مشروع ملكي سكني ضخم بـ1.4 مليار دولار.. الشارقة تتحدى دبي في سوق العقارات

في خطوة تعكس تحولا استراتيجيا في توجهات الاستثمار داخل إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت مجموعة “بيئة” عن مشروعها العقاري الأول “مدينة خالد بن سلطان”، بقيمة 5 مليارات درهم (1.4 مليار دولار).
مبادرة عقارية بتمويل ملكي
ووفقا لوكالة “بلومبرج”، تمثل المبادرة، التي يقودها الرئيس التنفيذي خالد الحريمل وتتم بدعم مباشر من أفراد في العائلة الحاكمة في الشارقة، تمثل انتقالا نوعيا للشركة التي عرفت تاريخيا بأدوارها في إدارة النفايات والطاقة النظيفة نحو تطوير عمراني صديق للبيئة.
ويتضمن المشروع حوالي 1500 وحدة سكنية من نوع الفلل والتاون هاوس، بالإضافة إلى مساحات تجارية، مكاتب، ومرافق رياضية. كما يلتزم المشروع بأعلى معايير الاستدامة، باستخدام مواد بناء معاد تدويرها وبنية تحتية تُجهز لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية، في محاولة لصياغة نمط عمراني جديد في الإمارة.
الشارقة تبرز كبديل اقتصادي لدبي
وأكد الحريمل، في تصريح لـ “بلومبرج”، أن المشروع يأتي استجابة لـ الطلب المتزايد من المستخدمين النهائيين وليس من المضاربين، مشيرا إلى أن مبيعات العقارات في الشارقة قفزت بنسبة 30% في الربع الأول من عام 2025.
ويتزامن هذا الطلب المتزايد مع الارتفاع الكبير في أسعار العقارات في دبي، حيث أصبحت الأسعار أعلى بنحو 40% إلى 50% مقارنة بنظيرتها في الشارقة.
وأوضح الحريمل: “الزيادة السريعة في أسعار دبي دفعت الكثيرين للبحث عن بدائل ذات قيمة حقيقية، والشارقة تقدم ذلك بالفعل”.
على الرغم من مرونة سوق العقارات في دبي، إلا أن الأسعار شهدت ارتفاعًا في الأسعار بنسبة تقارب 70% خلال السنوات الأربع الماضية.
وقد أثار هذا مخاوف من حدوث تصحيح في السوق، ودفع الكثيرين إلى التوجه شمالا نحو الشارقة، حيث تعمل الحكومة على تقديم بديل أكثر استدامة وملاءمة للأسرة المتوسطة.
إصلاحات حكومية تشجع على الاستقرار والاستثمار طويل الأمد
من أبرز المحفزات على نمو السوق العقارية في الشارقة، الخطوات التشريعية الجريئة التي اتخذتها الحكومة مؤخرا.
فقد سمحت بتملك العقارات من قبل الأجانب في مناطق محددة، وسنت قوانين جديدة مثل تجميد الإيجارات لمدة ثلاث سنوات للمستأجرين الجدد، بهدف ضمان الاستقرار السكني وحماية القدرة الشرائية للسكان.
ويضاف إلى ذلك مشاريع عملاقة مثل مشروع الجادة الذي تبلغ تكلفته 9.5 مليار دولار أمريكي، والذي تُطوره شركة أرادَ للتطوير، وهي شركة مملوكة جزئيا لأحد أفراد العائلة الحاكمة في الشارقة وابن الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال.
ويعزز دخول “بيئة” إلى هذا السوق وجود لاعب جديد يتمتع بخبرة في البنية التحتية والاستدامة البيئية.
رؤية استدامة راسخة في قلب المشروع الجديد
وتحمل “بيئة” خبرة عميقة في الاستدامة البيئية وإدارة الموارد، وهي تسعى لتطبيق هذا النهج في مشروع “مدينة خالد بن سلطان”. وسيعتمد المشروع على أنظمة موفرة للطاقة، وبنية تحتية منخفضة الكربون، ومواد بناء صديقة للبيئة.
وعلى الرغم من أن أسعار الوحدات لم تُعلن بعد، إلا أن الحريمل أكد أنها ستكون تنافسية حتى بالمقاييس المحلية، مشيرا إلى أن معظم المشترين المرتقبين سيكونون من دول الخليج وشبه القارة الهندية. وسيتم تمويل المشروع من خلال مزيج من الأسهم والمبيعات على الخارطة.
اقرأ أيضا.. بين صمت مقلق وتصريحات متضاربة.. ترامب يؤرجح العالم على حافة الحرب والسلام
هل تصبح الشارقة المنافس القادم لدبي؟
وتُجسّد هذه الخطوة الجريئة من مجموعة “بيئة” نقلة نوعية في المشهد الاقتصادي والعمراني في الشارقة، حيث تتلاقى الاستدامة، والرؤية المستقبلية، والسياسات التوازنية في مشروع واحد.
ومع تزايد الطلب، وتوافر الدعم السياسي، وتوجه رؤوس الأموال إلى الشمال، فإن الشارقة في طريقها لتشكل نموذجا متوازنا يجمع بين التطور الحضري والحفاظ على البيئة.
وقد لا تنافس الإمارة دبي في الأبراج العالية أو الواجهات البحرية الفخمة، ولكنها تقدم جودة حياة بأسعار معقولة واستدامة حقيقية، وهي عناصر قد تجعل منها الوجهة العقارية الأولى في السنوات القادمة.