مستقبل الوجود الأمريكي في سوريا.. كيف تنظر واشنطن لعلاقاتها مع الأكراد وحكومة دمشق؟

في ظل المتغيرات السياسية التي تشهدها سوريا بعد سقوط نظام الأسد، يواجه الوجود الأمريكي في سوريا تحديات معقَّدة بشأن مستقبل تحالفاتها وانتشارها العسكري في البلاد، خاصة في ما يتعلق بتحالفها مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وعلاقتها بالحكومة الجديدة في دمشق.

أمريكا تراجع استراتيجيتها في سوريا

وفق تقارير إعلامية غربية، بدأت إدارة ترامب في إعادة تقييم الوجود الأمريكي في سوريا واستراتيجيتها المسقبلية؛ حيث لم يعُد استمرار وجودها العسكري مبررًا بنفس الزخم الذي كان عليه خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع التغيرات الميدانية والسياسية.

و بحسب مجلة “فورين أفيرز”تطرح واشنطن اليوم خيارين رئيسيين إما الإبقاء على تحالفها مع “قسد” والمخاطرة بمواجهة مستمرة مع تركيا، أو التوجه نحو الانخراط التدريجي مع الحكومة السورية الجديدة لضمان تحقيق أهدافها في محاربة الإرهاب والاستقرار الإقليمي.

أمريكا والعلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية

على مدار سنوات، شكلت قوات سوريا الديمقراطية التي يسيطر عليها الأكراد الحليف الأساسي للولايات المتحدة في محاربة تنظيم “داعش”، حيث لعبت دوراً محورياً في استعادة مساحات واسعة من سيطرة التنظيم. إلا أن هذا التحالف أصبح يواجه تحديات متزايدة، أبرزها التصعيد العسكري التركي ضد “قسد”، إذ تعتبر أنقرة أن “وحدات حماية الشعب” الكردية، المكوّن الرئيسي فيها، تمثل تهديداً أمنياً لا يمكن التغاضي عنه.

وبحسب تقارير فإن واشنطن تواجه ضغوطاً متزايدة من أنقرة لإنهاء دعمها العسكري لـ”قسد”، وهو ما يضع الإدارة الأميركية في موقف حرج، حيث تسعى للحفاظ على استقرار المناطق التي تسيطر عليها “قسد” من جهة، وتجنب تصعيد مع تركيا من جهة أخرى.

دمشق كبديل استراتيجي لواشنطن

في المقابل، بدأت الحكومة السورية الجديدة في دمشق إرسال إشارات تفيد باستعدادها للتعاون مع واشنطن في ملف محاربة الإرهاب، خاصة مع بقايا تنظيم “داعش” التي لا تزال تنشط في بعض المناطق الصحراوية.

وتدرك الإدارة الأميركية أن للحكومة الجديدة نفوذاً متزايداً داخل البلاد، ما يجعل خيار التعاون معها أمراً وارداً، خاصة إذا كان سيحقق استقراراً طويل الأمد في سوريا دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر.

هل تتجه واشنطن نحو الانسحاب من سوريا ؟

التقارير تشير إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تتجه إلى تخفيف وجودها العسكري في سوريا خلال العامين المقبلين، حيث يبلغ عدد القوات الأميركية هناك نحو 2000 جندي، معظمهم في المناطق التي تسيطر عليها “قسد”. ومع تصاعد التهديدات ضد القوات الأميركية في سوريا، برزت نقاشات داخل واشنطن حول جدوى الاستمرار في هذه المهمة، خاصة في ظل تغير موازين القوى على الأرض.

سيناريوهات مستقبل الوجود الأمريكي في سوريا

يبقى السؤال الأهم هو كيف ستوازن واشنطن بين التزاماتها تجاه “قسد” ومصالحها في بناء علاقات مع الحكومة السورية الجديدة؟ من الواضح أن القرار الأميركي المقبل سيعتمد على التطورات السياسية والميدانية في سوريا، ومدى استعداد الحكومة الجديدة لتقديم ضمانات تحمي المصالح الأميركية، سواء فيما يخص ملف مكافحة الإرهاب أو النفوذ الإيراني والروسي في البلاد.

وتري المجلة أنه في ظل هذه المعادلة المعقدة، يبدو أن الولايات المتحدة لن تتخذ قراراً سريعاً بشأن انسحابها، لكنها ستواصل البحث عن صيغة تضمن تحقيق مصالحها دون التورط في مواجهة طويلة الأمد داخل سوريا.

اقرأ أيضًا: أطول خطاب في تاريخ أمريكا.. ترامب يثير الجدل بالكونجرس.. ماذا حدث؟

زر الذهاب إلى الأعلى