فن وثقافة

لغة الحشاشين تثير الجدل بينما المسلسل يتصدر المشاهدة

إعداد :أميرة أبو شهبة

لغة الحشاشين تثير الجدل.. بينما المسلسل يتصدر المشاهدة حتى الآن..

تقدم الدراما المصرية هذا الموسم أعمال فنية متنوعة فى مقدمتها اضخم إنتاج فى تاريخ مصر مسلسل الحشاشين، هذا الحدث الفني الضخم يبدو فى مكوناته كثير من عناصر الإبهار، ويقدم نقلة نوعية للدراما المصرية، سواء من ناحية القدرات الفنية أو من ناحية سخاء الإنتاج.. لكننا فى هذا الحوار نركز  على موضوع أثار جدل جماهيري وثقافي حول مسلسل الحشاشين، بخصوص لغة الحوار”المصرية” المستخدمة في العمل،وسنحاول الإجابة على مايثار حول المسلسل من الناحية الفنية لاستخدام العامية المصرية بدلا عن الفصحي، بشكل ثقافي، وبشكل أعم عن اللغة المصرية والتاريخ والهوية..
نناقش في ذلك الدكتور محمد سليم شوشة الروائي والناقد الأدبي عن الحشاشين

لغة الحشاشين تثير الجدل بينما المسلسل يتصدر المشاهدة
  • فى البداية كيف شاهدت الإنتاج الضخم لمسلسل الحشاشين، وهل تعتبر ذلك العمل خطوة لتقدم دعم الدراما المصرية؟
    -بالتأكيد الإنتاج الضخم يساهم فى تفوق الدراما حول العالم، ويساهم بشكل مباشر فى جودة وتقدم الصناعة الفنية لكنه ليس كل شيء لتقديم فن عالي الجودة،ف الإنتاج يساهم فى تغطية جوانب الإبهار المطلوب للأعمال الدرامية الملحمية خصوصا التاريخية التى تحتاج لإنتاج مكلف، لكن النجاح يتطلب قدرات فنية أخرى أهمها تناول الكتابة وجذب المشاهد بالحبكة الأدبية للدراما.
  • أثير جدل حول اللغة المستخدمة فى مسلسل الحشاشين، بصفتك أستاذ للنقد وأكاديمي فى اللغة العربية كيف نظرت للجدل حول استخدام اللغة المصرية في حوار مسلسل تاريخي؟
    -فى الواقع أقسم هذا الجدل لأكثر من اتجاه
    الأول : الهجوم المنظم المعتاد الذى لا يخلوا من أغراض دنيئة ضد الأعمال الفنية المصرية المهمة وضد مصر بشكل عام وهذا النوع لا يعنينا ولا يعول عليه
    الثاني : يشمل شقين من أنواع الجدل، نوع متأثر بالاتجاه الأول نظرا لسيطرة مواقع التواصل على مستوى وعيه وانقياد فكره، ونوع آخر لديه لبس فى المصطلحات لكونه يقلل من اللغة المصرية ذاتها، أو يراها أقل من الفصحي في التعبير الفني عن دراما تاريخية، خصوصا أن هناك تقصير مصري فى انتاج دراما تاريخية من هذا النوع بلغة مصرية تعود الجمهور على ذلك الإنتاج دون مشكلات..
    وفى ذلك أوضح أن اللغة المصرية ليست مجرد لهجة فالتوصيف الدقيق علميا لها أنها لغة ويجب استخدامها بشكل صحيح في أي نوع للدراما، المهم فى الأمر طريقة استخدامها لكتابة الحوار بأسلوب يعطي روح العصر وانطباع الحالة الفنية المقصود بها التاريخ المجسد فنياً، وهذة مسؤولية الكاتب فى المقام الأول، فاللغة أداة للتعبير والتأثير والايضاح وليست عنصر بسيط نقدر نتغاضي عنه، ولذلك يجب على صناع الفنون والاكاديميين والمثقفين فى مصر العمل بجدية على اعطاء مكانة مستحقة للمصرية كلغة أكاديمية علمية ونجتهد لوضع قواعدها فهذا الأمر جوهري فى تغيير الكثير من المشهد الثقافي المصري بشكل عام.
  • خلينا نتوقف عند اللغة المصرية ونسأل هل هناك مشكلة فى استخدامها الحالي لعمل تاريخي؟
  • د. سليم شوشة: بالطبع لا،اللغة ليست مجرد كلمات تعبر وأسلوب تواصل يوضح المقصود من حوار، فاللغة كائن حي متطور، وتكشف أنماط تفكير إبداعي تبحثي بها عن أفضل طرق التأثير في المتلقي من كل اتجاه ولن تجدي اسلوب لغة يفعل ذلك الأمر فنيا غير المصرية بالنسبة لكل ناطق بالعربية فهي مفهومة وذات ايقاع فني قريب فى الانفعال والتأثير عن الفصحي البعيدة عن روح الجمهور، وعن قدرة المبدع المصري في نفس الوقت..
    اللغة المصرية هى الأنسب لإنتاج مصر الفني والثقافي على حد سواء، لكن الإشكالية تعود إلى احتقار بعض النخب “للعامية”
    والتعامل معها كدرجة أدنى من الفصحي، وهذا غير طبيعي بالنسبة لمصر التى تبدع بلغتها منذ قرون، والتى سبقت لغتها القديمة المكتوبة كل اللغات الأخرى بما فيها العربية الفصحي أو كما أقول عنها “اللغة الرسمية المكتوبة التى لم نتكلم بها”
  • ما معنى تطوير اللغة المصرية من وجهة نظرك؟
  • يعني أن تقوم الجهات الرسمية والعلمية الأكاديمية، ونخب ثقافية بأنواعها الأدبية والفنية على تطوير قواعد وأسس اللغة المصرية كلغة طبيعية تحتاج لضبط واستمرار إنتاج، وهنا لن نخترع شيء غير توصيف الواقع.. لأننا بالفعل نكتب فصحي لا نتكلم بها، لذلك علينا خلق مناخ ثقافي يحل المصرية محلها الطبيعي من حياتنا على المستوى العقلي..
    وقتها ” مش هتلاقي جدل عن إنتاج فن تاريخي بها”

-تحدثت عن تاريخ فهم المصرية للناطقين بالعربية وكونها لغة قريبة من كل شعوب المنطقة، متى حدث ذلك وماهو سببه؟

  • اللغة المصرية بقدم التاريخ المصري وبالتالي بقدم التاريخ الإنساني ذاته، وطرق تركيب الجمل المصرية “قواعدها الشفهية “
    وكثير من كلماتها اليوم بعد التعريب والإسلام هي نفسها ما قبله بإضافة التطور الطبيعي للغة كما حدث للغات في كل دول العالم..
    وبعيدا عن تاريخ مصر القديمة واللغة القبطية
    يمكن أن نرجع ذروة تفوق الثقافة المصرية بعد الإسلام
    والتعريب للعصر المملوكي، حيث سيطرت مصر من جديد على المنطقة بتفوق معماري وإنتاج ثقافي ورواج أساليب حياة وعادات ولغة أعادت تنظيم نفسها تحت العربية لتنطلق بعد ذلك فى إنتاجها الخاص، وهنا عادت مصر كامة شبه مستقلة ليس بالمعنى القومي للمصطلح ولكن بالمعنى الحضاري الثقافي والسياسي المهيمن على المنطقة.. وبالطبع مرت القرون بتراكم الإنتاج الفكري والتأثير حتى وصلت للعصر الحديث وماحققته مصر بالنسبة لمحيطها وتحولها لمركز إنتاج فني من مسرح  وموسيقي وسينما ثم تلفزيون، مما ساهم فى فهم اللغة المصرية بشكل واضح جدا.
  • نرجع لمسلسل الحشاشين هل موضوع المسلسل عن فرقة الحشاشين يستحق هذا الإنتاج الضخم خصوصا مع جدلنا حول الهوية واللغة، أم كنت تفضل استخدام تلك الموارد فى موضوعات أخرى؟
  • الحشاشين عمل مهم وضخم بلا شك، ولصناعه توجه ضد الرجعية الدينية وهذا مفهوم بالطبع، لكن بصراحة كنت أفضل حجم الإنتاج المبهر يوجه لإنتاج فني عن التاريخ المصري خصوصا الحضارة المصرية القديمة العظيمة، لأن الشعب المصري يحتاج الوعي بالذات، وتغذية هويته الحضارية بالفن المؤرخ لتاريخه، وكذلك إنتاج مسلسلات وأفلام عن تاريخ مصر الوسيط خصوصا  الثورات ضد الاحتلال الروماني، والعصر المملوكي،
    وتاريخ مصر الحديثة ضد الاحتلال الفرنسي والانجليزي وما يعنينا بشكل حقيقي ثقافيا هو ذلك. فنحن نحتاج للكثير من الأعمال الفنية التى تنشر الثقافة العامة للجمهور وتخدم التاريخ المصري، وتجذب الجمهور بمئات القصص الحقيقية من تاريخ مصر الطويل، الجاذب للجمهور المحلي والعالمي.
  • فى رأيك ان مناقشة الرجعية الدينية وتاريخ إسلامي او عربي لم يعد ذو جدوى فى الدراما المصرية؟
  • لم أقصد ذلك بشكل محدد، ولكن الأسلوب المباشر فى طرح مواضيع ضد الرجعية الدينية، والتطرف الإسلامي لن تغير شيء فى الوعي الجمعي، بل على العكس يصاحبها هذا الجدل
    السلبي ، والتشويه المتعمد والحملات الممنهجة من تيار الإخوان ومن والهم، وهذا أمر لن يغير او يؤثر في المتطرفين إطلاقا.. فمن تخاطب؟
    وإن كان الكلام عن تناول الرجعية الدينية مفيد فقد قدم في أعمال دراما مهمة مثل الاختيار أو الأعمال ذات الأبعاد السياسية المهمة مثل رائعة وحيد حامد الجماعة..
    أما أن نقتطع موارد ضخمة لإنتاج تاريخ لا يعنينا من أجل نفس التوجه ضد الرجعية فالأولى أن نصنع إحلال مشروع مصري يجسد قصص تاريخ مصر وهويتها وهذا أهم وأنفع وضد الرجعية الدينية فى نفس الوقت.
زر الذهاب إلى الأعلى