بعد الحصاد في مركز شراء مجتمعي، حيث يقوم حوالي 20-30 مزارعاً بتسليم منتجاتهم. تنتشر هذه المراكز الصغيرة في مختلف أنحاء ساحل العاج المنتجة للكاكاو.

هناك، يتم تجريف الحبوب في أكياس الجوت ونقلها بالشاحنات إلى تعاونية إقليمية تتلقى شحنات من مراكز مجتمعية أخرى أيضاً. قد يمر المنتج المُجمع مما يصل إلى 2000 مزرعة من هنا.

في “كاسيب كوب” ( Casib Coop) في “غابيادجي” (Gabiadji)، تُفتح الأكياس من مصادر منفصلة حيث يتم سكب المحتويات على قماش مشمع ضخم بالخارج للتجفيف. يتنقل العمال عبر تلك السجادة البنية بأقدام عارية لتعريض الحصاد لأشعة الشمس.

من هنا، تذهب الحبوب إلى منشأة مثل تلك المملوكة لشركة “سوسيتيه إيفواريين دو ترانسفورماسيون دي برودوي أغريكول” (Societe Ivoirienne de Transformation des Produits Agricoles) على بعد حوالي 5 أميال من ميناء سان بيدرو.

يحمل عدد من السيور الناقلة الحبوب من تعاونيات متعددة للتنظيف والتسوية والمزيد من التعبئة معاً. بعد ذلك، تُنقل أكياس

إمدادات غير مباشرة

ما يعقد جهود التتبع وجود شبكة سرية موازية تقدر شركة “تريس” (Trase) الاستشارية أنها قد توفر ما يصل إلى 60% من حبوب ساحل العاج.

يقود الوسطاء المحليون، الذين يطلق عليهم اسم “البيستور” (pisteurs)، شاحنات صغيرة إلى الحقول النائية، ويدفعون للمزارعين نقداً مقابل حصادهم، وينقلون البضائع مباشرةً إلى المستودعات، متجاوزين بذلك حواجز التفتيش.

يحتاج التجار الرئيسيون إلى الإمدادات غير المباشرة لتلبية طلبات العملاء، فمعرفة مصدر الحبوب لا تشكل أولوية.

قال أليكس أسانفو، الأمين التنفيذي لمبادرة الكاكاو بين كوت ديفوار وغانا التي أطلقتها الدولتان: “الكاكاو الذي يدعي الجميع أنه من المناطق المحمية يذهب إلى مكان ما، ويشتريه شخص ما”، وهو يعتقد أن الأنظمة التي تديرها الحكومة ستضمن توحيد البيانات وإحصاء جميع المزارعين.

نادراً ما تكشف الشركات عن مقدار أحجامها التي تأتي من مصادر غير مباشرة، بحسب فالنتين جوي، الباحث في جامعة “يو سي لوفان” (UCLouvain) البلجيكية الذي يدرس سلاسل توريد الكاكاو.

في المقابل، تتجنب بعض الشركات هذه المصادر. حيث لا تشتري “فيريرو” الكاكاو من مصادر غير مباشرة، كما تطلب من الشركات الموردة تقديم مزيد من التفاصيل حول مصدر حبوبها، وفقاً لما قاله فلوريان هادي، مدير قسم التتبع في الشركة.

تعمل “كارغيل”، أكبر شركة لتجارة السلع الزراعية، مع حوالي 400 ألف مزارع كاكاو على مستوى العالم، حسبما قالت ماريجن مويسبيرغين، رئيسة مصادر الكاكاو، في أمستردام. حيث تقوم الشركة برسم خرائط لتحديد الأراضي في ساحل العاج، ما يمنح المزارعين رموز “QR” فريدة لمسحها ضوئياً في المراكز المجتمعية ووضع علامات للإشارة إلى مصدر الحبوب على كل حقيبة.

يواجه أي تاجر يشتري الكاكاو من مصدر لا يمكن تتبعه خطراً كبيراً، وفقاً لما قاله جاك ستيجن، المؤسس المشارك لشركة استشارات السلع المستدامة “إكويبواز” (Equipoise).

زر الذهاب إلى الأعلى