تاريخ وتراث

متحف كفر الشيخ درة عاصمة الشمال القديم

بحروفٍ من نور سطَرت محافظة كفر الشيخ درة عاصمة الشمال القديم اسمها في التاريخ، المحافظة التي احتضنت بوتو، عاصمة مملكة الشمال قبل توحيد الأرضين ومركز صناعة الفخار والكتان حتى آخر عصور حضارتنا؛ فكانت خير شاهدٍ على كفاح وجهود المصريين لتوحيد بلادهم، و خيرُ شاهدٍ على أزهى فترات الانتعاش الاقتصادي.

وفي مهدِ ميلاد الديانة المسيحية لعبت كفر الشيخ دوراً عظيماً، وكانت مدينة “سخا” شمعة أنارت طريق العائلة المقدسة التي مرت بها خلال رحلتها إلى مصر، وقبلَها بمئات السنين كانت سخا أيضاً عاصمة مصر في عهد الأسرة الرابعة عشرة بعصر الدولة الوسطى، فوثَّقت بألمٍ شديد احتلال الهكسوس لمصر.

من أجل هذا وأكثر، حلم أبناء المحافظة العريقة بإنشاء متحف قومي يوثِّق تاريخ محافظتهم في عصورها التاريخية، فجاءت فكرة إنشاء متحف كفر الشيخ عام 1992م.

وبحلول عام 2002 بدأت أعمال التنفيذ، واُختير موقع المتحف ليجاور جامعة كفر الشيخ شرق المحافظة. وللأسف، توقفت أعمال الإنشاء تماماُ في عام 2011 و حتى عام 2018، إلى أن قرر رئيس الجمهورية إنهاء بناء المتحف كاملاً خلال عامين فقط.

وجاء يوم 31 أكتوبر 2020 ليُعلن عن مولد مؤرِخ جديد لتاريخ مصر العظيم، وافتُتِح المتحف بعد سنوات من الانتظار.

يضم المتحف، بحسب تصريحات مديره، حوالي 3500 قطعة أثرية، يُعرض منها في قاعاته 735 قطعة تستعرض لنا عصور التاريخ المصري: المصري القديم، البطلمي اليوناني، المسيحي، الإسلامي، بطريقة مميزة تجعل الزائر مفتوناً بجمال ما صنعته أيادي الأجداد، ومنتبهاً لنضالهم وتضحياتهم.

لكنَّ المميز في الأمر هو اختيار المتحف لأعظم وأشهر أساطير الحضارة المصرية القديمة، بل والعالم القديم كله، وهي أسطورة إيزيس وأوزوريس، لتكون الموضوع الرئيسي للمتحف من خلال تنظيم القطع الأثرية بفكرة سيناريو يأخذ الزائرين في رحلة لعالم الأساطير، ليرى وفاء إيزيس لزوجها أوزوريس وصراع ابنه حورس مع عمه ست الذي نجح في استرجاع عرش أبيه لحصل على حقه الشرعي في الحكم خلفاً له.

ولأنَّ المتحف، كما ذكرنا سابقاً، بوابة عبور الماضي للحاضر والمستقبل، حرص القائمون عليه أشد الحرص على ربط التاريخ بالمجتمع.

فكان اهتمام المتحف بالمسابقات والوِرش الفنية مثل دورات تعليم اللغة المصرية القديمة بخطها الهيروغليفي ومسابقة الرسام الصغير للأطفال، أو الندوات والمحاضرات والأنشطة التي راعَت الاهتمام بكبار السن وذوي الهمم، أو الاحتفال بالأعياد والمناسبات القومية والأيام العالمية، نقاط جذب رائعة لكافة الفئات العمرية والتي ساهمت في رفع وعيهم بمكانة وتاريخ حضارتنا العظيمة.

لا شكَ أن متحف كفر الشيخ يستحق الاهتمام والحِرص على زيارته منّا عامة ومن أبناء كفر الشيخ خاصة، يجمعنا بصدق المؤرِّخ ليحكي ويوثِّق لنا بإنصاف عن عظمة وعبقرية مصر.

 

إعداد: فاطمة الزهراء مزر

زر الذهاب إلى الأعلى